نهيان بن مبارك وريم الهاشمي وعدد من كبار الشخصيات خلال الاحتفالية. تصوير: إريك أرازاس

تحية من الإمارات إلى مانديلا

تقديراً لمكانته العالمية رمزاً للسلام، وأيقونة للعمل الإنساني، احتفلت الإمارات أول من أمس، بذكرى ميلاد الزعيم الإفريقي نيلسون مانديلا الـ،93 وذلك ضمن حفل أقيم في مركز الخالدية التجاري في أبوظبي، بحضور الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، ووزيرة الدولة ريم إبراهيم الهاشمي، وسفير جمهورية جنوب إفريقيا لدى الدولة يعقوب أبا عمر، وعدد من المسؤولين في وزارة الخارجية.

من هو؟

ولد روليهلالا نيلسون مانديلا في 18 يوليو ،1918 وهو الرئيس الأسبق لجمهورية جنوب إفريقيا وأحد أبرز المناضلين والمقاومين لسياسة التمييز العنصري التي كانت متبعة في جنوب إفريقيا. لقبه أفراد قبيلته بـ(ماديبا) وتعني العظيم المبجل، وهو لقب يطلقه أفراد عشيرة مانديلا على الشخص الأرفع قدراً بينهم، وأصبح مرادفاً لاسم نيلسون مانديلا. دائماً ما اعتبر مانديلا أن المهاتما غاندي المصدر الأكبر لإلهامه في حياته، سواء لفلسفته حول نبذ العنف والمقاومة السلمية، ومواجهة المصائب والصعاب بكرامة وكبرياء. ولد مانديلا في منطقة ترانسكاي في إفريقيا الجنوبية. كان والده رئيساً لقبيلة التيمبو الشهيرة، وقد توفي ونيلسون لايزال صغيراً، إلا انه انتخب مكان والده، وبدأ إعداده لتولي المنصب. وعاش مانديلا فترة دراسية مضطربة وتنقل بين العديد من الجامعات، إذ تابع الدراسة بالمراسلة من مدينة جوهانسبورغ، وحصل على الإجازة ثم التحق بجامعة ويتواتر ساند لدراسة الحقوق. كانت جنوب إفريقيا في تلك الفترة خاضعة لحكم يقوم على التمييز العنصري الشامل، إذ لم يكن يحق للسود الانتخاب ولا المشاركة في الحياة السياسية أو إدارة شؤون البلاد. وبدأ مانديلا في المعارضة السياسية لنظام الحكم في لذي كان بيد الأقلية البيضاء، وفي عام 1961 أصبح مانديلا رئيساً للجناح العسكري للمجلس الإفريقي القومي. وفي فبراير 1962 اُعتقل مانديلا وحُكم عليه لمدة خمس سنوات بتهمة السفر غير القانوني، والتدبير للإضراب. وفي عام 1964 حكم عليه مرة أخرى بتهمة التخطيط لعمل مسلح والخيانة العظمى فحكم عليه بالسجن مدى الحياة. خلال سنوات سجنه الـ،28 أصبح النداء بتحرير مانديلا من السجن رمزاً لرفض سياسة التمييز العنصري.

وشغل مانديلا منصب رئاسة المجلس الإفريقي «من يونيو 1991ـ إلى ديسمبر 1997»، وأصبح أول رئيس أسود لجنوب إفريقيا «من مايو 1994ـ إلى يونيو 2000). وخلال فترة حكمه شهدت جنوب إفريقيا انتقالاً كبيراً من حكم الأقلية إلى حكم الأغلبية. وبعد تقاعده في 1999 تابع تحركه مع الجمعيات والحركات المنادية بحقوق الإنسان حول العالم. وتلقى عدداً كبيراً من الميداليات والتكريمات من رؤساء وزعماء دول العالم.

وفي 2005 اختارته الأمم المتحدة سفيراً للنوايا الحسنة.

وفي كلمته خلال الحفل، حرص الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، على توجيه التحية لمانديلا في عيد مولده، مشيراً إلى أن كلاً من مانديلا والإمارات تجمعهما رؤية واحدة تعتمد على السلام والتنمية كركيزتين لبناء الوطن وتحقيق التقدم، معبراً عن تقديره للدور الذي يقوم به الزعيم الجنوب إفريقي في مجال الأعمال الإنسانية والخيرية على مستوى العالم، ما جعله أيقونة في هذا المجال. متمنياً له دوام الصحة للاستمرار على هذا الدرب، مصدر إلهام للجميع، خصوصاً من الأجيال الجديدة.

