«أبوظبي السينمائي» يحتفي بنجيب محفوظ
أعلن مهرجان أبوظبي السينمائي، الذي تنظمه هيئة أبوظبي للثقافة والتراث عن احتفائه بمرور 100 عام، على ميلاد الروائي المصري الراحل نجيب محفوظ، من خلال تقديم الدورة الخامسة للمهرجان (13 ـ 22 أكتوبر المقبل)، ثمانية أفلام مأخوذة عن أعماله، أو أسهم في كتابة السيناريو أو القصة السينمائية لها، بنسخ أُعيد طبع وترجمة معظمها، وسيقوم المهرجان بنشر دراسة عن نجيب محفوظ والسينما، وإقامة معرض لملصقات الأفلام المأخوذة عن أعماله، فضلاً عن تنظيم طاولة مستديرة لمناقشة عناوين بارزة تخص علاقته بالسينما.
وقال عيسى المزروعي، الذي من خلال موقعه مدير المشاريع الخاصة في هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، يقود فريق المهرجان: «يغتنم المهرجان هذه الفرصة لإعادة التأكيد على أهمية الاحتفاء بفن السينما، من خلال تقديم أمثلة مهمة من تاريخ السينما، وعبر دعم الحفاظ عليها وترميمها ووضعها في متناول مشاهد اليوم».
وأضاف «أود أن أشكر وزارة الثقافة المصرية والمركز القومي للسينما في مصر على تعاونهما، الذي سيمكّننا من تقديم خمسة أفلام مختارة للاحتفالية بنسخ وترجمة جديدة، أعيد طبعها خصوصاً لبرنامج محفوظ الاستعادي، هذه العروض وفعاليات أخرى سيشهدها مهرجان أبوظبي السينمائي، تكون خاصة بنجيب محفوظ وستقدم فرصة مميزة لعشاق الأفلام والكتب في الإمارات للتمتع بأعمال واحد من أعظم كتاب القرن الـ،20 استطاع أن يترك اثراً أدبياً وسينمائياً لا مثيل له».
ماضي مصر وحاضرها
من جهته، قال المدير التنفيذي لمهرجان أبوظبي السينمائي بيتر سكارليت، إن «تصوير محفوظ حيوات شعبه رحب، وكثير التبصّر، سواء في أعماله الأولى التي صور فيها ماضي مصر العريق، أو في الأعمال اللاحقة التي ركز فيها على الطبقة المتوسطة في مصر، بحيث تصلح مقارنته ببلزاك، بما هي مقارنة لا يرقى إليها إلا قلة من الكتاب».
وأضاف أنه «في هذه اللحظة التاريخية، حيث أنظار العالم متجهة إلى الجديد الحاصل في هذه الأمة، تقدم أعمال نجيب محفوظ، الأدبية والسينمائية، وثيقة متفرّدة عما كانت عليه الحياة المصرية خلال القرن الماضي، إلى ذلك، كان محفوظ عبر مسيرته الطويلة كاتباً سينمائياً بامتياز، مستخدماً تقنيات (الفلاش ـ باك) والمونتاج المتوازي ليقدم لنا شخصيات حيّة في رواياته، وفي كتاباته السينمائية، كما في رواياته، تنقّل بحرية بين الأجناس الفنية والحقبات التاريخية، إذ كان باختصار معلّماً وخبيراً في مجالات شتّى». أما مبرمج الأفلام في مهرجان أبوظبي السينمائي والمشرف الرئيس على البرنامج الخاص بمحفوظ انتشال التميمي، فقال «أدركنا استحالة تقديم منجز محفوظ السينمائي كاملاً في هذه الاستعادة، لكننا نأمل بأن نسلط الضوء على العلامات الفارقة في المسيرة الإبداعية لصاحب (أولاد حارتنا)، و(بداية ونهاية)، والثلاثية (بين القصرين، قصر الشوق والسكرية)، لتحقيق تلك الغاية، اختار مهرجان أبوظبي السينمائي تقديم برنامج متعدّد الأوجه، يعكس تنوّع محفوظ، ويخاطب عشاقه كما هؤلاء الذين سيكتشفون سينمائي الأدب».
مسيرة
امتازت مسيرة محفوظ بنيله جائزة نوبل للآداب عام ،1988 وعلاقته بالسينما، إذ كان من أوائل الكتاب العرب الذين كرسوا جهوداً كبيرة للكتابة السينمائية، انطلاقاً من مكانة محفوظ الأدبية والسينمائية.
ولد نجيب محفوظ عام 1911 بالقاهرة، ونشر روايته الأولى عام ،1939 وواصل مسيرته الخصبة التي أثمرت أكثر من 30 رواية و100 قصة قصيرة، إلا أن مسيرته الأدبية واجهت نقطة تحوّل في عام 1994 على أثر تعرضه لمحاولة اغتيال على يد متطرف ديني، أصيب خلالها بطعنة سكين، ما أدى إلى مواجهته صعوبات في استخدام يده اليمنى لأكثر من نصف ساعة في اليوم، متسبّباً في إعاقته عن مواصلة نشاطه الإبداعي في العقود الأخيرة من حياته.
منذ عام ،1940 شكل عمل نجيب محفوظ موظفا حكوميا مصدر رزقه، متنقّلاً بين قطاعات حكومية ذات صلة بالثقافة والسينما، إذ عمل لفترة مديراً لجهاز الرقابة على المصنّفات الفنية (السينما تحديداً) ومديراً عاماً لمؤسسة دعم السينما، منذ أواخر أربعينات القرن الماضي، فبدأ الكتابة مباشرة للسينما، إذ قدّم أكثر من 25 سيناريو وقصة سينمائية أصلية.
ولم يكن نقل أعمال محفوظ إلى السينما حكراً على كبار السينمائيين المصريين من أمثال صلاح أبوسيف ويوسف شاهين وحسن الإمام وكمال الشيخ وعلي بدرخان وتوفيق صالح، بل إن عملين روائيين من أعماله «زقاق المدق»، و«بداية ونهاية» ألهما اثنين من أبرز مخرجي المكسيك، خورخي فونس وأرتورو ريبيستين.
وستتضمن سلسلة عروض مهرجان أبوظبي السينمائي أفلاماً لمعظم هؤلاء المخرجين المصريين، إضافة إلى الفيلمين المكسيكيين اللذين نادراً ما حظيا بعرض في العالم العربي، وسيحضر الفعاليات مخرجو هذه الأفلام.
وترجم معظم أعمال محفوظ الروائية للإنجليزية، ونشرت ضمن منشورات الجامعة الأميركية بالقاهرة. وبعد حصوله على «نوبل»، اتسعت دائرة قرائه عالمياً، لتشمل شخصيات بارزة.