وين بورغ: إنتاج «كارتون» عـــربي لم يعد مستحيـلاً

على الرغم من المساحة المتزايدة التي أصبحت الرسوم المتحركة تحتلها من حياتنا اليومية، وما تجده من إقبال واسع من الكبار والصغار على السواء، إلا ان هذا المجال مازال بعيدا عن دائرة الاهتمام العربي، ومازالت صناعة الرسوم المتحركة في الوطن العربي تتلمس أولى خطواتها، عبر مبادرات فردية تأتي من أشخاص أو مؤسسات تحاول من جانبها وضع لبنة لصناعة رسوم متحركة عربية، لكنها تظل مبادرات فردية متباعدة تحتاج إلى التنسيق والتواصل، وربما التكتل لخلق كيان كبير ومؤثر في الساحة.

سلوكيات خطرة

أشارت الدراسات إلى أن إنتاج رسوم متحركة عربية بات يمثل ضرورة ملحة للمنطقة العربية، التي تعاني صناعة التلفزة فيها عدم النضج، مقارنة مع نظيراتها في الغرب، وفي الوقت نفسه التكاثر العشوائي للمحطات الفضائية والقنوات الرقمية المتخصصة، وقد نبهت دراسة حديثة أجراها أستاذ التربية النوعية في جامعة الزقازيق المصرية، شحتة حسني، إلى خطر برامج الرسوم المتحركة المستوردة، على تنشئة شخصية الطفل العربي التي لا تعكس الثقافة والقيم العربية، وإنما تحمل القيم والثقافة الغربية التي تؤثر سلباً في أطفالنا. وأكدت الدراسة خطورة هذه البرامج والأفلام، كونها تحتل حياة الطفل الذي يكون قضى نحو 22 ألف ساعة من وقته أمام التلفاز، وعندما يكمل دراسته الثانوية يكون شاهد خلالها 88٪ من الرسوم المتحركة، في مقابل 11 ألف ساعة فقط في غرف الدراسة. وأوضح شحتة في دراسته أن أفلام الرسوم الغربية تؤدي إلى إشباع الطفل العربي بالثقافة الغربية، وحضور شخصيات غربية في حياته تكون هي القدوة التي يتخذها في ما بعد، وهي تعمل على إعاقة النمو المعرفي الطبيعي وتقليص التفاعل بين الطفل والأسرة.

بينما خلصت دراسة أميركية أعدتها «الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال» إلى أن الطفل يقضي سنوياً 900 ساعة في المدرسة ونحو 1023 ساعة أمام التلفاز، ما يعني أن معظم الأطفال يقضون وقتاً أطول أمام التلفزيون يزيد على ما يقضونه في فصولهم الدراسية، الأمر الذي يجعل حياة الأطفال جامدة ومحدودة النشاط، قليلة الحركة، هذا إلى جانب كون معظم برامج التلفزة التي تبث في الوقت الراهن يهيمن عليها العنف والعداء والإباحية، فتكون أسوأ مثل للاقتداء به. وينبه الإحصاء إلى أن الطفل الذي يشاهد التلفزيون بمعدل ثلاث ساعات يومياً سيكون شاهد قبل بلوغه 16 عاماً ما لا يقل عن 800 جريمة قتل و100 مشهد عنف.

ويحث خبراء الأطفال حول العالم الأهل على تنظيم أو مراقبة عادات مشاهدة التلفزيون لدى أطفالهم، ومتابعة المحتوى الذي يشاهدونه، بل يذهب بعض هؤلاء الخبراء إلى تشجيع الأهل على مشاهدة التلفزيون مع أطفالهم قدر المستطاع، وشرح الأشياء لهم، وهذا من شأنه أن يساعد الأطفال على ردم الهوة بين الواقع والخيال.

