اعتبروا توافر النص الجيد أزمة مزمنة
مسرحيون: قلة « الخشـبات » أبرز مشكلاتنا
قال مسرحيون إماراتيون إن «حالة الازدهار التي شهدها المسرح الإماراتي في المرحلة الأخيرة هي نتاج سياسة تلقائية عرفتها المسارح المحلية، تتيح بشكل تلقائي للشباب الاشتراك بفاعلية في نتاجاتها، في مقابل مسارح لدول أخرى لاتزال متمسكة بفكرة المسرحي النجم، ما يجعل معظم الأعمال تدور في فلك أسماء بعينها».
وأشاروا إلى فوز عدد من المسرحيات الإماراتية التي يلعب أدوار البطولة فيها ممثلون شباب، أو غير مصنفين على أنهم نجوم قبل مشاركتهم في الأعمال الفائزة، لكنهم أجمعوا في الوقت ذاته على وجود إشكالية حقيقية في ندرة النص المسرحي الجيد، ما جعل الكتابة المسرحية تكاد تكون مقتصرة على أسماء محدودة، فضلاً عن وجود إشكالية تلح عليها الكثير من الفرق، متعلقة بعدم وجود قاعات مسرحية مجهزة تقبل بسهولة استقبال التمارين المسرحية، فضلاً عن العروض الجماهيرية.
الفنان بلال عبدالله لفت إلى ما اعتبره مأساة حقيقية يعيشها الفنان المسرحي عموماً، وليس الشباب منهم خصوصاً، مضيفاً لـ«الإمارات اليوم»، «هناك واقع سيئ يعيشه المسرحيون المنتمون إلى أحد أهم وأعرق المسارح الأهلية في الدولة، وهو مسرح دبي الأهلي، الذي حل ضيفاً مؤقتاً على النادي الأهلي في دبي منذ أكثر من 25 سنة، كمرحلة انتقالية تسبق بناء أو تخصيص مقر خاص له، من دون أن يتم ذلك، واستمر الجميع قابعاً في بناء خشبي أصبح منذ سنوات متهالكاً ونخره السوس، وأصبح غير آمن على من بداخله، سواء كانوا مخضرمين أو شباباً، وهو ما يعني أن الإبداع حتماً في مأزق حقيقي».
متى الرحيل؟ تساءل عدد من أعضاء مجلس إدارة مسرح دبي الأهلي عن موعد الرحيل من نادي الأهلي الذي وفدوا إليه مؤقتاً، قبل نحو ربع قرن منذ تأسيس المسرح في كيان خشبي داخل حدود النادي، مشيرين إلى أن نشاطات الفرقة المسرحية بالكامل تضيع هباء في جهود استجداء خشبة تصلح لعرض أعمالهم، وهو الأمر الذي ترفض معظم المسارح توفيره إلا بمقابل مادي تعجز ميزانية «دبي الأهلي» عن توفيرها. وأكد رئيس مجلس إدارة مسرح دبي الأهلي يوسف بن غريب آل محمود، أن الأمر تجاوز الرغبة في انتقال يساعد على احتضان الإبداع، إلى مجرد الفرار بسلامة وأمان الشباب وأعضاء المسرح إلى مكان آمن، مؤكداً أن حالة الخشبة أصبحت مزرية. الفنان عمـــر غباش عضو مجلس إدارة دبي الأهـــلي أيضاً، أشار إلى مأساوية الوضع داخل «الكشك الخشبي»، على حد تعبيره، مؤكداً أن الكـــثير من المشروعات المتعلقة باستضافة دورات تدريبية وورش مسرحية، فضلاً عن تمارين الأعمال التي يتبناها المسرح للمشاركة في المهرجانات المختلفة، أصبـــحت في مهب الريح، بفعل الوضع السيئ لـ«البناء الخشبي» الذي يشير معنوياً إلى كــيان أحد أهم المسارح الإماراتية وأعرقها، متسائلاً أيضاً عن موعد الرحيل وانتهاء فترة الاستضافة المؤقتة في النادي الأهلي. |
مبادرة
على الرغم من ذلك أكد بلال أن الرسالة تقتضي السعي إلى نقل الخبرات للأجيال الشابة، وهو ما دفعه إلى المبادرة بتقديم دورة تدريبية بعنوان «الممثل الواعد» خلال الفترة الماضية، مشيراً إلى أن هناك الكثير من المعوقات التي تعترض طريق المسرحيين الشباب، أولها عدم المراهنة بهم في كثير من الأعمال التي يختار أصحابها استثمار الوجوه المعروفة، في ظل عدم دافعية الكثير منهم لتدعيم مواهبهم المسرحية بشكل أكاديمي وعملي ممنهج.
