نقاد: العرب يلجأون إلى الكوميديا هرباً من الأوضاع الراهنة
يتميز شهر رمضان هذا العام بإقبال جماهيري واسع على الدراما الكوميدية أكثر من غيرها، وتؤكد استطلاعات الرأي الأولية أن الكوميديا هي المفضلة لدى الجمهور أكثر من الأعمال الاجتماعية والسير الذاتية لأسباب عدة، بينها بالتأكيد الأوضاع السياسية الملتهبة في المنطقة التي جعلت المشاهد يهرب إلى الترفيه.
وقال الناقد اللبناني جمال فياض إن الجمهور الرمضاني يحتاج طبعاً إلى الكوميديا، وإنه شخصياً يشعر بملل من الدراما والعنف وصل حد وصفه أعمالاً
مثل «آدم»، و«الولادة من الخاصرة» بأنها مسلسلات مقيتة لا تقدم للمشاهد إلا الحزن والتشاؤم. وأضاف أن الكوميديا هي أكثر ما يشاهده، لأن الضحك وفق رأيه «لم يعد موجوداً إلا على الشاشات فكيف أستبدله بمشاهدة رجل يضرب رجلاً أو يعذبه؟ وهل أستبدل ابتسامة على الشاشة بمشاهدة رجل مخابرات يتمتع أمامنا بتشويه وجه زوجته بماء النار كما في مسلسل رمضاني يستمتع مخرجه بتصوير تفاصيل التفاصيل؟».
وقالت الإعلامية المصرية إيناس الشواف، إن الظاهرة ليست جديدة على الدراما الرمضانية وإنها كانت تبرز أحياناً بسبب جودة الأعمال الكوميدية مقارنة بغيرها، بينما الوضع هذا العام مختلف، فالأعمال غير الكوميدية جيدة لكن ذائقة المشاهد لا تتحمل الجدية والمشكلات فيهرب إلى الضحك خصوصاً أنه لا يعرف ما الذي ينتظره في قادم الأيام بسبب التقلبات القائمة في المنطقة العربية. واتفق مع الرأي السابق الناقد الأردني محمود الخطيب الذي يرى أن توجه الجمهور نحو الأعمال الكوميدية مرده الهرب من الواقع والبحث عن ضحكة تسلي القلب وسط بحر الهموم الذي يحيط بالمواطن العربي خارجياً وداخلياً، فمن الطبيعي أن يلجأ إلى البرامج والمسلسلات التي تروح عن نفسه وتنسيه همه ولو قليلاً.
ونبه الخطيب إلى أن الأعمال الكوميدية عادة لا تضم مساحة كبيرة ليشغل المشاهد فيها تفكيره أو يتفاعل معها عبر تتبع أحداثها، وبالتالي فالأمر هروب من واقع إلى عالم متخيل رغم أن الأعمال الكوميدية هذا العام ليست جيدة المستوى.
وربط الناقد المصري محمد عبدالرحمن بين ما حدث في آخر موسم سينمائي مصري من صعود للأفلام الكوميدية وتراجع الأفلام التي تناولت الثورة وبين دراما رمضان هذا العام، فالجمهور في رأيه تابع الثورة لحظة بلحظة على القنوات الإخبارية وهو الآن بحاجة لأن تنتهي حالة المد الثوري أولاً قبل أن يشاهد أعمالاً ترتبط بها بشكل مباشر، خصوصاً أن هناك من يلوي ذراع الدراما من أجل «حشر» الثورة في مشهد هنا أو حلقة هناك. وأوضح أن استمرار البرامج السياسية طوال أيام الشهر وتواصل الأحداث والسجالات السياسية المتعلقة بالثورة المصرية والثورات العربية يجعل الجمهور يخصص الوقت المتبقي لمتابعة الأعمال التي تبتعد عن الثورة وهي في معظم الأحوال الكوميدية.
وقال الناقد السعودي عبدالله الهاجري، إن المشاهد الخليجي اعتاد في الموسم الدرامي الرمضاني على نصيب كبير من الأعمال الكوميدية، ما دفع شركات الإنتاج لتتسابق على هذه النوعية من الأعمال فصار الأمر عرفا دراميا خليجيا لتظهر مسلسلات الكوميديا متعددة الأجزاء التي وصلت إلى الجزء الـ18 فيما يخص مسلسل «طاش ما طاش» كمثال. وشرح الهاجري أن السبب في زيادة جرعة الكوميديا في رمضان ربما يكون مرده إلى وجود أفراد العائلة كلها في الوقت نفسه مجتمعين معاً نظراً في الإفطار والسحور.