أزمة «قرطاج»
الضجة المثارة بسبب تصريحات وزير الثقافة التونسي مهدي مبروك، حول منع بعض الفنانين من الغناء في مهرجان قرطاج، تعكس ما باتت العقلية العربية تعانيه من التحفز للآخر، وغياب القدرة على الحوار والرغبة في التقارب مع الآخر الشقيق، فبمجرد أن أعلن الوزير تصريحاته التي شدد فيها على منع مشاركة فنانين مثل إليسا ونانسي عجرم وتامر حسني في مهرجان قرطاج، انطلقت هجمة اعلامية من مختلف وسائل الاعلام اللبنانية والمصرية تستنكر تصريحات مبروك، باعتبارها تسيء للبلدين وليس فقط للفنانين الذين ذكرهم.
لكن الموقف الغريب كان إسراع نقابة المهن الموسيقية في مصر ونقابة الفنانين في لبنان بإصدار بيانات رفض وشجب لتصريحات الوزير، بل إن نقيب المهن الموسيقية في مصر، إيمان البحر درويش، هدد بأنه سيمنع المطربين التونسيين من الغناء في مصر إذا لم يعتذر وزير الثقافة التونسي عن تصريحاته. وهي بيانات وردود فعل تعكس افتقاد الخبرة في إدارة المواقف والمشكلات، وهو هدف مهم من أهداف النقابات إلى جانب رعاية اعضائها، إذ كان من الأجدى ان يحاول القائمون على النقابتين التواصل مع مبروك، والاستفسار منه عن مغزى تصريحاته، والعمل على تقريب وجهات النظر بهدوء بعيدا عن الانفعال والمزايدات في وسائل الاعلام، لأنه من غير المنطقي أن نختصر بلدا بكامله، مثل لبنان أو مصر، وبكل ما لديه من تاريخ وحضارة وجذور ومبدعين في كل المجالات، في شخص واحد مهما كانت مكانته.