من جانبها أطلقت أبوظبي ممثلة في المنطقة الإعلامية twofour54، واحدة من المبادرات المهمة في هذا المجال، وهي أكاديمية كارتون نتورك للرسوم المتحركة، التي تسعى إلى تخريج جيل جديد من صانعي الرسوم المتحركة العرب، يمتلكون المهارة والاطلاع على كل ما هو جديد في هذا المجال، بالإضافة إلى الرؤية الخاصة بهم، التي تمكنهم من تقديم أعمال تمس الواقع العربي. كما أشار الرئيس التشغيلي ونائب الرئيس التنفيذي في twofour54 وين بورغ، لافتا إلى أن إنتاج رسوم متحركة عربية أمر ممكن ولم يعد مستحيلا، كما يعتقد البعض، خصوصاً في ظل ما أظهره الشباب الذين شاركوا في الدورة الأولى من شغف وحماسة، وما قدموه من أفكار مبتكرة تحتاج إلى من يتبناها ويدعمها. معتبرا ان أهم ما يميز عمل الأكاديمية هو الاستمرارية، فهي تقوم على تقديم دورات للموهوبين من الشباب يتم من خلالها صقل ما لديهم من مواهب واستعداد. وكشف بورغ لـ«الإمارات اليوم» أن twofour54 تدريب أطلقت اخيرا مسابقة للرسوم المتحركة عبر الإنترنت. وسيحصل الفائز على دورة تعليمية مجانية ولمدة سنة واحدة في أكاديمية الرسوم المتحركة من كارتون نتورك في twofour54، تدريب في أبوظبي. ويتم تحديد الفائز من خلال الحصول على أكبر عدد من المعجبين بالرسم بعد تحميلها على الموقع الإلكتروني الخاص بالمسابقة، ليحظى الفائز بفرصة الحصول على تدريب عملي ومتخصص عالمي المستوى، ومحاضرات مع مسؤولي كارتون نتورك المتخصصين، وتتم المشاركة من خلال رسم المتسابق للعمل الفني الخاص به على الانترنت مع مزيج من العناصر المصممة مسبقا والرؤية الإبداعية الخاصة به أيضا، ثم تحميل الصورة الخاصة بالمتسابق مع كتابة التعليق.

الواقع والثقافة المحلية

أوضح المدير التنفيذي ان الدورة التي تنظمها أكاديمية كارتون نتورك للرسوم المتحركة في twofour54، تدريب، بالتعاون مع شركائها الرئيسين وهما المركز الوطني لصور الكمبيوتر المتحركة (NCAA) في جامعة بورنموث (المملكة المتحدة)، وشركة «تيرنر برودكاستينغ سيستم» (TBS, Inc)، تعد الأولى من نوعها عالمياً، إذ تمت صياغة محتويات هذه الدورة بما يتناسب مع الواقع والثقافة المحلية، لتوفر أساساً سليماً في ابتكار إنتاجات فنية جديدة تعبر عن روح الدعابة والثقافة والقيم والتراث المنبثقة من منطقتنا.

موضحا ان الدورة التي تم فتح باب القبول أمام الدفعة الثانية منها في مايو الماضي، تمتدّ على مدار عام بدوام كامل، وتتضمن المهارات الأساسية للبرنامج وهي الرسم، وبناء الشخصيات، وكتابة السيناريو، كما تنقسم إلى ثلاثة فصول دراسية. يستمر كل فصل دراسي 12 أسبوعاً. وتتضمن الدورة جلسات تدريب عملية في مختبر الكمبيوتر، ومحاضرات نظرية، ودروساً تعليمية، بالإضافة إلى مشروع عمل مستقل ودراسة ذاتية.

بالإضافة إلى ذلك سيكون هناك دروس شبكة «كارتون نتورك» الرئيسة لمدة ستة أسابيع علىأ مدار العام. وأضاف وين أن هذه المنح تصب ضمن جهودنا لدعم المواهب الإعلامية العربية الشابة. إذ نضع في twofour54، هدفا رئيسا نصب أعيننا هو توثيق علاقتنا مع الشباب المحلي والعربي، الراغبين في العمل بهذا القطاع، سواء الطلاب منهم أو المتخرجين أو المبدعين ، إذ نقوم بتشجيعهم ودعمهم لبدء العمل في هذا القطاع الذي يشهد طلباً متزايداً مع انتشار ظاهرة التلفزيونات المتخصصة بالأطفال في المنطقة. معتبراً ان قطاع الرسوم المتحركة من أكثر القطاعات ديناميكية في المنطقة وأسرعها نمواً، من هنا تبرز أهمية أكاديمية كارتون نتورك للرسوم المتحركة وفعالية دوراتها التطبيقية والعملية، نظراً كونها معدة خصيصاً للأفراد الراغبين بالعمل في هذا المجال، ولديهم شغف النجاح فيه، فالدورة ستقدم مقرراً مكثفاً على مدار العام ليكتسب المشاركون فيها المهارات الضرورية للعمل في عدد من المجالات المرتبطة بإنتاج الألعاب الإلكترونية والتلفزيون والأفلام.

الأكثر مشاركة