حنان غيث: الإمارات تــلهمني
باختلاط بين الأمل والألم تجد المخرجة الإماراتية الشابة حنان غيث، مبدعة فكرة المسلسل الكرتوني «شلة دانة»، نفسها مضطرة لركوب طائرة متجهة إلى المدينة الألمانية برلين، من أجل استكمال رحلة علاج طالت حتى الآن لعامين، ولايزال يتبقى فيها نحو خمسة أشهر للوقوف على مدى إمكانية شفائها من جلطة دماغية أعاقت قدرتها على الحركة، وعدد من المضاعفات الأخرى، وهي ظروف مرضية لم تمنعها من المشاركة المبدعة في احتفالات الدولة بالذكرى الـ40 لليوم الوطني.
غيث التي جاءت منذ أسابيع قليلة إلى الوطن على عكس نصيحة الأطباء، من أجل متابعة أعمال متعلقة باليوم الوطني، مضطرة للعودة من جديد بعد أيام قليلة إلى المستشفى الألماني الذي تقيم فيه من أجل العلاج بناء على تحذيرات قاطعة للأطباء هذه المرة، وبعد أن حفزها أمل المشاركة في احتفالات الدولة بالعودة في هذا التوقيت، تجد غصة وألما كبيرين في المغادرة هذه المرة، بعد أن أنهت بالفعل إخراج وإنتاج أغنية مصورة عبر فريق عملها الملقب بـ«شلة دانة»، ويصب كامل طاقته الإبداعية في إخراج الأعمال الكرتونية، تم إنتاجها خصيصاً لاحتفالات اليوم الوطني، فضلاً عن أغنية مصورة أيضاً يشارك فيها عدد كبير من أطفال المدارس بعنوان «وطننا».
رافد متجدّد
بررت المخرجة الإماراتية حنان غيث ارتباط الكثير من أعمالها الكرتونية، وغيرها من الأعمال الموجهة للأطفال، باحتفالات الدولة السنوية باليوم الوطني، بقولها «ذكرى اتحاد الدولة ليست مناسبة سياسية أو تاريخية فحسب بالنسبة للمواطن الإماراتي، بل هي مناسبة شعبية، تحولت إلى رافد ملهم في مختلف مناحي التعاطي اليومي لأبناء هذه الأرض، لذلك فإن الانفعال بها فنياً، يبدو طبيعياً، وتلقائيا». وأضافت غيث التي ارتبط اسمها بإبداع شخصيات كرتونية مع شقيقاتها اللواتي ينتمين لتخصصات أكاديمية مختلفة، بجهود ذاتية، قبل أن تتحول إلى مجموعة محترفة تتواصل مع جهات إنتاجية محلية وخارجية أن موقع «شلة دانة» بشخصياته الكرتونية، أصبح جاهزا لاستقبال زائريه ابتداء من اليوم. وأشارت غيث إلى أن «الموقع يحتوي على قناة متجددة، ويمثل بيئة آمنة للأطفال يستطيعون من خلالها التمتع بالأعمال الكرتونية والفنية الهادفة، دون ان يتوقع ذووهم مصادفتهم منتجات منافية لنسقنا القيمي والمجتمعي، فضلاً عن أن محتويات الموقع يجري تحديثها بشكل دوري يتناسب مع خصوصية بيئتنا المحلية». |
الشخصيات الكرتونية التي ابتكرتها غيث، وانتشرت بشكل كبير وعلى نطاق واسع بين الصغار والكبار في الدولة، رغم عدم تصوير سوى حلقة وحيدة من المسلسل الكرتوني الذي لايزال ينتظر مبادرات الرعاة، أصبحت محور مشروع جديد ينطلق اليوم بالتزامن مع الاحتفالات باليوم الوطني، وهو الموقع الألكتروني لـ«شلة دانة»، الذي يديره فريق يضم أيضاً عدداً من شقيقات غيث يعملن بشكل تطوعي بروح الفريق الواحد، في ظل غياب شقيقتهن الكبرى للعلاج خارج الدولة.
غيث التي تبدو مستبشرة رغم ذلك بالمرحلة المقبلة صحياً وإبداعياً، التقتها «الإمارات اليوم» قبل استئنافها رحلة العلاج، متحدثة عن أبرز مشروعاتها، والمشاعر التي تحملها حيث قالت «بالنسبة لي فإن حالتي النفسية والإبداعية تختلف تماماً حينما أكون في وطني الذي هو داري، لا أبالغ إذا جزمت بأن هنا في بلدي ترابا ملهما، يحرك فينا الإبداع خطوات مسرعة تتعاظم وتيرتها بقدر عظمة مشاعر الولاء والانتماء التي نكنها له».
