باسل صبري: «التوك شو».. مؤشر يحركه نبض الشارع. تصوير: دينيس مالاري

باسل صبري: ثنائية اللغـــة الإعلامية متعة خطرة

المغري في تجربته الإعلامية الشابة أنها جمعت في وقت قصير نسبياً بين تقديم الأخبار باللغتين الإنجليزية والعربية، كما أن المذيع الشاب باسل صبري الذي انتقل أخيراً إلى العمل ضمن طاقم برنامج «اليوم» على قناة الحرة الفضائية التي تبث من دبي، يرى أن «ثنائية لغة التقديم في برامج مختلفة متعة مهنية تحفها المخاطر، وبحاجة إلى مهارات عدة»، وهو القادم من تجربة مهمة أيضاً، حين كلفه رئيس الإذاعة والتلفزيون المصري بتقديم أحد أهم البرامج اليومية التي تخاطب المصريين، وهو «مصر النهاردة»، في مرحلة زمنية دقيقة عقب أحداث 25 يناير، ليحل محل محمود سعد وخيري رمضان.

ثنائية اللغة

رغم تقديمه نشرة الأخبار باللغة الإنجليزية على قناة النيل الإخبارية، بعد أن بدأ مشواره المهني في قناة «الاقتصادية» التي كانت تبث ضمن باقة «دبي للإعلام»، إلا أن المذيع الشاب باسل صبري، تخلص سريعاً من إشكالية التقوقع داخل لغة وحيدة في طلته الإعلامية، لتشكل إطلالته عبر برنامج «مصر النهاردة» لفترة وجيزة، محطة نقلته إلى برنامج «اليوم» على قناة الحرة.

التجارب السلبية لمذيعين تخصصوا في التقديم بالإنجليزية ثم انتقلوا إلى العربية، لم تشكل رسالة محبطة لصبري، الذي يؤكد أن الانتقال من لغة إعلامية إلى سواها لا يتم دائماً بسلاسة، مضيفاً «هناك عامل يتعلق بالاكتساب الفطري للمهارات اللغوية، وخصوصاً عندما يكون الاتجاه من الإعلام الناطق بالإنجليزية إلى نظيره العربي».

المعيار الثاني حسب صبري يتمثل في التدريب المتواصل على عدم استخدام مفردات تعود للغة التقديم الأخرى، كاشفاً عن خضوعه لتمارين من أجل ما يسمى «استرجاع اللغة العربية»، مشيراً أيضاً إلى أن أصعب تلك المهمات هو استمرار المذيع في العمل من خلال برامج بعضها يقدم بالعربية والأخرى بالإنجليزية في الوقت ذاته.

صبري الذي بدأ حياته العملية مراسلاً لقناة «الاقتصادية» التي كانت تبث ضمن باقة مؤسسة دبي للإعلام، قبل أن يصبح مذيعاً لنشرة الأخبار على قناة النيل المصرية الناطقة بالإنجليزية، فضلاً عن المشاركة في تقديم برامج سياسية ومنوعة، ليتحول بعدها إلى تقديم الأخبار الرياضية باللغة العربية، ثم برنامج «مصر النهاردة» الذي استمر فيه لمدة شهر واحد، قرر خوض تجربة الإعلام غير الرسمي من خلال «الحرة».

مبنى الإذاعة والتلفزيون المصري، بشارع ماسبيرو في القاهرة الذي تحول إلى مقر شبه دائم للتظاهرات العاصفة، أصبح يؤشر إلى خبرات مختلفة في ذاكرة صبري، الذي يتحدث عن هذه المرحلة من وجهة نظر إعلامية، وليست سياسية «كان علينا أن نفصل بين الضغوط والأحداث على أعتاب المبنى الذي نعمل من خلاله، ومهنية العمل التي يجب أن تراعى، خصوصاً خلال هذه الظروف الدقيقة، وأصبح من أولويات عملنا ونحن نقدم برنامجا يوميا يترقبه المشاهد، أن نفصل ما بين ذواتنا، وتفاصيل الأخبار، وهو سياق على المستوى العملي من دون شك يتطلب مهنية عالية».

