رصد تطورها من « الملوية » و« الروبية » إلى الدرهم

معتز عثمان.. 27 عاماً في توثيق عملات الإمارات

صورة

27 عاماً أمضاها الكاتب والباحث معتز محمد عثمان، في جمع وتوثيق عملات وطوابع الإمارات، ليتحول بعد تلك العشرة الطويلة من مجرد هاوٍ إلى محترف ومتخصص في ذلك المجال، إذ أصبحت كتبه من بين المصادر التي توثق لعملات وطوابع الدولة والمنطقة، وآخرها كتاب «تاريخ عملات الإمارات» الذي صدر تزامناً مع معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الـ،30 التي اختتمت فعالياتها أخيراً، مرجعاً تاريخياً، لاسيما أن الباحث رصد حركة تطور العملات بشكل عام وتاريخها منذ 2500 سنة.

وأثبت الواقع التاريخي للعملات والمسكوكات النقدية في الإمارات تطورات العملة الإماراتية، ومرت بمراحل كثيرة قبل الوصول إلى العملة الحالية (الدرهم) حسب عثمان، إذ إن التداول كان بالعملات المعدنية منذ عام 1600 وحتى قيام الاتحاد، منها عملات سميت آنذاك بـ«الأرين» أو «طويلة الحسا» أو ما كان يطلق عليها بـ«الملوية»، وذلك لشكل العملة نفسها الذي يشبه إلى حد كبير ملاقط الشعر وصنارات الصيد، وهي من أقدم العملات التي تداولت في منطقة الخليج العربي. كما تم تداول، في الفترة ذاتها، عملة ماريا تريزا المعروفة بـ«الريال الفرنسي»، إضافة إلى استخدام عملات مصاحبة، منها أجزاء من العملات الفارسية المعروفة بـ«الشاهات» والتوامين والقاجاري، وذلك نسبة للأسر الحاكمة في بلاد فارس.

مسميات محلية

بعد دخول الروبية الهندية للأسواق الخليجية، قام أهل المنطقة بإطلاق مسميات عليها مستوحاة من الشكل الخارجي لكل عملة، ليتم التعرف عليها عند التعامل بها، ومن بينها تلك المسميات:

- روبية أم بنت: روبية من الفضة تحمل صورة الملكة والامبراطورة فيكتوريا ولكن دون تاج أو اللقب الملكي، وتعتبر هذه الروبية الثانية التي تم تداولها في المنطقة، واطلق عليها هذا الاسم بسبب صورة الملكة التي لم يكن يعرفها سكان المنطقة.

- روبية أم صلعة: روبية فضية تحمل صورة الملك ادوارد السابع وهي الروبية الثالثة من حيث ظهور صور الملوك وتداولها في المنطقة، واطلق عليها هذه التسمية نظرا لأن الملك ادوارد السابع يظهر في الصورة حليق الرأس ودون تاج ملكي.

- روبية الشايب: روبية من الفضة تحمل صورة الملك جورج الخامس، الذي يظهر في الصورة كأنه شخص طاعن في السن، لاسيما في وجود الشارب والذقن الطويل.

- روبية أم صنم : هي عبارة عن الروبية الهندية المستقلة والتي صدرت بعد استقلال الهند من الاستعمار البريطاني، واطلقت هذه التسمية على العملة بسبب ظهور صورة أسد أسوكا، وهو شعار الهند ويمثل شعار الأسد متعدد الرؤوس.

تاريخ

قال معتز عثمان إن الإمارات شهدت عملات عدة، إذ توالت عليها عملات مختلفة على مدار تاريخها، وأوضح أنه تحديداً «في عام 1830 دخلت الروبية الهندية البريطانية للإمارات وبعض دول الخليج، لتحل محل العملات المتداولة سابقاً، وتصبح العملة الرسمية في المنطقة، التي جلبت عن طريق التجارة الخارجية مع الهند، إذ إن عملة الملك وليام الرابع كانت أول عملة تدخل الأسواق».

وأضاف عثمان لـ«الإمارات اليوم» أن «العملات توالت على المنطقة، خصوصاً العملات التي تحمل صور ملوك بريطانيا، منها روبية الملكة والإمبراطورة فيكتوريا، وروبية الملك إدوارد السابع، ثم الملك جورج الخامس، والملك جورج السادس، واستمرت روبية جورج السادس حتى بداية الإمارات، ومحاولات الاتحاد، اذ تم الاعتماد على عملات الدول الخليجية المجاورة مثل البحرين والسعودية، ثم الانتقال لعملة مجلس نقد قطر ودبي، وأخيراً ظهور الدرهم الاماراتي بعد قيام الاتحاد».

ولفت إلى أن العملات الورقية لم تكن معروفة في منطقة الخليج قديماً، التي صدرت في عهد الملك جورج الخامس، إذ كانت متداولة في تلك الفترة العملات المعدنية فقط، موضحاً أن العملات الورقية أصبحت بعد ظهورها في المنطقة العملة الرسمية للتعاملات اليومية، وكانت تحمل صورة الملك جورج الخامس.

