هموم كاتب درامي مغــمور

الدراما الخليجية لاتزال تعاني غياب الدماء الجديدة. أرشيفية

«من يردد أن مشكلة الدراما الخليجية تتلخص فقط في عدم وجود نص جيد، مخطئ إلى حد كبير، اذ إن هذا الأمر جزء من المشكلة، وهناك أسباب أخرى، يعرفها المشتغلون في هذا المجال، ويختبرونها من الداخل»، هكذا تحدث كاتب السيناريو كاشفاً عن كثير من الهموم التي يحملها بداخله، وهي مثال لما يقابله معظم الكتاب الشباب الذين يبحثون عن فرصة وبقعة ضوء تلفت الأنظار إليهم وإلى مواهبهم.

واستطرد «للأسف هناك مشكلة كبرى تعانيها الدراما الخليجية وهي الانبهار بالأسماء المعروفة، ورفض أي صوت جديد يحاول ان يأخذ مكانه على الساحة. هذه المشكلة قابلتني عندما حاولت ان اسوق أعمالي، فلم اجد من الجهات المعنية سوى اللامبالاة والتجاهل، رغم انني لم أكن غريباً عن العمل الاعلامي، حيث كانت لي تجارب عدة في إعداد البرامج وفي الكتابة الإذاعية أيضاً. ولكن يبدو انها لم تشفع لي لدى المسؤولين عن الانتاج التلفزيوني». مشيراً إلى ان معظم القنوات المحلية والخليجية تخشى المغامرة بإنتاج عمل لكاتب مغمور وليس له علاقات قوية داخل الوسط الفني تزكيه، ما جعل الدراما الخليجية تدور في فلك مجموعة من كتاب السيناريو لا يزيد عددهم على أصابع اليدين، ولا مجال بينهم للأسماء الجديدة.

ومما يزيد الأمر صعوبة هو ان معظم الأعمال الدرامية التي يتم انتاجها في الخليج، تنتج بغرض عرضها في شهر رمضان حيث تشتد المنافسة بين القنوات في المنطقة، وتحرص كل قناة على حشد ما لديها من طاقات لتقديم أعمال متميزة بنجوم كبار وأسماء لامعة حتى لا تخرج من المنافسة، وتحصل على أكبر جزء ممكن من كعكة الإعلانات. ومن الطبيعي انه في مثل هذا السباق المحموم لن يكون هناك مكان لموهبة جديدة تبحث عن فرصة. وفي المقابل إذا تم توزيع الإنتاج الدرامي على مدار العام، ستكون هناك فرصة لاكتشاف مواهب جديدة، وطرح أعمالها في فترات خارج الموسم الرمضاني، والتعرف إلى مدى تقبل الجمهور لها، وهذا الأمر له أكثر من جانب إيجابي، من أبرزها انه يخلق صفاً ثانياً من كتاب الدراما ما يزيدها ثراء، ويفتح مجالا لطرح أفكار جديدة ومختلفة، بالإضافة إلى توفير أعمال جيدة تعرض طوال العام وبكلفة انتاجية أقل بكثير من دراما رمضان التي لابد من حشد النجوم لها ما يشكل ضغطاً على الانتاج.

ويبدو ان هموم الكتاب الشباب لا تقتصر على اقصائهم عن المشهد، فهناك هموم أخرى اكثر احباطاً أوضحها الكاتب الشاب «ذات مرة طلبت مني شخصية عامة تحويل قصة كتبتها إلى سيناريو لمسلسل، وبعد ان عقدنا جلسة عمل اتفقنا فيها على الشكل العام للحلقات، بعدها بدأت بالفعل في الكتابة وانتهيت من عدد لا بأس به من الحلقات، إلا انني فوجئت باتصال من كاتب القصة يطالب بإجراء تغييرات جذرية في العمل»، بما يعني ان يعيد كتابة كل ما انجزه من حلقات، وعندما حاول مناقشة الأمر مع كاتب القصة اخبره بأن ما عليه سوى تنفيذ تعليماته دون مناقشة، لأنه صاحب القرار الوحيد. وقتها شعر الشاب الموهوب بإهانة كبيرة ولم يجد أمامه مفرا من الاعتذار عن الموضوع بالكامل، رغم انه كان يجد فيه فرصة للوجود ربما تفتح له مجالاً لدخول الساحة، وتنفيذ أعماله الخاصة.

هذه المشكلات مجرد عينة من مشكلات عدة تواجه كتاب الدراما الشباب، فبعضهم يكتب أعمالاً وتسلب منهم وتقدم بأسماء غيرهم، والبعض دفعه اليأس للانسحاب والتوقف عن الكتابة. وهذه مشكلات لابد ان يكون له تأثير سلبي في مستوى الدراما الخليجية. ولذلك يجب ان تكون هناك وقفة ما من قبل المسؤولين عن الانتاج الدرامي والعمل على خلق صف ثان من كتاب الدراما الجدد الذين يمكن ان يطرحوا أفكارا وقضايا مختلفة تعبر عن عالم الشباب، وتخرج بالدراما من قضايا الحب والهجر وصراعات المال والميراث التي باتت المحور الرئيس والمتكرر في الدراما الخليجية.

تويتر