«سماء أولى.. جهة سابعة» نص مفتوح على التأويل

الخطيب يتوسط معن الطائي وزياد محافظة. تصوير: إريك أرازاس

قال الكاتب والشاعر الفلسطيني أنور الخطيب إن عنوان روايته الجديدة، «سماء أولى.. جهة سابعة»، مفتوح على التأويل، أما بالنسبة له فالجهات ليست أربعاً فقط، فهناك الأعلى والأسفل إلى جانب الجهة السابعة وتعني جهة الانسان من داخله، هذه الجهة البشرية الغامضة، التي حاول في روايته أن يكشف بعض تفاصيلها، ومازالت غامضة. «بينما السماء الأولى في العنوان، ربما تشير إلى الجهة المتخيلة من المنزل، موقع أحداث الرواية، وهي موجودة في موروثنا الديني كعالم جنائني ينتقل إليه الانسان بعد مغادرة الأرض بشكل مادي وذهني، ورغم ذلك فالسماء الأولى في الرواية ليست المتعارف عليها، فلكل منا سماؤه الخاصة، وسر أسراره التي يبوح بها في لحظة الكشف، وهذه اللحظة أصبحت سمة الرواية».

وعن الغرائبية في الرواية التي صدرت أخيرا عن دار فضاءات للنشر والتوزيع والطباعة؛ قال الخطيب «لم اخترع غرائبية في الرواية، والرمز بها إلى جهتين من المنزل إحداهما صحراء والأخرى جنائنية، وبينهما غرفة للحساب والعذاب تتحرك على جدرانها الارواح الشريرة، موجودة في موروثنا، ومن ضمن أدبياتنا، وانا اتكأت على هذا الموروث في العمل بخلاف كتاب أميركا اللاتينية الذين وظفوا الاساطير الموروثة في أعمالهم». مشيرا في الأمسية التي عقدت أول من أمس، في اتحاد كتاب وأدباء الإمارات بابوظبي، أنه في البداية كان يكتب قصة قصيرة بعنوان «جهات»، الشخصية الرئيسة فيها أديب يسعى دائما إلى المحافظة على جهاته، إلى ان تعترضه سيدة بسيارتها وتطلب منه ان يأتي معها إلى بيتها ذي الابواب السبعة، وهناك طلبت منه ان يدخل من أي باب، فشعر بأنه يخترق سماءه الأولى. وأضاف: «هنا اتسعت الفكرة، وحتى لا تضيق العبارة كان لابد ان تتحول القصة القصيرة إلى قصة طويلة ثم إلى رواية، وكان لابد من دور مختلف للغة كي تواكب اتساع الفكرة وجموح العبارة أو جنوحها، بينما حافظت على بعض جوانب القصة القصيرة في الرواية، لا أسماء للشخصيتين، المكان محدود جدا، وفتحت الأبواب على مصاريعها لتدفق الذاكرة، مع حقن الرواية بقصة معقدة مركبة».

وأشار د.معن الطائي، في الورقة البحثية التي قدمها خلال الأمسية، بعنوان «غواية السرد ولعبة المصائر المتقاطعة»، إلى أن لعبة المصائر المتقاطعة تحكم طبيعة العلاقة الإشكالية بين الرجل والمرأة في الرواية، ويتبادل كل منهما أدوارا عدة، خلال زمن السرد. لافتا إلى ان الرواية تطغى فيها الشخصية على الفعل، وتهيمن بنية الحوار على بنية السرد، وتتنوع الحوارات بين الحوار الداخلي أو المونولوج من جانب شخصية السارد والحوار الخارجي الممسرح بين الشخصيتين الرئيستين. وكان على الروائي بذل جهد استثنائي في إدارة الحوار بين شخصيتين فقط ضمن فضاء مكاني محدد ومغلق وعلى تلك الدرجة العالية من الشعرية والتكثيف.

وأوضح أن الخطاب السردي في الرواية على مستوى تجريدي خاص يجعل كل العناصر الداخلة في تركيبه ذات بعد رمزي موحٍ، كما تتوافر في الرواية عناصر المسرح الكلاسيكي كما حددها أرسطو، مثل وحدة الحدث الممتد، ووحدة الزمان التي حددها ارسطو بأنها لا تتجاوز الليالي الثلاث وهو ما تحقق في الرواية، بالإضافة إلى وحدة المكان، وهيمنة الحوار ووجود المونولوج الداخلي. مضيفا: «تأخذنا الرواية إلى نهاية مفتوحة، يتكرر فيها المشهد الأول الذي ورد في البداية، وبذلك يتماثل المعمار الروائي للحكاية مع المعمار الهندسي للبيت ذي البناء الدائري، ويمكننا القول ان نصف الدائرة من هذه الحكاية يقع في مساحة الواقع والحقيقة، بينما النصف الثاني يقع في مساحة الغرائبي والخيالي». ووصف الروائي زياد محافظة رواية «سماء أولى.. جهة سابعة»، بأنها «نص مفعم بالحياة»، لافتا في تناوله عناصر الرواية المختلفة إلى ان الرواية بنيت على هيكل اللغة، إذ أثث الكاتب روايته على لغة باذخة، في حين اقتصرت أحداث الرواية على شخصيتين اثنتين، استطاع الخطيب ان يقول على لسانهما ما شاء، كما كان للمكان حضور لافت، ففاتحة الرواية كانت على إسفلت الشارع، وخاتمتها انتهت هناك أيضا في ربط ذكي بين أول الحكاية وآخرها. وتوقف محافظة أمام ملاحظة في العمل، وهي رمزية الصحراء وحضورها، وأضاف: «أذاب الكاتب بذكاء العديد من القضايا الحيوية في سطور روايته، فحين تدخل أجواء النص، تنسحب ببطء من عالم الواقع إلى فضاء الخيال، وتتورط رغما عنك في علاقة شائكة ربطت رجلا غريبا بامرأة غريبة، هذه العلاقة التي نسجت بتأنٍ، وتركت لها خاتمة مفتوحة على رحابة الحياة واتساعها».

تويتر