ولا يقر صبري بصعوبة أن يتولى مذيع ما مهمة برنامج جماهيري عقب اعتذار أو استبعاد إعلاميين مخضرمين ارتبطت اسماؤهما بالبرنامج، مثل محمود سعد وخيري رمضان، مضيفاً «لم يمثل ذلك بالنسبة لي على الأقل أي تحد، لأن أي برنامج مهما اتسعت شعبيته، يظل بمثابة تيمة مملوكة للمحطة التي تبثه، ولا يمكن أن يتحول لإرث شخصي، أو يصبح حكراً على أسماء بعينها بمفهوم التبعية، لذلك تعاملت مع (مصر النهاردة) باعتباره برنامجاً لكل المصريين، رغم أنني كنت من متابعي الإعلاميين القديرين محمود سعد وخيري رمضان».

المهمة الإعلامية لا تستوجب تجميل الحقائق في مثل تلك اللحظات المصيرية التي كان يترقبها مشاهد الفضائية المصرية في لحظات ما بعد أحداث 25 يناير، حسب صبري الذي يضيف «البرامج المباشرة عموماً، وبرامج ما اصطلح على تسميتها بـ(التوك شو) خصوصاً، عليها استلهام نبض الشارع، وتمثله، لذلك فإننا كنا ننقل تفاصيل كل يوم، بحلوه ومره، بمحاسنه ومنغصاته»، ولكن ذلك كما يرى صبري «كان يتم بشكل يسمح دائماً بوجود مساحة حيادية بيننا وبين الأخبار جميعها، على نحو لا يجعلنا جزءاً منها، فنتأثر انفعالياً بها، رغم أننا في الحقيقة كنا اول المتأثرين نظرياً بها، لأن عتبات المبنى الذي نعمل فيه هو بالأساس يكاد يكون ذروة حراك تظاهرات لا تهدأ، ونوافذ مكاتبنا مشرعة عليها».

والوصول إلى الحقيقة، في ظل هذه التوقيتات الاستثنائية من عمل الإعلامي، يشبه إلى حد كبير مهمة مراسل الحرب في خطورته من حيث السلامة المهنية، وليست الجسدية، لذلك فإن استطلاع آراء شرائح متباينة من الجمهور كان الوسيلة المثلى لطاقم «مصر النهاردة» حسب صبري الذي كان يتناوب على مشاركة زميلتيه في التقديم مريم نور وريهام إبراهيم.

الحديث عن علاقة المذيع بزملائه وزميلاته الذين يشاركهم التقديم على الهواء، يقود الحوار إلى تجربة صبري الجديدة التي نقلته إلى دبي للانضمام إلى أسرة برنامج «اليوم»، الذي يقدم يومياً من خمسة بلدان مختلفة، في حين يظهر صبري من الاستوديو الرئيس للقناة في دبي، بمرافقة زميلته إنجي علي، حيث يضيف «الكيمياء البشرية والانسجام الفطري بين المذيعين عنصران ضروريان من اجل تقديم برامج مشتركة بشكل سلس، فبالنسبة لي لم تكن هناك علاقة صداقة مسبقة تربطني بإنجي، لكننا اكتشفنا بعضنا على الهواء، ووصلنا تدريجياً لحالة من الانسجام المهني في وقت قصير للغاية».

وأضاف صبري: «في حال وجود تنافر، أو تنافس بشكل سلبي، فإن المذيع يجب أن يتوقع أن هذا التنافر حتماً سيلمسه المشاهد، ولن يصب بالتبعية في صالح البرنامج، لا سيما في ما يتعلق بالبرامج المباشرة، وبرامج (التوك شو) التي على تماس مع واقع الناس وتفاصيل يومهم».

وعن دوافع انتقاله من التلفزيون المصري في هذا التوقيت الحرج الذي يمر به الإعلام الرسمي لبلاده، قال صبري «الثبات خيار غير مطروح بالنسبة للإعلامي الذي يمتلك خطة لتطوير إمكاناته وخبراته، لذلك كان مهماً أن أدخل عالم الإعلام غير الرسمي من خلال معادلة العرض والطلب، لا سيما إذا كان هذا الخيار يتسم بدرجة عالية من معايير الدقة والحيادية والمهنية، فضلاً عن شغف العمل ضمن منظومة برنامج يطل على مدار خمس سنوات متتالية بشكل يومي من خمسة بلدان عربية مختلفة، وهو برنامج (اليوم)، الذي يقدم للمشاهد الخبر السياسي جنباً إلى جنب الاقتصادي والمنوع والترفيهي والرياضي وغيره».

الأكثر مشاركة