منها الأهلة والعيالة والحدوة

فنون شعبية إماراتية مهدّدة بــالاندثار

صورة

الفنون الشعبية موروث مرتبط بتراث المنطقة، وهو ما يميزها عن غيرها من المناطق، وإن تشابهت مسميات تلك الفنون إلا أن الاختلاف يبقى جزءاً من عادات وتقاليد وقيم المكان، التي يفترض الحفاظ عليها وحمايتها من الاندثار، من خلال ممارستها بشكل دائم وعدم الاكتفاء بإحياء ذكراها في المناسبات والأعياد والاحتفالات الوطنية.

وتنقسم الفنون الشعبية في الإمارات إلى فنون شعبية بحرية وبرية، إلا ان بعض تلك الفنون، وتحديداً البحرية منها، تواجه خطر الاندثار، فيما انقرض بعض منها أصلاً، وفق عضو جمعية الفنون الشعبية في الشارقة علي خميس العشر، الذي أكد في ندوة الفنون الشعبية المصاحبة لمهرجان أيام الشارقة التراثية في منطقة قلب الشارقة، أول من أمس، أن عدداً من الفنون الشعبية انقرض فعلياً، كونه مرتبطاً ببعض الأعمال التي كانت تمارس في الماضي، منها فن الحدوة والنهمة والخطفة، التي كانت تمارس أثناء رحلات الغوص على اللؤلؤ وصيد الأسماك والتجارة.

وتعتمد الفنون البحرية المندثرة، ومنها الحدوة، على ترداد لحن وكلمات موزونة أثناء الغوص ورحلات الصيد على السفن، وهذا الغناء يواكب سير العمل في السفينة، وهو فن مقتصر على البحر والبحارة ويحتوي على أغانٍ من نوع «اليامال» و«الخطفة» و«المداوئ» و«الفجري»، وأغانٍ شعبية خفيفة تخضع لقواعد محددة، كذلك أغاني الزهيري والموال والترانيم والاستهلالات والأدعية والابتهالات إذ تدخل جميعها في نطاق «النهمة» التي يغنيها «النهام».

ولا يستخدم في هذا الفن أي من الأدوات الموسيقية المتعارف عليها في المنطقة، لأنه غناء يهدف بالدرجة الأولى إلى بعث الحماس في نفوس الصيادين وتشجيعهم على العمل وبذل الجهد لتحقيق الصيد الوفير، ويعبر في أحيان كثيرة عن أشواق البحارة والغواصين لعائلاتهم، ويكشف عن حجم معاناتهم في موسم الغوص.

فنـون تعانـي

أدوات موسيقية

يعتمد العديد من الفرق الشعبية المحلية، أثناء تأدية الرقصات والفنون الشعبية، على أدوات وآلات موسيقية ذات إيقاع شعبي قديم مستنبط من طبيعة المجتمع المحلي، منها «الطبل» و«الخرخاش» و«السحال» و«الصدفة البحرية» و«البوق» أو «الجم»، «الصنبوج»، إذ تستخدم تلك الآلات وفق الإيقاع المطلوب والكلمات المغناة والإيحاءات الحركية المصاحبة لأداء الفن. ومن أهم الآلات المستخدمة في فن العيالة، «التخامير» وهي طبول صغيرة بعض الشيء، غالباً ما يكون عددها ثلاثة، تساعد حامل طبل الرأس على ضبط الايقاع، كما يستخدم «الطار» أو «الاسماع» وهو عبارة عن ايقاع مصنوع من جلد الغنم يساعد «التخامير» و«الراس» في الايقاع، إضافة إلى «الطوس» وهو زوج من النحاس تصدر عنه أصوات شبيهة برنين الجرس.

