«كلمة» يُصدر «أساتذة اليأس»
أصدر مشروع «كلمة» للترجمة التابع لهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة كتاب «أساتذة اليأس.. النزعة العدمية في الأدب الأوروبي»، للكاتبة الفرانكو - كنديّة نانسي هيوستن، وترجمه عن الفرنسية وليد السويركي.
وتتتبّع نانسي هيوستن في هذا الكتاب تطّور النزعة العدميّة في الأدب الأوروبي منذ القرن الـ19 حتّى الكتابات المعاصرة، فتتفحصّ بدايةً الأساس الفكريّ والنظري الذي يستند إليه كتّاب العدميّة الغربيّون انطلاقاً من فلسفة التشاؤم عند آرثر شوبنهاور الذي تسمّيه «بابا عدم»، ثم تستخلص عبر فصول الكتاب العناصر البيوغرافية والفلسفية والأسلوبيّة التي تجمع بينهم، وتقدم قراءتها الشخصية الناقدة لأبرز أعمال بعضهم صامويل بيكيت، اميل سيوران، ميلان كونديرا، ايمره كيرتش، توماس بيرنهارد، الفريده يلينيك، ميشيل ويلبيك، كريستين أنجو، ساره كين، ليندا لي، وهي قراءة تتميز بقدر كبير من الجرأة والاختلاف، لا تتردد في الخروج على الإجماع النقدي والجماهيري الذي يحظى به هؤلاء الكتّاب.
وتحيل الكاتبة نشأة الفكر العدمي إلى عوامل عدة، منها تزعزع المسلمات اليقينية حول مكانة الإنسان ودوره في الكون، مع مطلع الحداثة في القرن الـ،17 ثم «أزمة الذكورة» الناجمة عن تحرّر المرأة وتحولات الأدوار الاجتماعية للجنسين، وأخيراً ما نجم عن الحرب العالمية الثانية من فظائع قادت إلى أزمة أخلاقية وروحية كبرى في أوروبا المعاصرة.
وتخوض هيوستن سجالاً حاداً ضد الرؤية العدميّة الأحادية للعالم، من موقع نسوي يرفض الجذرية السوداوية، لمصلحة وعي نقدي جدلي ينحاز للحياة بكل تناقضاتها، بأفراحها ومآسيها، ودون أن يسقط في فخ للتبشير بالأوهام الزائفة والأحلام الجميلة والآمال الخادعة.
وتهاجم المؤلفة الفكر العدمي الذي يستعيد قيماً دينية ثنائية من الثقافة الغربية القديمة، مثل التعارض الجذري بين الجسد والروح، والانتقاص من قيمة الجسد والإنجاب، والمبالغة في الإعلاء من قيمة الروح، وكره المرأة بوصفها تجسيداً للحياة الحسية. ولا تتردد في كسر أحد التابوهات النقدية التي فرضتها البنيوية والشكلانية اللتان سيطرتا على الآداب في فرنسا، ألا وهو الربط بين حياة الكتّاب وتأثيرها «المحتمل» في مضمون كتاباتهم وشكلها. وهي ترجع عودتها للمنهج البيوغرافي إلى التشابه الكبير الذي وجدته بين السير الذاتية المختلفة لهؤلاء الكتّاب والمسلمات العدمية في أعمالهم. والمؤلفة نانسي هيوستن روائية، ناقدة، وموسيقية، من مواليد كالغاري (كندا). وتعد إحدى أهم الروائيات المعاصرات باللغة الفرنسية، درَست في الجامعات الأميركية قبل أن تنتقل إلى فرنسا حيث أعدت أطروحة تحت إشراف رولان بارت. تعيش في باريس منذعام 1973 برفقة زوجها الناقد والمفكر المعروف تزفيتان تودوروف، تكتب باللغتين الإنجليزية والفرنسية، وتترجم نفسها في الاتجاهين، لها ما يزيد على 30 كتاباً تتوزع على الرواية والمسرح والدراسات النقدية وأدب الأطفال.