قراءة لـ «تغذية الشمس» في الشارقة
تفرز الخصوصية الديموغرافية للمجتمع الإماراتي ظواهر جديدة على شتى المستويات، ولا يحتاج التقاط هذه الظواهر إلى معرفة عميقة بطبيعة هذه الخصوصية وحسب، بل إلى حس مرهف يتفاعل معها، ويدرك أبعادها الإنسانية والجمالية، هذا الحس هو أهم ما ميز الإعلامي والمترجم أحمد فرحات في كتابه «تغذية الشمس ـ من الشعر الآسيوي» الذي صدر في عام 1999 عن المجمع الثقافي في أبوظبي. وقد أعاد الأديب الجزائري محمد حسين طلبي هذا الكتاب إلى الواجهة في أمسية استضافها نادي الشعر في اتحاد كتاب وأدباء الإمارات الأحد أخيرا في مقر الاتحاد في الشارقة.
ودعا طلبي في بداية الأمسية إلى ضرورة إعادة طبع الكتاب لقيمته الفنية العالية، ولما اشتمل عليه من رصد لجانب مغيب في حياة الجاليات الأجنبية المقيمة في الإمارات، وهو الجانب المتعلق بأنشطتهم الثقافية والفنية، وما عكسته تجربتهم داخل المجتمع الإماراتي على تكوينهم الروحي والفكري.
ويتضمن الكتاب قصائد لـ16 شاعراً أقاموا في الإمارات فترات متفاوتة، ثم وثقوا تجربتهم في الدولة بنصوص أدبية كان يمكن أن يبتلعها النسيان، لولا المبادرة الجريئة التي قام بها فرحات.
واكتفى طلبي في الأمسية بكلمة موجزة عرف فيها بالكتاب، ثم قرأ مختارات منه لسبعة شعراء من الهند وباكستان وإندونيسيا وتايلاند وكوريا الجنوبية وتايوان. ورغم أهمية هذه القراءات، فقد بدت الحاجة ماسة إلى دراسة أوسع تستقرئ نصوص هذه التجربة الفريدة، وتوضح معالمها، وتكشف عن أهم سماتها. والحضور بدورهم لم يلقوا إضاءات كافية حول الموضوع، بل إن بعضهم حكم على النصوص التي قرئت بأنها عادية، والبعض الآخر وجه الحوار نحو قضية بعيدة هي ترجمة النص الشعري والمشكلات المحيطة بها.
اقتربت الأمسية من ظاهرة أدبية خاصة لم تحظ بما يكفي من الاهتمام، وقد تكون مناسبة لإعادة النظر في الصورة النمطية التي تكونت في الأذهان حول الدور الذي تلعبه الجاليات الأجنبية في مجتمعاتنا، والذي لا نرى فيه غالباً أبعد من طبيعته الاقتصادية والخدمية، دون التفاتة تذكر إلى جانبه الإنساني والروحي والجمالي، ومما قرأه طلبي في الأمسية هذه القصيدة بعنوان «بحيرة الشارقة» للشاعر الهندي كومار سينغ كوجرال:
جميل أن يصنع الإنسان بحيرة إنه يلعب بالبحر على هواه إذاً يمسكه على طريقته، ويقول له: نم مشعاً هنا أيها البحر فمساحتك الزائدة هذه ستمنع غضبك إذ هالوا عليك الصخور هناك بقصد أن تأكلك يابستهم الإسمنتية. أيها البحر الذي صار لسان بحيرة صغيرة في الشارقة كم أنت جميل الآن ومباشر إذ صار بمقدوري أن أمسكك من نافورتك العالية وأقتلعك لاهياً بك من دون أن تغضب أو تنتابك وحشة عالقة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news