جابر نغموش.. فنان تلقائي بالفطرة
قبل أن تشق الحركة الفنية طريقها وترى النور في الدولة، عشق جابر نغموش الفن وتعلق به منذ أيام الكشافة في المدارس والأندية، مروراً بحفلات السمر الشتوية. وفور انطلاقتها التي سبقت ميلاد دولة الإمارات العربية المتحدة، عايشها، فكان من مؤسسي الفرق المسرحية، وقدم أول عمل مسرحي له على خشبة مسرح عمان، في رأس الخيمة، بعنوان «غلاء المهور دَهور الأمور» عام ،1969 واتجه إلى الشاشة الفضية عام 1974 ليشارك في أول عمل تلفزيوني مسجل في أبوظبي بالأبيض والأسود «قوم عنتر».
ورغم إيمان نغموش الكبير بأن «الفن ما يأكل عيش»، إلا أنه آثر المضي في الطريق الذي رسم ملامحه بنفسه، متسلحاً بموهبةٍ لم تأتِ من دراسة فن التمثيل في معهدٍ متخصص، بل نبعت من فطرةٍ ربانية قائمة على العفوية والتلقائية، التي ميزت أعماله، واستمر في عطاءاته متجاوزاً المحن والصعوبات، حتى نجح في تكوين بصمة خاصة به في الساحة الفنية.
وأحدثت الشراكة الإبداعية التي جمعت ما بين الكاتب الإماراتي جمال سالم والفنان جابر نغموش، والتي بدأت في المسرح، وتحديداً في مسرحية «شمبريش»، التي حصل من خلالها نغموش على جائزة أفضل ممثل، في الدورة التي شارك فيها في مهرجان الشارقة المسرحي، وتلتها «فراش الوزير»، نقلة نوعية في مسيرته الفنية، الأمر الذي ظهر جلياً في أول عمل درامي جمعهما تحت عنوان «حاير طاير»، الذي نجح نغموش من خلال أجزائه الخمسة في أن يصبح أحد اللاعبين الكبار، في ملعب الكوميديا المحلية والخليجية، على حد سواء، هذا إلى جانب باقة من الأعمال الكوميدية التي قدمها نغموش مع جمال، ومنها «عيال الفقر»، و«عمى ألوان»، و«حظ يا نصيب»، و«المقاريد».
ولم تثمر الشراكة الإبداعية بين جمال ونغموش، تأكيد احتراف الأخير العمل الكوميدي فحسب، بل تقديمه ممثلاً تراجيدياً من الطراز الأول، الأمر الذي ظهر جلياً خلال تجسيده بعض المشاهد الحزينة في «حاير طاير»، وتحديداً في مسلسل «جمرة غضى»، لصدق أدائه وروعة إتقانه الدور، الذي أبكى المشاهدين، بعدما اعتاد أن يرسم البسمة على وجوههم، ليثبت أنه فنان كوميدي متميز وتراجيدي بارع. ويضم رصيد نغموش الفني باقة منوعة وزاخرة من الأعمال التلفزيونية والمسرحية التي شهدت انطلاقته، إلا أنه ابتعد عن خشبتها، لعدم توافر النصوص التي تعمل على تطويره وتقديمه جديداً يضاف إلى رصيده الفني الذي يزيد على الـ40 عاماً. بعيداً عن التمثيل، يقضي نغموش الذي يطل على شاشة رمضان الجاري في مسلسل «طماشة 3»، أوقات فراغه في العزف على العود، وإلقاء أبيات شعر من تأليفه، أشبه بكلمات بسيطة يدندنها، يصلح استخدامها في الأعمال المسرحية، على حد قوله. كما أن لنغموش كتابات لم تخرج إلى النور حتى الآن، حيث «تحتاج إلى كاتبٍ يلملمها».