«ذاكرة» احتفاء بالأنـاقة
نساء أنيقات بملامح مبتسمة؛ يقفن في اعتزاز ورشاقة، أو يجلسن بخيلاء، هكذا جسدت «ذاكرة» الفنان العراقي وداد ثامر المرأة في معرضه الذي افتتح مساء الإثنين في أبوظبي، والذي كان للمرأة الحضور الأبرز فيه، فاحتلت أغلبية لوحات المعرض التي مالت في مجملها إلى الحجم الكبير، بما اعطى مساحة للفنان للاشتغال على أناقة نسائه، وعلى رسم ملامح وجوههن لتبدو واضحة مبتسمة تذكّر المتلقي بسيدات المجتمع العصريات حيناً، وساكنات القصور في العصور العثمانية أحياناً.
سيرة لونية وداد ثامر فنان عراقي حاصل على بكالوريوس فن الرسم - أكاديمية الفنون الجميلة - بغداد، ودبلوم عالي من أكاديمية الفنون في منيرفا - هولندا. عمل في رسوم الأطفال ومصمم أزياء في دار الأزياء العراقية - بغداد، وفي تدريس فن الرسـم في معهد الفنــون الجميلة ومجـال الديـكور، كما نظم دورات تدريسية في الرسم - هولندا، وشارك في عدد من ورش العمل، وهو متفرغ حالياً كفنان للعمل في إقامة معارض شخصية وجماعية، وقد أقام منذ عام 1979 العديد من المعارض الفردية والجماعية في العراق وهولندا، وعدد من الدول العربية والأوروبية.
نحت «فلافين» تنظم هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة معرض نحت للفنان باتريك فلافين خلال الفترة من 24 أبريل ولغاية 14 مايو ،2012 في مركز القطارة للفنون بمدينة العين. ويستخدم فلافين الصلصال الزيتي بشكل أساسي في إنتاج منحوتات من الجص أو الراتنج، ويُقدّم المنحوتات بنوعيها النافر والمجسّم. |
على الرغم من هذا التركيز الظاهر على المرأة في لوحات المعرض؛ إلا أن وداد ثامر ينفي أن تكون المرأة هدفه الرئيس في لوحاته؛ ولكن الأناقة هي هدفه وموضوعه. موضحا أن اهتمامه بالأناقة والأزياء يرجع إلى عمله من قبل في مجال تصميم الأزياء، ما جعله يدخل هذا العالم ويعرف أسراره، ويدرك قيمة الأناقة والجمال، كما منحه العمل في تصميم الأزياء قدرة على اكتشاف جماليات الأقمشة وما تتضمنه بداخل انسجتها من فنون، وما يمكن ان تضفيه التفاصيل الصغيرة على اللوحة الكبيرة من جماليات رائعة. ولعل هذا ما جعله يولي اهتماماً كبيراً في لوحاته لإبراز زخرفة الاقمشة وتركيبة نسيجها، لتبدو اللوحة كأنها مطعمة بقطع من الدانتيل أو الجوبير أو المخمل، وهي الاقمشة الاكثر ارتباطاً في عالم الأزياء بالفخامة والرفاهية، إلى جانب تركيز الفنان على خلق قصة للزي الذي ترتديه السيدات في لوحاته، والذي يختلف من لوحة الى أخرى، وتجسيد هذه القصات لتبدو واضحة ومتناسقة مع صاحبتها. كما لم يقتصر تأثر الفنان بعالم الازياء على الاهتمام بالأزياء وقصاتها، لكنه انعكس كذلك في اهتمامه بالشعر وأسلوب تصفيفه، وبالشكل النهائي، بحيث تظهر المرأة في لوحاته مثل موديل تتهادى على خشب العرض، أو أميرة تستعرض حسنها وأناقتها. ولجأ في بعض اللوحات إلى اخفاء ملامح الوجوه خلف أقنعة، ليمنح المتلقي مجالاً لنسج حكايته الخاصة.
الألوان لها قصة أخرى في معرض الفنان وداد ثامر؛ فهو يرى ان علاقته باللون هي تجربة تتجدد من عمل لآخر، وفي لوحات معرضه «ذاكرة» الذي تنظمه هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، وافتتحه عضو مجلس إدارة الهيئة، زكي نسيبة، ويستمر حتى 29 أبريل الجاري، جاءت تجربة ثامر ساطعة بالأصفر الذهبي الذي أسر الفنان لمدة عامين كاملين استشعر فيهما جمالياته وأحب وهجه، فطغى على معظم أعماله ليصبح قاسما مشتركا بينها، وربما كان الأصفر الذهبي هو الانسب بين الألوان لعشق الفنان للأناقة، بما عرف به كلون ملكي ارتبط دائما بالفخامة. الأصفر الذهبي أيضاً قاد ثامر إلى الطبيعة والخريف بأشجاره ذات الأوراق الذابلة الذهبية، وهي طبيعة استلهمها الفنان من مشاهد اختزنها في ذاكرته خلال سفره في دول اوروبا ودراسته هناك، مشيرا إلى ميله لاستخدام تقنية في اعماله تجمع بين ما اكتسبه من مشاهدات ومعارف خلال دراسته في اوروبا، وبين الفن الإسلامي القديم. كما تعكس اللوحات في المعرض مزجاً بين مدارس فنية مختلفة، مضيفا: «في كل مرة أجد نفسي قريباً إلى التجريدية والرمزية والانطباعية والواقعية، إلا أن النتيجة أن الكل يصبح في حوزتي»، معتبرا أن «كل لوحة تعني بالنسبة لي بداية رحلة، مغامرة، فتجربة اللوحة في كل مرة أحسها تخرج من أصابعي خلاصة ليومي ولوقتي، أبحث دائما، ألاحظ، وأدقق، أحاول وأخلق اللون، السطوع، والملمس والضوء، ويعطيني هذا النهج حرية هائلة وحافزاً للبدء ثانية على قماش جديد».
من بين لوحات المعرض؛ تتفرد لوحتان بعدم وضوح أي طبيعة تجسدان، إذ اجتمع فيهما جمال الطبيعة في بلاد أوروبا، وحميمية الطبيعة العربية.
هذا اللبس يوضحه ثامر قائلاً: «هاتان اللوحتان لم أرسمهما للمعرض، إذ يعود تاريخهما إلى عام ،2009 وفيهما انتقلت من التصويرية إلى التجريد لأجسد من خلاله طبيعة بغداد كما تختزنها الذاكرة»، مشيرا إلى ان لوحاته في المعرض خلت من تقنيات اللعب بالظلال وتدخلاته، لتبدو صريحة واضحة بما يتناسب مع وضوح الأصفر وسطوعه.