يعرض 35 لوحة في جمعية الإمارات بالشارقة
حسني مجاهد.. التاريخ برسوم كـرتونية حديثة
أعاد الفنان التشكيلي حسني مجاهد، صياغة التاريخ مرة أخرى في صور متطورة ورسوم تشكيلية لم تخل من طابع الإبداع والحداثة، إذ عرض أخيراً، في جمعية الإمارات للفنون التشكيلية في الشارقة 35 لوحة فنية لشخصيات تاريخية فريدة تركت أثراً لا يمحى من ذاكرة الزمان، وارتبطت بعصور غابرة شهدت بطولات وثورات وصراعات دامية.
وقال مجاهد لـ«الإمارات اليوم» إن «الفنانين يرسمون التاريخ بشخصياته العريقة، لأنهم في مسيرتهم نحو التطور يحتاجون إلى أن يستلهموا عبق الماضي وتاريخ الأجداد ليكملوا مسيرتهم نحو مستقبل متميز، كما أن التعريف التاريخي في طرح الشخصية، يساعد على ابرازها، وإن كانت شخصية ارتبط اسمها بالشر أو الخير، وذلك لأن كثيراأ من الأشخاص باتوا لا يعرفون تاريخهم أصلاً».
ولفت إلى أن «الحاضر لا يبشر بالخير من الجانب الثقافي والفكري، إذ إن الثقافة التاريخية لم تعد متداولة بل صارت مهمشة وملغاة من عقول المثقفين والمبدعين، فأمة اقرأ لا تقرأ أصلاً، بل على العكس قد يهتمون بجوانب أخرى من الثقافة ويتجاهلون التاريخ بشخصياته».
اختزال التاريخ
أكاديمية رسوم
يطمح مجاهد إلى وجود أكاديمية للرسوم المتحركة، يتم من خلالها تخريج أجيال متعلمة وقادرة على بلورة التاريخ في اطار فني معاصر، على أن تكون تلك الأكاديمية عبارة عن مطبخ فني يهدف إلى التعليم الفني البحت، الذي من خلاله يكتسب المنتسب مهارات فنية يتم توجيهها في إطار جيد مناسب لما تحتاج إليه الساحة الفنية، على اعتبار أن صناعة الرسوم المتحركة هي الصناعة المقبلة التي يتنافس عليها الغرب حالياً. وأفاد الفنان بأن «الرسم الكرتوني يبدأ عبر رسم يدوي للشخصية على الورق وهو ما يطلق عليه اسم (اسكتش)، ثم نسخ الصورة المرسومة على جهاز الكمبيوتر ليتم تلوينها من خلال برامج عدة متخصصة في التلوين ووضع اللمسات الكرتونية على الرسمة من أبعاد وظلال، لأنني في الأصل درست النحت والرسوم المتحركة هذا ما منح الشخصيات التي أرسمها حدة ودقة في التفاصيل، إلا أن تلوين تلك الرسوم بواسطة البرامج الحديثة يخفف من حدتها». |
مجاهد الحاصــل على درجة دكتوراه في الرسوم المتحركة، قال إن «التاريخ لا يمكن اختزاله في معرض واحد، إلا أن هناك سلســـلة مطولة من المعارض التي ستضم شخصــيات تاريخية سيتم تسليط الضوء عليها ورسم تفاصيل دقيقة من حياتها»، وحـــول تسمية المعرض «عندما نرسم التاريــخ»، قال «أعتقد أن التاريخ يفترض أن يظهر ولكن بصورة حديثة، يمكنها أن تتماشى مع تطورات العصر من تكنولوجيا وتقنيات حديثة، لضمان وصولها لأكبر شريحة في المجتمع».
وأوضـــح أن «التاريخ يجب أن يعرض بجميع حالاته سواء سلبياته او إيجابياته، فهناك شخصيات تاريخية تركت بصمة يفترض أن يسلط الضوء عليها، بغض النظر عن الاعتبارات الانسانية والتوافق مع تلك الشخصيات، إذ إن شخصية مثل كسرى أو هولاكو أو حتى مسيلمة الكذاب وجنكيز خان، هي جزء من التاريخ يجب أن يسلط الضوء عليه، وإن كنا لا نتفق مع تلك الشخصيات».
شخصيات كرتونية
المعرض المقام حالياً في جمعية الإمارات للفنون التشكيلية في الشارقة، يضم 35 لوحة عبارة عن رسوم كرتونية، لشخصيات عربية وإسلامية مؤثرة في التاريخ، لم تعد سيرتها متداولة في الثقافة المعاصرة، لذلك أراد مجاهد أن يعيد ذكراها ويحيي تاريخها لتصبح دافعاً لدى الأجيال لإعادة قراءة التاريخ بطريقة حديثة تليق بالتاريخ نفسه وتتناسب مع وسائل التكنولوجيا الحديثة التي هيمنت على عقول الأجيال الحديثة.
ورسم الشخصيات المؤثرة التي يجب أن تكون قدوة ومثالاً يحتذى به لدى الأجيال الحديثة التي باتت مبهورة بشخصيات كرتونية غربية، من دون أن تكترث بالشخصيات التاريخية في العالم، وذلك لأن الكرتون الغربي استطاع أن يصل بما يستخدم من وسائل ومؤثرات معاصر وأدوات وتكنولوجيا حديثة نادراً ما تستخدم في عالمنا العربي.
وتطرق مجاهد إلى رسم شخصيات مثل الحكيم بيدبا وهو حكيم هندي كان يروي القصص على لسان الحيوان من خلال القصة المشهورة «كليلة ودمنة»، وتعمد مجاهد إبراز تعابير الوجه ودقة التفاصيل الصغيرة التي غفل عن الاهتمام بها الكبار، فيما يركز عليها الأطفال مثل الألوان والملابس وهيئة الشخصية المرسومة ودورها في الحياة.
كما رسم مجاهد شخصية كسرى يزدجرد وهو آخر ملوك الفرس الذي قتل بعد أن انهار ملكه أمام المسلمين بعد معركة القادسية، وجسد مجاهد شخصية كسرى المتغطرس في لوحة تبين خلفيتها تلك الشقوق التي توحي بانهيار ملكه، فيما ضم المعرض كذلك فيلماً نفذ بتقنيات الرسوم المتحركة «الأنيميشن»، صممه ونفذه الفنان كنموذج لمشروعات فيلمية مقبلة، تهدف إلى جذب الصغار والكبار معاً للتواصل مع حكايات تاريخية غابرة، كما تضمن تحويل أحداث عظيمة إلى مغامرات انسانية ممتعة.
وتناول الفنان شخصية عقبة بن نافع وهو أحد القادة العرب والفاتحين في صدر الإسلام، الذي اشتهر تاريخياً باسم «فاتح افريقية»، ولأنها شخصية بطلة تمكن مجاهد من تجسيد ملامح تلك الشخصية التي تطغى على ملامحها القوة والجرأة والصلابة، كما رسم شخصية «بن العلقمي» وهو أحد الخائنين للإسلام والمسلمين وقد عرف بمناصرته لهولاكو وكان يرافقه وحيداً أثناء سقوط بغداد.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news