لفت العشر إلى أن «هناك فنوناً بحرية لاتزال تصارع من أجل البقاء، وإذ استمر اهمالها فلن نجدها تُمارَس في غضون السنوات المقبلة، ومنها فن (الأهلة) الذي لم يبق سوى 20٪ ممن يمارسونه، إذ يعتمد الأهلة، وهو نوع من الفنون البحرية، على الغناء من دون ايقاعات موسيقية، إذ يُغنى في الليل بعد الانتهاء من تأدية رقصة العيالة، وهو عبارة عن قصائد تُغنى بألحان متنوعة، غالباً ما يؤلفها قائد الفرقة، لتتميز بها فرقته عن غيرها من الفرق». وتُمارس الأهلة بأن تنقسم المجموعة إلى صفين متقابلين، يبدأ صاحب القصيدة أو اللحن ينشد بالمقام، وتردد المجموعة من بعده المقام نفسه، وبأسلوب المبارزة بالكلام، تبدأ المجموعة الثانية بالرد على الأهلة الأولى مع الحفاظ على المقام وتغيير الكلام فقط، ويحمل بقية أفراد المجموعة العصي ويتمايلون على أنغام الألحان إذ يطلق عليهم «الرزيفة».

وناشد العشر دائرة الثقافة والإعلام ووزارة الثقافة ضرورة انتشال تلك الفنون وإعادة احيائها من خلال تكوين فرقة متخصصة في تدريب تلك الفنون للحفاظ عليها ولضمان استمراريتها، لاسيما ان احتمالات اختفاء تلك الفنون واردة في ظل غياب الممارسة وعدم الاهتمام بأصحاب هذا الفن المنتمين للجيل الماضي.

تدني الإمكانات

العشر قال لـ«الإمارات اليوم» إن «فرقة تدريب الفنون الشعبية المتخصصة تحتاج إلى امكانات مالية، خصوصاً مع توافر الكادر القادر على التدريب، وإن مبلغ 100 ألف درهم قد يكون كافياً لإحياء التراث الشعبي الذي يواجه خطر الاندثار، لاسيما في غياب المواطنين وعزوفهم عن ممارسة تلك الفنون، جراء تنوع الاهتمامات وقلة العوائد المالية، إذ يفضل الشاب الاماراتي لعب كرة القدم أو تمضية وقت فراغه في الألعاب الالكترونية عوضاً عن ممارسة الفنون الشعبية». وأكد العشر أن «ممارسة الفنون الشعبية يفترض ألا يخالطها أي نوع من الخجل الاجتماعي، خصوصاً أن الفن الشعبي موروث ويجب الافتخار به والاعتزاز بممارسه، وفي الماضي كانت الفرق الشعبية تسمى بأسماء العائلات المعروفة، التي تمتاز بالقوة في المنطقة، منها فرقة السويد وآل علي والمسلم، وذلك لأن الفنون الشعبية الممارسة هي في الأساس فنون حربية تبرز رجولة وشجاعة الإماراتي».

فن العيالة

توقع العشر أن يواجه فن العيالة مصير الفنون الشعبية التي اندثرت، ما لم يكن هناك تدخل جذري للحفاظ على الموروث الشعبي، وأكد أنه «خلال الـ10 سنوات المقبلة لن نسمع بفن العيالة الذي اقتصرت ممارسته على الاحتفالات الرسمية والأعياد والمناسبات الوطنية، فيما لاتزال بعض الأسر الإماراتية تحرص على تنظيم رقصات العيالة في الأعراس».

وذكر أن «فن العيالة عبارة عن قصائد وأشعار لا تخلو من الغزل أو المدح أو الروح الوطنية، خصوصاً القصائد الحربية، إذ تغنى تلك الأشعار بألحان شعبية تستخدم فيها ايقاعات شعبية فقط، منها (الرأس) وهو عبارة عن طبل كبير ذي صوت مرتفع، ومن خلاله تبدأ رقصة العيالة، كونه ضابط الايقاع الذي تسير من بعده بقية الفرقة بمن فيهم (الرزافة) الذين يتمايلون على الايقاعات بوساطة تأدية رقصة، مستخدمين فيها العصي».

ومن الفنون الشعبية الدخيلة على المجتمع الإماراتي، التي تأصلت ضمن الفنون الشعبية المحلية، فن الليوا، الذي وجد طريقه الى المجتمع قادماً من إفريقيا وتحديداً الفن السواحلي، إذ إن معظم أغاني الليوا سواحلية أصلاً، ويستخدم في هذا الفن المزمار الذي يتم التلاعب بإيقاعاته ومنها «الشيندو» و«السيندو» و«الجبوه» و«الجاسر».

تويتر