وأضافت غيث «ليست الأعمال المرتبطة باليوم الوطني فقط هي من يلهمنا بها تراب الوطن، بل إن الوطن بجميع تفاصيله يمثل البيئة المثالية لإبداع أبنائه، فقد قدمت من ألمانيا خصيصاً لاستكمال بعض تلك المشروعات وبالفعل انتهيت منها جميعاً في وقت قياسي، لأبدأ رحلة جديدة من العلاج، آمل ألا تشكل فاصلاً زمنياً طويلاً يملؤه الابتعاد جسداً عن الوطن، لأن الروح ستظل معلقة به لا محالة، حتى وإن كان صاحبها في أقصى البلاد بعداً عن إماراتنا».
وكشفت غيث أن رفاقها من الإماراتيين، وأيضاً الخليجيين، في المصحة التي تعالج فيها في ألمانيا طلبوا منها حمل أعلام واسطوانات مدمجة حين عودتها، وغيرها من المفردات التي تساعدهم على الاحتفال بالذكرى الـ40 لتأسيس الاتحاد، مضيفة «أعلموني هاتفياً أنهم أخذوا تصريحاً بتزيين المصحة بأعلام الدولة، وبث أغان وطنية خاصة بهذه المناسبة، والجميع متحفز لأن يعيش فرحة الوطن الذي يعيش فينا، قبل أن نعيش نحن فيه».
فنياً قالت غيث إنها انتهت من إخراج أغنية كرتونية مصورة قامت بكتابة كلماتها وإنتاجها بالتعاون مع وزارة شؤون الرئاسة، بعنوان «بابا خليفة»، مضيفة أن الشخصيات الكرتونية التي تحتويها الأغنية التي تأتي بصوت الفنان الإماراتي أحمد المنصوري، هي شخصيات «شلة دانة» المعروفة، لكن «العمل رغم ذلك يأتي برؤية إخراجية وإنتاجية مغايرة للأعمال السابقة، لاسيما أن وزارة شؤون الرئاسة قدمت دعماً مقدراً للعمل، ووفرت مظلة رائعة لإبداعه، ما انعكس على السوية الفنية التي سيلمسها المشاهد بنفسه، إذ من المنتظر أن ينطلق بثه على مختلف القنوات الفضائية المحلية اعتباراً من اليوم، حسب ظروف كل قناة».
وأبدت غيث إعجاباً كبيراً بالآلية التي تم التعاطي معها عبرها من خلال وزارة شؤون الرئاسة، مضيفة «لم اكن أتصور أن هناك دقة في التعامل مع أمور فنية وإنتاجية من قبل مسؤولين في وزارة مهمة على هذا النحو، فقد لمست دعماً ومتابعة حرفيين مَثّلا بالنسبة لي أساساً لنجاح المشروع الفني، الذي يمكن أن يكون مختلفاً عن سائر الأعمال المرتبطة باليوم الوطني، من حيث أنه موجه لشريحة مهمة هم بناة مستقبل الدولة وأملها، لأن الوطنية مشاعر تنضج في الصغير كما في الناضج تماما»، مشيرة إلى أن «اتصالات» سوف تقوم بنسخ وتوزيع العمل، بالإضافة إلى عدد من الأعمال الأخرى، على اسطوانات مدمجة وتوزيعها على طلبة المدارس بالتزامن مع الاحتفالات باليوم الوطني.
وحول عمل آخر بعنوان «وطننا» حرصت غيث على ألا تكشف الكثير من ملامحه، قالت «ستبث الأغنية المصورة (وطننا) يوم 2 ديسمبر المقبل، وهو عمل من إنتاج قناة (إي جونيور) الموجهة للأطفال، وقد تم فيها اتباع رؤية إخراجية مبتكرة تماماً، وهذا كان أحد الشروط الأساسية لإنتاج العمل وفق رغبة الجهة المنتجة، على نحو مثل بالنسبة لي بالفعل تحدياً جديداً، لكن كل تلك الصـعوبات ذابـت بمـجرد المرور على تراب الوطن، وتنـفس نسماته، وكأن الإلهام قد أضحى مرتبطا بالنسبة لي حصراً في داري ووطني، بل إن الأمر كذلك بالفعل».
وكشفت غيث عن أن «وطننا» ليست أغنية كرتونية مصورة، على غرار معظم أعمالها السابقة، مضيفة «يشترك في العمل أطفال من مختلف مدارس الدولة، لذلك تَطَلّب الأمر تنسيقاً ووقتاً أطول من المعتاد، لكن العمل في صورته النهائية استـحق عـدم توفـير أي جـهد للخـروج بـه في صـورته الفنـية الحـالية، الـتي آمـل أن تـلقى قبـول المشـاهد».