إسطنبول حداثة بنكهة الماضي
تنفرد إسطنبول بأنها المدينة الوحيدة في العالم التي تمتد فوق قارتين هما آسيا وأوروبا، يفصل بينهما مضيق البوسفور. وهذه ليست السمة الوحيدة التي تجعل هذه المدينة من أفضل وجهات السياحة في العالم، إذ ثمة سمة اخرى تتمثل في شموخ المباني القديمة إلى جانب العصرية في انسجام محبب، بل ان المساجد التركية المنتشرة في إسطنبول توحي بأن المجد الذي عاشته هذه البلاد ايام عصرها الذهبي لم تتخلله فترات انحطاط وضعف نجم عنها تجاهل تلك الصروح ونسيانها، إضافة الى ان هذه المدينة تحوي عددا كبيرا من المتاحف والمقاهي والمطاعم التي يفضلها السياح.
صروح
تنتشر الصروح العثمانية بإسطنبول على نطاق واسع، وهي عبارة عن قصور السلاطين والدور الحكومية بصورة أساسية، إضافة إلى المساجد التي يزيد عددها على ،2000 وهي متشابهة من حيث الشكل اذ يتضمن المسجد الواحد العديد من المآذن التي تأخذ شكل قلم الرصاص، إضافة الى القباب العديدة المتفاوتة الحجم، ومن اشهر المهندسين المعماريين الذين أشرفوا على بناء هذه المساجد المهندس المعماري الشهير سنان باشا. ويعتبر مسجد أيا صوفيا (القديسة صوفيا)، الذي كان كنسية في الماضي من اشهر المساجد في اسطنبول، وقد حوله العثمانيون بعد فتح القسطنطينية الى مسجد، وتم الحفاظ على الزخرفات والتزيينات ولوحات الموزاييك التي كانت تزين الكنيسة، حتى ان الصلبان مازالت على حالها حتى الان، وعلى الرغم من ان معظم المساجد القديمة تحولت الان الى متاحف يدخلها السياح، إلا ان هناك بعضها الذي لايزال تقام فيه الصلاة مثل مسجد السلطان أحمد، الذي يسمح بدخول السياح اليه، وتقام به الصلاة. ومن المباني الأخرى المثيرة للاهتمام في اسطنبول، ذلك الذي شيده الامبراطور جوستنيان، ويقع تحت الارض يمتد الى مساحة واسعة جدا، وكان الهدف منه جمع المياه الجوفية، نظرا لشح المياه بالمنطقة.
سياحة
من الواضح أن الأتراك يدركون جيدا أن السياحة هي نفط المستقبل، فقد اهتموا بتأمين كل ما يحتاجه السائح، سواء كان من محبي السياحة التاريخية، أو المناظر الطبيعية الخلابة أو سياحة التسوق. ويوجد في إسطنبول العديد من مراكز التسوق التي تؤمن للسائح الحصول على ما يبتغيه، سواء كان من الماركات العالمية الشهيرة أو المنتجات العادية. وهناك البازارات الشعبية، إذ يستطيع السائح ان يجد فيها منتجات وأطعمة وحلويات تشتهر بها تركيا اكثر من غيرها. وفي هذا السياق لا يمكن المرور بسهولة دون ذكر شارع الاستقلال الواقع في الجزء الاوروبي من اسطنبول، ويمكن ان يمضي السائح في هذا الشارع يوما كاملا دون الشعور بالحاجة الى مغادرته حيث توجد المقاهي التي تقدم الشاي التركي والشيشة، إضافة الى المطاعم والمتاجر المتنوعة والمتعددة ويمكن استخدام الترام الكهربائي التقليدي من اجل التنقل في هذا الشارع الكبير ذهابا وإيابا.
طبيعة
أما في ما يتعلق بطبيعة إسطنبول، فإنها تتميز بالروعة والبهاء، ما يجعلها رافدا قويا لشهرة المدينة السياحية، إذ تنتشر الأشجار بكل مكان، وجبالها المغطاة بالأخضر تحتضن البحر الذي يفصل بين شطري المدينة الاسيوي والاوروبي، وتنتشر فيها العبّارات الضخمة التي تنقل الركاب بين شطري المدينة رغم من وجود جسرين معلقين عملاقين يزيد طول القديم على 1000 متر والحديث على 600 متر.
ويتبادر للوهلة الاولى أن الشطر الاسيوي أقل جمالا وتطورا من الأوروبي ولكن عندما يترجل المرء من العبارة ويبدأ السير في شوارع المدينة ويصل الى شارع بغداد فإنه يفاجأ بأنه لا يقل روعة عن الشطر الاوروبي، وربما يفوقه جمالا ونشاطا، وهنا لابد من القول إن زيارة واحدة ليست كافية، للوقوف على مدى سحر هذه المدينة، وما تحويه من مصادر جذب وانبهار لكل من يزورها.
ولكن الامر الغريب الذي يخطر على بال كل سائح يزور اسطنبول، أنه من النادر العثور على شخص يتقن الانجليزية، ما يسبب التوتر في بعض الاحيان عندما يفشل المرء في التفاهم مع الباعة أو في المطاعم أو حتى المتاحف. ولا أدري لماذا يفترض الاتراك أنه يتعين على كل من سيأتي لزيارة بلادهم ان يتقن اللغة التركية، لذلك فإنهم لا يكلفون أنفسهم عناء إتقان أي لغة أخرى.