«مرضوف القواسم»

عرض كتاب «تاريخ عملات الإمارات» صوراً لعملة نادرة تعرف باسم «مرضوف القواسم»، وهي عبارة عن عملة كانت تتداول في المنطقة قديماً، وتدل على قوة القواسم في الساحة التاريخية للمنطقة، وهذه العملة هي بيزة لعملة نحاسية صغيرة الحجم وزنها لا يتجاوز 6.49 غرامات، وقد صدرت هذه المسكوكة النادرة في الشارقة وسكت في عام 1247 هجرية.

وأوضح عثمان أن «(مرضوف القواسم) تعد إحدى العملات النادرة، وذلك لقصر عمر تداولها ولمحدودية البقعة الجغرافية التي تم التداول بها، إذ تطلب البحث والتحري عن هذه المسكوكة مدة طويلة، حتى تم العثور عليها في دارة الدكتور سلطان القاسمي للدراسات الخليجية، وتعد هذه العملة من الممتلكات الخاصة لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة»، مشيراً إلى أن المصادر التاريخية أجمعت على أن بروز القواسم قوة بحرية ضخمة وقوية في منطقة الخليج العربي، جاء بسبب مقاومتهم الهجمات الاستعمارية والأطماع الشرسة على خيرات المنطقة ومحاولة الاستعمار السيطرة على أهم الممرات المائية، إذ كان النشاطان البحري والتجاري للقواسم في ازدياد.

ذهب وفضة

قامت بعض حكومات الإمارات قبل قيام الاتحاد بالتعاقد مع شركات متخصصة في اصدار مسكوكات تذكارية، إذ بدأ كل من حكومات الشارقة وعجمان وأم القيوين والفجيرة، إصدار مسكوكات تذكارية نقدية من الذهب والفضة، على أن تحمل شعار كل حكومة، وذلك تزامناً مع مناسبات وفعاليات قومية ودولية وأحداث اجتماعية ورياضية وحضارية عالمية، وحتى مناسبة احياء ذكرى شخصيات عالمية كان لها دور مميز ومواقف على المستوى العالمي.

وذكر عثمان أن «حكومة الشارقة كانت سباقة في هذه الإصدارات، إذ أصدرت أول مسكوكاتها التذكارية في ،1964 وهي عبارة عن عملة من الفضة تحمل على الوجه الأول شعار حكومة الشارقة وفئة السك (خمس روبيات) وعلى الوجه الثاني للعملة صورة للرئيس الأميركي الراحل جون كيندي».

تلتها حكومة الفجيرة في عام ،1968 بإصدار مسكوكة عبارة عن صورة للمغفور له الشيخ محمد بن حمد الشرقي حاكم الفجيرة آنذاك، والوجه الثاني للعملة صورة لخنجر عربي داخل غمدة مع فئة العملة البالغة ديناراً واحداً.

أما اصدار إمارة رأس الخيمة فكان مسكوكاً يحمل شعار حكومة رأس الخيمة، وهو عبارة عن علمين وفوقهما خنجران متشابكان، وفي الوجه الثاني للعملة كتب حكومة رأس الخيمة باللغتين العربية والانجليزية، مع قيمة العملة البالغة ريالاً واحداً.

فيما قامت حكومة عجمان بإصدار مسكوكة تحمل شعارها الرسمي المكون من علمين متشابكين، وفي وسطهما خنجران وتحتهما صورة طائر، أما الوجه الثاني للمسكوكة فكتب عليه «حكومة عجمان وتوابعها» بالغتين العربية والانجليزية.

كما أصدرت حكومة أم القيوين في 1970 أول مسكوكة، تحمل صورة مدفع قديم، وكتب اسفله «حكومة أم القيوين» وعلى الوجه الثاني للمسكوكة وضع شعار الحكومة، وفئة العملة ريال واحد.

العملة الموحدة

مع اعلان الاتحاد طرحت الإمارات عملة «الدرهم» للتداول في عام ،1973 لتحل محل الدينار البحريني والريال السعودي وريال قطر ودبي، وأن عملية الإحلال كانت تتم بصورة منتظمة وسريعة، خصوصاً مع تكليف بنكي أبوظبي الوطني ودبي الوطني بمهمة وكيل مجلس النقد في عملية الاحلال.

وأكد عثمان في كتابه أن «حجم ما تم اصداره من العملة الوطنية خلال عملية الاستبدال، بلغ 260 مليون درهم، وفي نهاية 1974 ضخ ما يقدر بنحو 506 ملايين درهم من العملة لزيادة عمليات التداول، فيما سجل النقد البحريني وعملة قطر ودبي خلال عمليات الاستبدال ما مجموعه 12.9 مليون دينار بحريني و131 مليون ريال قطر ودبي».

تويتر