مبادرة لنشر الثقافة السينمائية في الدولة

«حمامــة» يفتتح «أبـــوظبي للأفلام الوثائقية»

شخبوط بن نهيان يقبل رأس الطبيبة الشعبية حمامة. تصوير: إريك أرازاس

في مبادرة جديدة من المبادرات الثقافية التي تشهدها العاصمة أبوظبي، وفي إطار احتفالات اليوم الوطني الـ40 للدولة، دشن أخيرا في أبوظبي «نادي أبوظبي للأفلام الوثائقية» الذي أسسته مؤسسة «أناسي» للإنتاج الإعلامي، بالتعاون مع وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع ورابطة خريجات جامعة زايد.

اختار القائمون على النادي تدشين النشاط الرسمي له بفيلم من قلب المجتمع الإماراتي، هو فيلم «حمامة» للمخرجة الإماراتية نجوم الغانم، وسيناريو الكاتب خالد البدور. والذي يروي بإسلوب مشوق قصة حياة حمامة بنت عبيد الطنيجي، الطبيبة الشعبية الإماراتية، التي مازالت رغم سنوات عمرها الـ90 تمتلك من النشاط والحيوية ما يجعلها تصر على معالجة من يأتي إليها من قريب ومن بعيد، كما تتمسك بحياتها البسيطة التي طالما اعتادت عليها، فهي تطهو الطعام بنفسها، وتصنع الزبد والجبن، وأيضاً تشرف على مزرعتها. عقب عرض الفيلم بحضور الشيخ شخبوط بن نهيان بن مبارك آل نهيان، أشارت المخرجة الإماراتية نجوم الغانم إلى أن رحلتها مع «حمامة» والفيلم بدأت بالبحث الذي كان وسيلتها لدخول عالم هذه الطبيبة الشعبية، التي تتمتع بشهرة كبيرة لدى سكان منطقة الذيد في الشارقة وفي كل الإمارات. موضحة أنها وفريق العمل دخلوا حياة «حمامة» بالتدريج حتى يتمكنوا من تصوير الفيلم، واستلزم ذلك العديد من جلسات التصوير المبدئية التي لم تستفد منها درامياً، لكنها كانت وسيلة ناجحة لدخول عالم «حمامة» الخاص. لافتة إلى أن الباحث سلطان العميمي كان له دور في تعرفها إلى «حمامة»، كما كان من المقرر ان يشارك في الفيلم، لكن انشغاله في إدارة أكاديمية الشعر بهيئة أبوظبي للثقافة والتراث لم يمكنه من ذلك.

عروض شهرية

 

يهدف نادي أبوظبي للأفلام الوثائقية إلى إثراء المشهد الثقافي، ونشر ثقافة صناعة الفيلم الوثائقي، ويقوم النادي الذي سيمثل مركز لالتقاء صناع الفيلم الوثائقي خصوصاً والإعلاميين والمهتمين بالسينما عموماً، بتقديم عروض شهرية لأفلام وثائقية من مختلف الدول والثقافات، فاز بعضها ورشح لجوائز محلية ودولية، يعقبها حلقات نقاشية يديرها متخصصون في المجال الوثائقي، إضافة إلى إقامة ندوات تطرح اقتراحات وآراء لتطوير وتوفير فرص التفاعل بين المهتمين بالأفلام الوثائقية، بجانب تنظيم فعاليات مماثلة مثل ورش العمل، ورحلات للمتاحف وغيرها من الانشطة التي تسهم في إتاحة الفرص أمام المهتمين بالأفلام الوثائقية، وتعزيز التفاعل الاجتماعي عبر المشاركة وتبادل الأفكار والآراء عن الموضوعات والشخصيات والسيناريو والأسلوب والموسيقا وغير ذلك، ما سيزيد من مساحة ونطاق اكتساب الخبرات والتعليم في مجال الأفلام الوثائقية.

وتتألف اللجنة الاستشارية للنادي من أعضاء أكاديميين ومتخصصين في مجال الأفلام الوثائقية وفي مجال الثقافة والفنون بشكل عام، هم: الدكتور نزار أنداري أستاذ مساعد السينما والأدب في جامعة زايد، ومدير إدارة التراث والفنون في وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع وليد الزعابي، و مديرة البرامج أوزجي كالافاتو، وزميل كلية السينما والإعلام الجديد بجامعة نيويورك أبوظبي مدير رقمي لمهرجان فينغر لاكس للأفلام البيئية الدكتور دالي هودسون، والأستاذه في أكاديمية نيويورك أبوظبينادية فارس.

