الثورات أصدق إنباء من المسلسلات في رمضان
هل ينصرف المشاهد العربي هذا العام عن دراما المسلسلات خلال شهر رمضان، ويتفرغ لمتابعة الأخبار والنشرات عن «مسلسل الثورات والانتفاضات» في شوارع وميادين عربية عدة، أم يعود إلى طبيعته الرمضانية، معتبراً الشهر الفضيل فرصة للاستراحة من الجدل الدائر حول «الربيع العربي» منذ شهور عدة، وهل يستطيع المشاهد رؤية ممثلين وفنانين وضعت أسماؤهم في قوائم سوداء ــ حسب تصنيف البعض ــ بعدما أعلنوا انحيازهم لطرف على حساب آخر، و«خانوا» شعوبهم كما يرى البعض.
حنان عبدالله قالت: «لن احتمل مشاهدة بعض الفنانين، لأنهم ببساطة جعلوني اشعر أنهم كذبوا علينا طوال السنوات الفائتة في ما قدموه من أعمال». بينما لن يرضى محمد الباشا ان يستمع لنص «اقل من مستوى نص الثورات»، والحال ليست بعيدة عن دعاء طه «لا يمكن ان اتقبل ان اشاهد اعمالاً درامية من دون المستوى، لن احتمل مشاهدة فنانين وقفوا ضد الثورة في بلادهم».
في المقابل، ينتظر عدد من المشاهدين التقتهم «الإمارات اليوم» دراما رمضان كي يرتاحوا من مشاهد الدماء، وجنازات الشهداء المحمولين على الأكتاف، فعفراء المهيري قالت «لم أتخيل ان أرى هذا الكم من الضحايا الذين رأيتهم خلال الفترة الماضية، وآن الأوان لأخذ استراحة من تلك المشاهد».
تأثير
هيثم أبوعطية
من جانبه، قال منسق البرامج الرئيس في مركز حماية وحرية الصحافيين في عمان هيثم أبوعطية «لا أعول كثيراً على تأثير الثورات في الأعمال الدرامية العربية بصورة عامة باستثناء الأعمال الدرامية المصرية التي باتت تملك مساحة من الحرية أكبر، وأصبح الحديث عن الثورة والبطولة عملاً يتسابق عليه الفنانون، سواء كانوا مؤيدين للثورة أو أصبحوا يتغنون بأمجادها بعد نجاحها».
وأضاف «أما الأعمال السورية التي بفي اعتقادي الأهم من حيث الدراما فبعض المسلسلات مثل (بقعة ضوء) أتمنى أن أرى استمراره بالنهج السابق نفسه والتركيز على الواقع في صورة كوميديا سوداء، إلا أنني أعتقد أن مقص الرقيب سيكون بالمرصاد هذه المرة»، مؤكداً «المشاهد العربي بعد ما مر به خلال أشهر الربيع العربي منذ بداية السنة بات يتوقع أن يشاهد أعمالاً تجسد الواقع الراهن، ولا تتغنى بالتاريخ كسابق عهدنا.. فالأيام الراهنة، والجيل الحالي أثبت انه قادر على التغيير وله الحق في أن توثق حياته بالأعمال الدراميـة».
فيما ترى سارة المنصوري أن مسلسل الدم والقتل والشهداء «جعلني آخذ موقفاً مسبقاً من المسلسلات ومن بعض الممثلين الذين وقفوا ضد هذا الدم»، مضيفة «قررت ألا اقبل ان يتم خداعي من خلال اعمال درامية وممثلين يقدمون نماذج للنخوة والشهامة، بينما هم بعيدون كل البعد عنها»، مؤكدة «سأكتفي بمشاهدة الأعمال الخليحية فقط، بعد ان كنت متيمة بالأعمال السورية».