الممثل والكاتب الشاب طلال محمود الذي شارك في جهود كلفه بها بلال عبدالله لتدريب الشباب الواعدين، منها كتابة سيناريو للمشاهد المسرحية محور التدريب، فضلاً عن الأرشفة للدورة، أكد من جانبه أن هناك أسماء محدودة لا تتردد في دعم وتقديم النصح والمشورة للفنان الشاب، لكنه أكد في الوقت نفسه أن هذا الدعم يفتقد المنهجية، ويتم بشكل مبادرات فردية، لافتاً إلى أن هناك الكثيرين من الشباب ممن يملكون مواهب وخامات جيدة في مجال الكتابة للدراما، سواء المسرحية أو التلفزيونية، دون أن يتم احتضانها بشكل يمكن ان يقضي على ما يعتبره البعض أهم مشكلات الدراما الإماراتية المزمنة، وهو النص الجيد.
وتابع محمود «تتعرض بعض المسرحيات التي ينجزها الشباب لضغوط كثيرة مرتبطة في وجود قاعات مسارح مستعدة لاستضافة عروضها»، مشيراً إلى الإشكالية التي وجدها طاقم مسرحية «شقة مفروشة» في عمله، بعد أن قرر عرضه في عيد الفطر الماضي، فلم يجد أمامه بعد اعتذار مجالس إدارات مسارح عدة عن عدم استقبالهم، سوى قاعة مسرح دبي الأهلي التي تفتقر أي تجهيزات لاستقبال الجمهور.
مساندة
رئيس مجلس إدارة جمعية المسرحيين الفنان إسماعيل عبدالله، أكد أن الجمعية تساند دائماً كل ما من شأنه تجديد دماء المسارح الإماراتية، بما في ذلك دعم المواهب الشابة، وتفعيل دورها من خلال العمل على توفير فرص حقيقية لها، سواء من خلال التنسيق مع الفرق المسرحية المختلفة، أو توجيه الدعوات لهم للمشاركة في العديد من المهرجانات والفعاليات المسرحية المختلفة، سواء داخل الدولة أو خارجها، من أجل اكتساب خبرات جديدة وزيادة فرص الاحتكاك بثقافات مسرحية متنوعة، بالإضافة إلى دعم توفير فرص جيدة للدورات المتخصصة.
عبدالله الذي يشغل أيضاً منصب الأمين العام للهيئة العربية للمسرح، أكد أن قضايا مسارح الشباب تعد إحدى الأولويات التي تسعى الهيئة للتعامل معها، من خلال كل حالة على حدة، حسب معطياتها، مشيراً إلى أن «المسرح الإماراتي يعد متميزاً في سياق توفير فرص حقيقية لمشاركة الشباب، ليس من خلال أحد المهرجانات المتخصصة فقط في تلك المرحلة العمرية وهو مهرجان دبي لمسرح الشباب، بل في مختلف المهرجانات الأخرى مثل أيام الشارقة المسرحية، ومهرجان مسرح الطفل وغيرهما، إذ نجد مشاركة الشباب في الكثير من تلك الأعمال جوهرية ومبدعة».
واعترف عبدالله الذي يعد أحد أكثر الأقلام المسرحية غزارة بأن هناك مشكلة تتعلق بتوافر النصوص الجيدة أمام أي مشروع مسرحي، لكنه لفت أيضاً إلى أن جمعية المسرحيين تتلقى بشكل دائم مشروعات سيناريو من كتّاب مبتدئين، ويبادر من خلالها الكثير من الكتاب المخضرمين بتوجيه الكتاب الشباب، متوقعاً أن يؤدي تواتر تلك التجارب مع زيادة الدعم والتوجيه للكتاب الشباب.
رئيس مجلس إدارة مسرح دبي الشعبي الفنان عبدالله صالح، الذي يعد واحداً من أكثر الفنانين المهمومين بقضايا المسرحيين الشباب يحرص بشكل دائم على دعم الأعمال الشابة، ليس فقط من خلال توجيه المخرجين والممثلين الشباب المنتمين إلى مسرحه، بل أيضاً عبر تخصيص بعض مسرحياته ليقوم بإخراجها مخرجون شباب معظمهم يقوم بتجربة الإخراج للمرة الأولى، وهو ما اعتبره صالح «أحد أهم أساليب رد الدين للخشبة الإماراتية التي يسبغ عطاءها جميع الفنانين الإماراتيين، سواء من تألق منهم مسرحياً أو تلفزيونياً»، حسب تعبيره.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news