اتسم الحفل بالمزج بين الطابعين الرسمي والشعبي، فإلى جانب الحضور الملحوظ للعديد من رجال الدولة والسلك الدبلوماسي، استقطب الاحتفال الذي أقامته سفارة جنوب إفريقيا بالتعاون مع مؤسسة «نهتم للمسؤولية الاجتماعية»، جمهوراً كبيراً من مختلف الأعمال، تجمعوا لمشاهدة تقطيع كعكة عيد الميلاد التي وصل طولها إلى 76 بوصة، تعلوها صورة كبيرة لمانديلا.

وتوجه سفير جنوب إفريقيا في الإمارات يعقوب أبا عمر، بالتحية والشكر للإمارات والمقيمين فيها للمشاركة في هذا الحدث التاريخي، ودعمهم لمسيرة مانديلا التي اتسمت بالنضال الدؤوب لجعل العالم مكاناً أفضل للعيش فيه. بينما اعتبرت المنسق المقيم للأمم المتحدة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إليسار صروع، أن مسيرة مانديلا هي سيرة للحياة بأكملها.

وأشار رئيس مجلس إدارة مؤسسة «نهتم» الاجتماعية أن الاحتفالات بميلاد مانديلا قد تكون انتهت هذا العام، ولكن الروح ستستمر. وأضاف: «نحرص في مؤسستنا أن نلهم كل فرد يعيش في الإمارات، والجيل الجديد بشكل خاص، أفكاراً جديدة لخدمة المجتمع، وهو ما يتفق مع رؤية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان». واعتبر الرئيس التنفيذي للمؤسسة، جورج اييتي، أن الاحتفال يشكل خطوة نحو هدف أكبر لتوعية الناس بأهمية العمل الاجتماعي والإنساني، وما يمكن أن يضيفه هذا العمل إلى حياتهم ومجتمعاتهم.

وكانت الاحتفالات بمولد مانديلا الـ،93 قد انطلقت في الإمارات في 12 يوليو الجاري تحت شعار «67 طريقة لخدمة المجتمع»، هو الشعار الذي حملته احتفالات العالم بذكرى ميلاد الزعيم الإفريقي الذي اعلنته الأمم المتحدة يوماً عالمياً في نوفمبر ،2009 إذ يشير الرقم 67 إلى عدد السنوات التي قضاها مانديلا في أداء مهامه الإنسانية من دون أي انقطاع.

وتضمنت الاحتفالات عدداً من الفعاليات التي نظمتها سفارة جنوب إفريقيا بالتعاون مع مؤسسة «نهتم» للمسؤولية الاجتماعية، من أهمها توجيه دعوة مفتوحة لجميع الأفراد في المجتمع للتبرع بما لا يقل عن 67 دقيقة من وقتهم لخدمة مجتمعاتهم، من خلال العديد من أشكال العمل التطوعي التي تتوافق مع طبيعة واحتياجات كل مجتمع، ويمكن القيام بها في كل مكان من حولنا. كما تضمنت الفعاليات الكشف عن لافتة ضخمة من القماش بطول 67 قدماً، تم تعليقها في ساحة الخالدية مول في أبوظبي، تجسد قصة مصورة لحياة نيلسون مانديلا منذ ولادته وحتى يومنا هذا، إذ قام أفراد من الجمهور من مختلف الجنسيات والأعمار بكتابة رسائل إلى مانديلا على هذه اللوحة، على أن يتم تقديمها إلى مانديلا هدية في عيد ميلاده في جنوب إفريقيا. ومن المقرر أن يتم إعداد كتاب خاص يتضمن قصص وتجارب أشخاص شاركوا في الاحتفال، يوضحون فيها الأعمال الخيرية التي قاموا بها في هذه المناسبة، على أن يتم توزيع الكتاب على نطاق واسع حتى يصبح مصدر إلهام للآخرين للانخراط في العمل التطوعي.

الأكثر مشاركة