واتفق مع سارة، اياد الزبيبي، موضحاً «أنا من تونس وكنت متيماً بالأعمال الدرامية المصرية والسورية.. وأعلم ان كثيراً من الأعمال تم انتاجها قبيل الربيع العربي، ولن تكون على مستوى الثورات، الا انني اعلم ايضاً ان فنانين يعملون في هذه الاعمال وقفوا ضد الشعوب التي تطالب بالحرية، فكيف لي ان أشاهدهم؟»، مضيفاً «كل يوم نطالع مسلسلاً واقعياً لا يحتاج الى فنانين مشهورين ولا مخرج متمرس، يحتاج فقط الى مشاهدين كي يفرقوا بين الحقيقة والكذب».
الأخبار أولاً
فارس حلو
لن يقبل المشاهد العربي، حسب الفنان السوري فارس حلو المعارض للسياسة القمعية على حد تعبيره ضد الشعب الشوري، أن يتابع اي عمل من دون المستوى الذي قدمه الفرد العربي الثائر المطالب بالحرية، وقال «لن يقبل المشاهد ان يرى ممثلاً يقدم دوراً عن النخوة والعدالة، ويقدم حياته فداء للوطن، مثلما فعل بوعزيز عندما حرق جسده وتناثر شرارة على اقطار عربية عدة، لن يقبل ان يرى نصاً اقل من مستوى النص الذي يتلخص في (حرية وبس)».
ورأى كميل الصافي ان الأخبار هي التي ستستمر، وستحظى بنسبة مشاهدة أكبر «فهي مسلسل واقعي وحقيقي وليس فيه اي ادعاء.. وشخصياً لن احتمل مشاهدة اي مسلسل يتغنى بأمجاد الماضي ولا يتناسب مع ما حقق شباب الثورات العربية والتضحيات التي قدموها».
بينما يرى الناقد المصري أحمد النجار أن «المشاهد الذي ثار لاسترداد حريته وسعى لتحطيم التابوهات الفاسدة ودفع كل التلفزيونات ووكالات الأنباء العالمية إلى متابعة أخبار ثورته لحظة بلحظة، هو مشاهد من نوع خاص لن تفلح معه أساليب الجذب الرخيصة التي تلجأ إليها المحطات لإبعاده عن متابعة الأخبار والبرامج السياسية التي احتلت مقدمة اهتماماته بعد انفجار الثورات العربية».
في المقابل، وجدت ماجدة جسار أن شهر رمضان «سيكون راحة من كل كمية الدماء والقتل التي شاهدتها منذ بداية العام الى هذه اللحظة، وسأتفرغ فيه للعبادات والدعاء لنصرة المظلومين وتسلية النفس من خلال مشاهدة بعض الأعمال الدرامية، لكني سأركز على الخليجية منها».
أعمال غير مواكبة
قسمت الفنانة والمنتجة المصرية إسعاد يونس القضية بين الأعمال الفنية والمشاهد، فالأعمال في رأيها «ستكون مكررة لأنها أعدت منذ العام الماضي، وبالتالي لن تكون مواكبة للأحداث، سواء كانت جادة أو مسلية واستهلاكية، بينما المشاهد مختلف، فهو الخائف على وطنه المتأزم مادياً، وغير المستقر سياسياً وغير آمن على أسرته اجتماعياً، وهو في كل الأحوال قلق وغير آمن ومنهك للغاية».
وترى أن «الثورة غيرت أشياء إلا أنها لم تطل الدراما بعد، وعليه فستكون هناك فجوة بين متلقي العام الماضي ومتلقي هذا العام، والكثير من النقد والاعتراض إما بفعل الرغبة في التغيير أو بفعل الملل، وسنجد انصرافاً تاماً عن كل شيء في حال ورود أنباء عاجلة مهمة وخطيرة».
وبدورها، قالت زينب عبدالغفور «بصراحة شهر رمضان سيكون راحة بالنسبة إليّ لأنني قررت ان آخذ اجازة من مشاهدة الاخبار المؤلمة والتفرغ لطقوس رمضان بشكل كامل.. نحن خلف الشاشات اعصابنا تلفت ونستحق راحة المحاربين».