3 فنانين قدّموا أعمالهم في «ميم غاليري»

الزيتون الفلسطيني مصدر رزق.. وفن أيضاً

صورة

ليس خفياً على أحد أن شجرة الزيتون ليست شجرة عادية بالنسبة للفلسطينيين، فهي تجسد هوية هذا الشعب، حتى أنها باتت رمزا يمثل القضية بأبعادها السياسية والانسانية. وهكذا يصير مفهوماً الحضور اللافت لهذه الشجرة في معظم أعمال معرض «الفن الفلسطيني» الذي اختتم اخيراً في ميم غاليري بدبي، والذي شارك فيه كل من سليمان منصور، ونبيل عناني، وتيسير بركات. وحمل الفنانون المشاركون في المعرض القضية الفلسطينية بطريقة مختلفة، فابتعد كل من سليمان منصور ونبيل عناني عن تصوير آلات الحرب والدبابات، ومشاهد القتل، واكتفوا بتصوير الزيتون رمزاً يحمل الألم والأمل في آن. فيما عمد تيسير بركات الى تصوير الحضارات القديمة وما تحمله من ابعاد فلسفية عميقة تبرز عراقة أبعد من المعاناة.

خط عربي

قدم الفنان سليمان منصور الخط العربي في احدى لوحاته، وتميزت هذه اللوحة بكونها تحمل تاريخ الفن العربي. ولفت الى ان الخط العربي يعني له الكثير ليس بتاريخه الاسلامي، وانما بتاريخه العربي. وأكد أنه يستخدم الخط العربي في اللوحات لأنه يرمز الى القدس. وأوضح أنه يستخدم الحياة في القدس مشاهد يومية، فهي مقطعة ويضع في كل ركن وجهاً من وجوه الحياة المتعددة، وبالتالي هي سلسلة من الامور التي تحكى في لوحة واحدة.

وحمل نبيل عناني حكايات الناس وهواجسهم الحياتية من حقول الزيتون حيث مصدر رزقهم الى الاحياء السكنية، حيث تدور الحوارات اليومية بين الجيران. وكان يعتمد احيانا اسلوب العمل الفني المركب، يختصر فيه الكثير من المشاهد في عمل واحد، فيما نجده في المقلب الآخر يعتمد على التقاطع بين المساحات الصغيرة والشاسعة، لاسيما في تجسيد حقول الزيتون. ولفت الى انه اهتم بتقديم الزيتون، كونه رمزا فلسطينيا، كما انه مصدر رزق للكثير من الفلسطينيين، بالإضافة الى ان هذه الشجرة تتعرض للدمار. وبينما كان يهتم في الكثير من اللوحات برسم الحقول المملوءة بالزيتون، قدم لوحة للملايين من الجماهير، أوضح فيها رؤيته للربيع العربي والتغيير الذي لابد أنه آت. ولا يمكن ان تنفصل اعمال الفنان الفلسطيني عن الحياة اليومية، ولهذا أوضح عناني، أن «هناك الكثير من القصص المؤثرة للعائلات البسيطة التي تعيش على الزيتون». ولفت الى انه لم يعد يرسم عن القدس، بسبب عدم القدرة على الدخول اليها، بسبب وجوب الحصول على تصريح، منوهاً الى ان فلسطين تواجه انواعاً مختلفة من الاحتلالات، وبالتالي هذا يولد لدى الفنانين مشاعر الاختناق، ولكن يحاول كل فنان ان يعبر عن نفسه بحرية وصدق، مشيرا الى اعتماد المباشرة في العمل السياسي سابقا، فيما اليوم تعتمد الرموز.

حضارات

من جهته، عمد تيسير بركات الى تقديم عبقرية المكان الذي انتج فلسفة وحضارة عريقة، وبالتالي ابرز هذه الجوانب الحضارية والانسانية في فلسطين. واعتمد من خلال أعماله ابراز آثار الحضارات التاريخية، دون ان يزيل من داخلها أثر الثقافة الفلسطينية. وقال عن لوحاته، «اهتم كثيرا بالديانات وطقوس العبادة، وبالتالي هذا هو الجو العام الذي يحيط اعمال هذا المعرض، لان الخطاب العام هو المهم». واشار الى ان الفنون والمسرح والأدب هي التي أوصلت صوت الفلسطينيين، وبالتالي هذا أوضح ان الفلسطيني لديه ما يقوله للعالم ثقافياً، وليس فقط في ابراز معاناته. ولفت بركات الى ان المكان انتج الكثير من العباقرة والديانات، وذلك بفضل تأثيراته الطبيعية، الى جانب العلوم التي أضيفت في مجال الطب والهندسة، وهذا يشير الى اسهامات العرب المهمة في التاريخ الانساني. وأشار الى أن الفنان لا يعيش اللحظة الآنية، بل انتاجاته هي نتاج تاريخ تراكمي، لذا من الضروري ان يسافر الفنان عبر الزمن، ويمسك اللحظة ويوقفها ويتركها امام المشاهد والمتلقي. واعتبر ان العمل الفني مقولة لا تحكى بالكلام، فالفن هو عبارة عن شيء يترجم بألوان وأشكال، مشيرا الى أنه ليس استعراضا للجماليات، وانما هو مقولة ويحمل رسالة واضحة ومحددة.

الألم والأمل في آن

حمل الفنانون سليمان منصور، ونبيل عناني، وتيسير بركات المشاركون في المعرض، القضية الفلسطينية بطريقة مختلفة، فابتعد كل من سليمان منصور ونبيل عناني عن تصوير آلات الحرب والدبابات، ومشاهد القتل، واكتفوا بتصوير الزيتون رمزاً يحمل الألم والأمل في آن. فيما عمد تيسير بركات الى تصوير الحضارات القديمة وما تحمله من ابعاد فلسفية عميقة تبرز عراقة أبعد من المعاناة.

 

نقش على الملابس

أما الفنان سليمان منصور، فقدم في لوحاته فلسطين بأسلوب متميز، حقول الزيتون الممتدة على مساحات شاسعة، بالإضافة الى اظهار الروح الفلسطينية من خلال التطريز الذي كان ينقش على الملابس. وحاول ان يقدم رموز الغياب والحضور والامل، لاسيما في اللوحة التي يظهر من ظلالها الالوان المميزة، فتوضح الامل الذي يأتي من الخلف. ولفت سليمان الى انه تأثر بطبيعة قريته بيرزيت، ولهذا يستخدم كل عناصر طبيعته في لوحاته، وابرزها شجرة الزيتون التي ترمز الى الارض المحتلة بعد عام ،67 ولهذا هي شجرة بما تعنيها تتحمل الكثير من الاساليب والطرق للتعبير عن القضية. ونوه منصور الى أنه «لا يوجد أي شيء اسمه مجرد لوحة، بل لكل لوحة معنى ومغزى وهدف. ولفت الى ان الاحاديث اليومية في الحياة ليست بالضرورة ان تفيد الفنان، وانما شخصياً كفنان استفدت من التراث والتاريخ الكنعاني». واعتبر ان «الفن الملتزم هو الفن الذي يجب ان يقدم رسالة، لذا لا احبذ كثيرا الفن الذي يعتمد على الجمال اللوني فقط، فحتى في الفن الغربي نجد ان هناك عودة الى تاريخ الفن القديم».

تويتر