حمامة

قالت الغانم «حمامة واحدة من الشخصيات المؤثرة في المجتمع، وكنا محظوظين اننا تعرفنا إليها، وتمكنا من التصوير معها، حيث كان العمل معها حافلاً بالمفاجآت، خصوصا أنها فتحت لنا بيتها وحياتها وتحدثت معنا بكل صدق وصراحة، لذا يسعدني أن أهدي هذا الفيلم لها ولبرقعها البدوي». مؤكدة أن الفيلم وثائقي ينصب في المقام الأول على شخصية هذه السيدة وعالمها لتوثيقها والبحث فيها، وليس على الطب البديل والوصفات الطبية الشعبية، التي ورد بعضها في الفيلم على لسان «حمامة»، كما يعتقد البعض.

وأوضحت: «أتلقى الكثير من التساؤلات والتعليقات حول الوصفات والأعشاب الطبية التي وردت في الفيلم، في المقابل لا أنصح بالاستفادة من الفيلم في هذا المجال على الاطلاق، لانه لا يتناول الطب البديل بشكل رئيس، ولا يصلح مصدراً لمعلومة كاملة ومؤكدة في هذا المجال، خصوصا ان هناك أجزاء من الحديث تم قطعها واختصارها للضرورة الفنية، كما ان هناك أجزاء منه تمت إعادة إنتاجها لتقديمها بأسلوب بصري فني، مثل الفقرات التي كانت تتحدث فيها عن الماضي، أو حلم راودها، أو تجربتها مع العلاج بالكي الذي يعرف في الإمارات باسم «الوسم».

توثيق التراث

دعا كاتب السيناريو الشاعر خالد البدور إلى العمل على توثيق الحياة التقليدية في الدولة، وتسليط الضوء على جوانب تبدو مظلمة، وتفاصيل دقيقة في الحياة اليومية لشخصيات من قلب المجتمع والتاريخ الإماراتي. مضيفا «تطلب التحضير للفيلم بحثا طويلا في تاريخ «حمامة»، والمناطق الصحراوية المحيطة بإمارة الشارقة، وأيضا في الطب الشعبي، وخلال هذا البحث وجدت ان كثيراً من تراثنا لم يوثق بعد، وشعرت بضرورة العمل بأسرع ما يمكن لتوثيقه». وأوضح أن العمل بدأ بطرح اسئلة أساسية حول شخصية «حمامة»، وكيف تعالج المرضى، ومن خلال إجابات «حمامة» عنها بدأنا العمل، ونظراً لما تتمتع به السيدة من ذاكرة حاضرة ومعلومات غزيرة وحكايات عدة، كان علينا اختيار اهم المحطات في حياتها ومهنتها والتركيز عليها. مشيراً إلى أن مدى تدخل صانع الفيلم الوثائقي في فيلمه يمثل إشكالية كبيرة تعدت بشأنها الآراء. «لكننا حرصنا على ان نترك الواقع يتحدث لما يتمتع به من ثراء، وان نترك حمامة تتكلم بتلقائية خلال التصوير، لكن لأسباب فنية وتقنية كان علينا اختيار مقاطع معينة من التصوير لتضمينها في الفيلم». وأشار البدور إلى ان الفيلم سيعرض في الفترة المقبلة في عدد من المهرجانات الدولية، وبعدها قد يتم تسويقه للعرض على محطات تلفزيونية عربية وأجنبية.

وأشار نائب مدير إدارة الأنشطة الثقافية والمجتمعية في وزارة الثقافة والشباب وخدمة المجتمع سعيد العامري، إلى اهتمام الوزارة بهذه المبادرة. لافتاً إلى أن السينما أصبحت حالياً بمثابة مرآة حديثة للعالم بما تقدمه من لغة وصورة ورؤية معبرة عما يدور في المجتمع. «لذا تشهد دولة الإمارات اهتماماً متزايدا بالحركة السينمائية وصناعة الأفلام، وهو ما تمثل في مهرجانات السينما في الدولة، ومسابقة (أفلام الإمارات) إلى جانب المشاركة في المهرجانات السينمائية العربية والعالمية». كما أشار إلى أن الشراكة بين وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع ومؤسسة «أناسي» للإنتاج الإعلامي تأتي ضمن استراتيجية كاملة تتبعها الوزارة لنشر الثقافة السينمائية في المجتمع.

تويتر