راندا حجاج..على خطى «بهية»
تستوحي مصممة الازياء المصرية راندا حجاج، أفكار تصاميم أزيائها من صميم الثقافة المصرية المتجذرة عبر الاجيال ورموزها، وتقول إن «بعض شخصيات فيلم (العصفور) المثير للجدل، للمخرج الراحل يوسف شاهين، خصوصاً شخصية (بهية) التي جسدتها الفنانة محسنة توفيق، كانت ملهماً كبيراً لها، واستوحت منها أفكاراً وتصميمات لاثواب وعباءات».
وأضافت أنها حققت أهدافها في إبراز جمال المرأة المصرية من خلال عرض جماليات ما تلبسه من خلال انتهاجها خطاً غير مسبوق في تصميم وعرض الازياء والملابس النسائية التي تعبر بصدق عن البيئة التقليدية والشعبية في مصر، وانها نجحت في توظيف تشكيلة واسعة من انواع الانسجة والاقمشة والالوان للتعبير عن هذه البيئة، لاسيما منطقة العريش شمال سيناء.
نجحت راندا في المزاوجة بين الاثواب والتقليدية والشعبية وخيوط الموضة العصرية والازياء الحديثة، للوصول إلى ملابس تجمع بين الحداثة والاناقة والبساطة، مؤكدة أن كلمة «بهية» تعد في رايها مصدراً للالهام والجمال والاشعاع. وقالت «أشعاع فيلم (العصفور)، واشعار احمد فؤاد نجم واغانيات رفيق دربه الراحل الشيخ إمام الى مصر بكل ثقلها الثقافي والحضاري والفكري والفني والسياسي والعسكري، وان هذا الاشعاع يجب ان يمتد الى الازياء، إذ يجب عليها ان تعكسه». وتضيف «لقد كافحت بكل ما أوتيت من قوة وجهد وامكانات لتحقيق التوازن والتوافق بين نظريات الازياء العصرية وخيوطها الحديثة وهويتنا وملابسنا الشعبية كمصريين، وقد نجحت في هذا في ما يتعلق بتصميماتي لازياء جديدة لمنطقة شمال سيناء».
تأثر لا يوجد مصمم محلي تستلهم راندا منه تصميماتها، وعن هذا تقول«لدينا الكثير من المصممين الذي يصممون أزياء السهرة أو الهوت كوتور مثل ملك العزاوي وهاني البحيري وسوشا وبالنسبة لي فأنا أرى أننا بحاجة لمصممين يبتكرون أزياءً للخروجات العادية وللنهار، ولهذا فأنا متأثرة أكثر بمصممين عالميين مثل المصمم الياباني كينزو لأنني أشبهه كثيراً فأنا أحب العلوم الإنسانية والسفر، وسافرت من قبل إلى فيتنام وكمبوديا والهند وتأثرت بكل هذه الأماكن، وكذلك فعل كينزو فهو يتأثر أيضاً بكل مكان يذهب إليه حتى انه قام من قبل بإطلاق مجموعة تتضمن الجلابية المصرية الفلاحية، لكن بشكل رائع. كما تأثرت أيضاً راندا بالمصمم الإيطالي بوديجا فانيتي لأن تصميماته سلسة وبسيطة جداً تخلو من الدندشة، وهذا المزيج هو الذي تطمح راندا في الوصول إليه: ثقافة كينزو وبساطة وعالمية بوديجا. |
وأشارت الى أنها مصممة ازياء تمضي جزءاً كبيراً من وقتها في البحث عن افكار وتصميمات جديدة لترجمتها في الواقع إلى أزياء نسائية جذابة تواكب النهضة العالمية واحدث خيوطها في مجال الازياء النسائية، مع الحفاظ على التراث الشعبي المصري المستمد من ثقافة مصر، الذي يعبر عنها، وان من المهم بالنسبة لها أن تتجول في مختلف المحافظات والمناطق المصرية للالتقاط الافكار التي تساعدها وتلهمها في مهنتها.
وقالت راندا إنها حققت نجاحاً كبيراً في العروض التي قدمتها في القاهرة ودبي من خلال مجموعاتها «فلاحة»، و«منديل» و«شروال»، التي تتضمن قطعاً ورموزاً في عمق تقاليد الفلاحين المصريين وبدو سيناء وحياتهم وملابسهم، وتخطط بهية للتعاون مع الفنانات المصريات في تصميم الازياء المصرية التي تجمع بين التقليدية والحديثة، بعد نجاح تجربة تعاونها مع الممثلة منة شلبي في هذا الشأن، وتقول إنها تعتقد ان المجتمع المصري بتنوع شرائحه غني بالافكار والثقافة والتقاليد، ما سيسمح لها بالتعامل مع جميع الطبقات والفئات والتعبير عنها من خلال عروض أزيائها العصرية، من غير ان تفقدها روحها الشرقية التي تسميها «بهية».
تهتم راندا في تصميماتها بإحياء الموروث الشعبي، لهذا فهي دائمة البحث والذهاب للمتاحف والمراكز حتى تسمع القصص وتتعرف إلى الحكايات والشخصيات التي من شأنها مساعدتها في تصميماتها المميزة، وقد بدأت راندا مجموعتها الأولى لشتاء 2010-2011 من سيناء والعريش، فهي تذهب إلى سيناء كل أسبوع بالسيارة مع زوجها، وتجلس مع البدو حتى تسمع منهم الحكايات المختلفة، إضافة إلى أن المجموعة الشتوية كلها قائمة على التطريز السيناوي الشهير، فشمال سيناء مشهور جداً بالتطريز لدرجة أنه توجد نحو 160 وحدة تطريز في شمال سيناء، كما أن قطعة القماش قد تستغرق شهراً كاملاً حتى يتم تطريزها، إضافة إلى أنه مكلف جداً. وتشمل المجموعة الجديدة لراندا الجاكيت والجيليه «نص كم» والفستان القصير الذي يمكن أن يكون تونيكاً بالناسبة للمحجبات والـ«كوبي شو» الطويل والبلوزة البيضاء التي يمكن أرتداؤها تحت كل هذه القطع. إضافة إلى الشال المطرز والحقيبة، وكلاهما مستوحى من الـ«سجاعة» وهي غطاء رأس ترتديه النساء، وبه جزء خلفي يغطي الرأس من الخلف وبها جيبان لوضع النقود.
لم تكن راندا تتخيل أن تنفيذ التصميمات سيكون بهذه الصعوبة، فعلى الرغم من أن العاملين بالمركز هم من يقومون بالتنفيذ على أكمل وجه إلا أن من الصعب أحياناً أن توحد كل القطع، وهو ما يعتبر غير مقبول بالنسبة للإنتاج العالمي أو للتصدير، لكن خبرة راندا التي اكتسبتها في العمل في مجال الأزياء في دبي ساعدتها على ضمان المستوى وثبات معايير الجودة في منتجاتها، كما ساعدها على التسويق بشكل ممتاز لتصميماتها. تضيف راندا: لدينا في مصر مشكلة صغيرة تتعلق بالتوزيع، فالواسطة موجودة أيضاً في مجال الأزياء، وهذا يعني أنه يجب أن يكون لدي معارف حتى أستطيع عرض تصميماتي في أماكن جيدة.