المسرح المدرسي.. مـعوّقات بالجملة
وصف الناقد المسرحي محمد سيد أحمد حال المسرح المدرسي في الإمارات بـ«المرير»، مشيرا إلى أنه يعاني ركوداً وتدنياً في المستوى، لاسيما مع وجود نقص كبير في أعداد المشرفين المخولين تدريب الطلبة، والذين ينظمون زيارات مدرسية تأهيلية شاملة التدريب وعرض التجارب المسرحية.
وأضاف لـ«الإمارات اليوم»، أن «هناك مسؤولين في إدارات المدارس غير مقتنعين بالمسرح أصلاً، الأمر الذي يعيق عمل كوادر التدريب، إذ إن المدارس التي لديها مسؤولون مهتمون بالمسرح بشكل عام ومطلعون على التجارب المسرحية المدرسية غالباً ما يكونون متعاونين مع المشرفين، بل ويقدمون الدعم الكافي للمسرح المدرسي، ما يجعل النشاط المسرحي مزدهرا في عهدهم».
وأوضح أن هناك عددا من المعوقات التي يمكن اعتبارها معوقات ثانوية إلا أن تأثيرها واضح في المسرح المدرسي، منها عدم حماسة بعض القيادات التربوية للمسرح المدرسي، ومعارضة أولياء أمور طلبة موهوبين التمثيل والمسرح بالفطرة، الأمر الذي يحرمهم مواصلة التدريبات المسرحية».
مهرجان يعد مهرجان المسرح المدرسي في الشارقة، إحدى الفعاليات التي تهتم بالمسرح وتدريب وتأهيل الطلاب، من خلال حجم المشاركات والعروض الطلابية التي تجاوزت في الدورة الثانية التي نظمت أخيراً، 33 عرضا مسرحيا تنتمي إلى 18 مدرسة في الشارقة، و11 مدرسة في المنطقة الشرقية وأربع مدارس من المنطقة الوسطى، فيما بلغ عدد المشاركين في العروض 420 طالبا من المراحل الدراسية كافة. وصاحب المهرجان برنامج فكري شارك فيه تربويون، ومجموعة من الفنانين المسرحيين والعاملين في المسرح المدرسي، لمناقشة ما يعيق تطور المسرح المدرسي وكيفية تفعيل دوره في العملية التربوية، وبرنامج العلمي يشمل ورشا متخصصة في المسرح المدرسي منها الكتابة والتمثيل والإخراج في المسرح المدرسي والسينوغرافيا.
|
غياب الكادر
رأى الناقد أن معوقات العمل في المسرح المدرسي، تتلخص في غياب الكادر المسرحي المشرف على النشاط المسرحي في المدارس، وانعدام الوقت المخصص للمسرح المدرسي خلال اليوم الدراسي، لاسيما أن المدارس ترفض تدريب الطلبة خلال الفترة الأولى من العام الدراسي، والتي غالباً ما ينظم فيها مهرجان المسرح المدرسي. ولفت إلى انخفاض أعداد المشرفين المسرحيين ليصل عددهم إلى ثلاثة من أصل 10 كانوا مكلفين في التسعينات من القرن الماضي بتغطية المدارس الحكومية المنتمية إلى 10 مناطق تعليمية، الأمر الذي يسهم في تدني مستوى المسرح المدرسي، خصوصا أن المشرفين لا يملكون الوقت الكافي لزيارة جميع المدارس، و«المشرف المسرحي يقوم بتنشيط المسرح في مدارس المنطقة من خلال الزيارات الميدانية وتنفيذ ورش تدريبية وإشرافية، والإسهام في تنظيم المهرجانات ومسرحة المناهج ومهرجانات العرض المسرحي في كل منطقة تعليمية ليختم بمهرجان مسرحي مدرسي على مستوى الدولة تشارك فيه العروض الفائزة في مهرجان المناطق التعليمية.
واقع
أضاف أحمد أن «واقع المسرح المدرسي مرير، لاسيما مع حالة الثبات في مستوى الأعمال المقدمة طوال السنوات الـ10 الماضية، والتي شاركت في مهرجانات المسرح المدرسي»، معتبرا أحد اسباب ذلك التدني غياب الدعم المالي المخصص للمسرح المدرسي، خصوصاً أن ذلك النشاط لا يحظى بأولوية الدعم مثل بقية الأنشطة التي قد لا تكون بأهميته، لاسيما أن مسرح المدرسة قد يكون بداية لتكوين مسرحيين كبار». وقال ان «المسرح ظاهرة اجتماعية ونشاط فني حر ومادة تدرس في كثير من كليات التربية في العالم، لذلك هو يعد وسيلة فعالة في مسرحة المناهج، كما يقدم المتعة والترفيه، ويسهم في تنمية التذوق الجمالي لدى الطلبة، وساحة لاكتشاف المواهب ورعايتها، وينمي مهارات التفكير النقدي والابداعي».
مسرحة المناهج
أشار الناقد المسرحي إلى أن تجربة مسرحة المناهج من التجارب المهمة في المسرح المدرسي والمدخل الدرامي من المداخل المؤثرة لإيجاد وترسيخ ممارسة مسرحية داخل المدرسة، باعتبارها عملاً مناسباً لا يثير اعتراضات اولياء الأمور ومديري المدارس، والمناهج في المفاهيم التربوية الحديثة تدعو أصلاً لمثل تلك الوسائل التعليمية والتي تخدم النمو الثقافي والاجتماعي والنفسي لدى الطلبة».
ورغم أن هناك معوقات تواجه المسرح المدرسي، إلا أن تجربة مسرحة المناهج قد شهدت بعض التجارب في مسرحة مواد دراسية مثل اللغة العربية والانجليزية والرياضيات والتاريخ والجغرافيا وحتى مادة الكمبيوتر. واعتبر أحمد مهرجان المسرح المدرسي في الشارقة بارقة أمل تبشر بمسرح مدرسي متطور وجاد ومتفاعل «ولاستمرار ذلك يجب الحرص على استمرارية المهرجان في السنوات المقبلة مع تفعيل تجربة توفير كوادر مسرحية من أصحاب المعرفة والتخصص لمساعدة المدارس في تجويد العروض».
مقترحات
لضمان الاسهام في تطوير المسرح المدرسي اقترح الناقد المسرحي مجموعة من الحلول لتفادي المشكلات والمعوقات التي تؤثر في المسرح، مطالبا وزارة التربية والتعليم بتوفير مزيد من الدعم للمسرح المدرسي من خلال توفير كوادر للإشراف على تطوير وتدريب الطلبة وتنمية مهاراتهم المسرحية، إضافة إلى توفير الوقت اللازم لمواصلة عملية التدريب أثناء اليوم الدراسي، وتقديم الدعم المالي من خلال تخصيص ميزانية للمسرح المدرسي.
وطالب أحمد بأن تحذو الجهات المسرحية في الدولة حذو دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة التي تقدم الدعم للمسرح المدرسي من خلال مهرجان المسرح المدرسي، كما يفترض توفير مشرف مسرحي متخصص لكل منطقة تعليمية، والسير على خطة مسرحية شاملة لا يقتصر العمل بها على وجود إداريين مهتمين بالمسرح، كما يجب تفعيل عدد من المسارح الغائبة أصلاً منها مسرح العرائس والدراما الابداعية والمسرح الارتجالي ولغة الجسد.