45 عملاً للسوري عبود سليمان في معرض بدبي
«عرائس النهر».. لـوحات «موشومة» بالمنمنمات والحكايات
في معرض يحمل عنوان «عرائس النهر» ويضم 45 لوحة فنية، يحاول التشكيلي السوري عبود سليمان أن ينقل أحلامه عبر الألوان والحمام والمرأة، كرسالة للعالم بأن الحب والسلام هما أساس الحياة.
المعرض الذي يستضيفه فانديميا غاليري في فندق كيمبينسكي مول الإمارات في دبي، يركز على أسلوب سليمان الفني الذي يستخدم فيه المنمنمات، والفن الشعبي، لإظهار القوة في أعماله، فلوحات سليمان «تشبه الى حد كبير آلية الوشم على الجلد، كأنه يريد من هذا المعنى ان يزرع في المسامات الروحانية أثراً لا يُزال».
ويرى صاحب «عرائس النهر» ان «المنمنمات والفنون الشعبية العربية أصبحت من الطرق المعقدة في فنوننا التشكيلية الحديثة لصعوبة إبداعها، وأنا من أوائل التشكيليين العرب والسوريين الذين يعاندون الزمان والمكان»، عبر اتباع هذا الأسلوب في الأعمال.
شهادة قال الفنان السوري الراحل فاتح المدرس، عن عبود، إنه «فنان نشيط شارك في الكثير من المعارض، وأحب الناس أعماله، لأنه فهم خصوصيات التكوين التشكيلي النابع من أرضه، ففي سمات الوجه واللباس والرموز والتزين في اللباس، واختيار أضواء الشمس، واعتماد الحركات التزيينية في الأردية، واهتمامه بالطقوس السحرية، وبكثير من الحب، رسم ولون ما يراه مهماً من التعبيرات التي لا يمكن أن توجد إلا في هذا الوادي السري السحري، الوادي العظيم (وادي الفرات) الذي شارك إنسانه العربي في بناء فجر الحضارة البشرية، ينبت الخيال تحت الشمس وعلى شطآن النهر الخالد ويعيش إنسانه في عالم له خصوصيته ومشاعره ولغته الوجدانية وجماله وأحزانه العميقة في أغانيه الشرقاوية، وجهده الصعب في عراك مع الطبية التي هي كريمة إلى أقصى حد وقاسية قسوة الشمس والرياح والغبار، إلا أن إنسانه جميل في البناء الخلقي فهو عربي رافدي سوري له شخصيته». |
عمق الجمال
في كتيب المعرض كتبت الناقدة الفنية الفلسطينية سعاد شهاب زوجة الفنان سليمان «لوحات خرجت من حالتها لتتعمق في اختيار النقوش والوشوم التي نثرها على جسد اللوحة بشكل كامل، عوضاً عن التكوكب في عالم امرأة قد خرجت من حالة الحلم لتبقى تأملات هذا الحلم الذي نصادفه اثناء تأويل اللوحة دون نهاية، فهي تتشعب في كل اتجاه، وفي شكل شبكة معقدة من الأفكار التي تحمل رمزية الفنان»، وهذا ما تؤكده لوحات سليمان، إذ يعتمد على ان الفكرة يجب الغوص فيها من خلال الالتصاق والبعد عن اللوحة والحديث معها، والغضب منها، والضحك عليها، والبكاء معها، فهي مجموعة من المشاعر تحتاج الى نعترف بها وعلى الملأ، ليؤكد «الفكرة في أعمالي غير مجانية وانما ضرورة؛ لأن الجمال تعبير واضح عن الحقيقة».
وأعمال سليمان، الذي يصف نفسه بالعربي، لا يمكن فصلها عما يحدث من ثورات في أقطار عربية، من ضمنها موطنه سورية «لا يمكن أن ألون دون ان أذكر عجوزا ما يرتكز على عكازه كي يعبر الشارع؛ فهذا الشارع بالنسبة له هو الحياة». وتحاول بعض أعمال سليمان أن تتلصص لوحات على حكايا الناس وتقتنص منها وجوها وأدوات لزرع الأمل في غد يأتي لا محالة.
البادية والفرات
بين الماء والبادية ثمة لون يعن على بال ريشة سليمان على ما يبدو، إذ اندمج الازرق والاحمر والبرتقالي والاخضر كجسد واحد لا يمكن النفور منه، ومن شدة تداخل الالوان، فهو يعتمد خاصية المنمنمات، حيث المشهد العام واضح، وما خفي كان أعظم، كلما ابتعدت عن اللوحة تظهر أمامك حكاية جديدة
جاءت أعمال سليمان في المعرض الذي يستمر حتى الـ10 من الشهر المقبل، ضاجة بحياة الناس والشارع والزمان والمكان، حكايات الفقر والجوع والبسطاء، يريد ان يكون صوتهم مسموعاً حتى لو من خلال لوحات يعتقد الناس أنها صماء، لكن عبود يؤكد «ليست اللوحات صماء ابداً، بل هي راوية لحكايات كثيرة، وأهميتها انها حقيقية»، فالمزج بهذه الآلية يثير فضول الزائر الذي يشعر لأول وهلة بأن طفولته موجودة في لون ما، أو مشهد ما، ضمن لوحات سليمان العديدة.
يرتبط سليمان ببيئته البدوية ارتباطا وثيقا، إذ أراد ان يعبر عن هذا الارتباط من خلال الأحلام التي تختلجه أثناء يقظته قبل نومه، حيث الحلم الجميل بمدلوله التراثي والإنساني وقيمة وجدانه العاشق الذي يحارب به كل أشكال الظلم والقسوة والكوراث بحثاً عن حرية الإنسان كقيمة أبدية غير قابلة للمساومة، هكذا يرى عبود الحلم، وهكذا أراد ان يعبر عنه، فالبدوي في داخله أصر على أن حب العالم لا يمكن ان ينفصل عن فانتازية تعبيره عن الأشياء.
يقول سليمان «في مفردات بيئتي الريفية الخط واللون والرمز والأحلام والماضي والحاضر والطبيعة، بقياسات مختلفة منفذة بأسلوب مبني على تقنيات عالية بالتعامل مع خامة الألوان الترابية والمائية والزيتية والرسم المباشر على القماش»، مضيفاً: «أقدم الأعمال على شكل حوار انساني بكل احتمالاته الجمالية، وانفعالاته التعبيرية الداخلية لثقافة أساطير إنسان بلدته الوادعة في الميادين التي تقع على ضفاف نهر الفرات في شرق سورية بالقرب من الحدود الشرقية لسورية مع العراق، والبادية الشامية بأجواء مضمون ثقافة ابن الفرات، مع عميق حضاراته التاريخية الممزوجة بانطباعية شفافة لحضارات بلاد الرافدين وسومر واكاد». في «عرائس النهر» أراد سليمان ان يحلم بصوت عال، وأن يحارب من خلال ريشته وألوانه الظلم والقسوة وانتهاك حق الكرامة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news