فنانون من دول «الربيع العربي» يحـملون نصوصهم وكاميراتهم إلى «قريــــــة الشارقة»
لأن العمل الدرامي مرتبط بما يعرف بمواقع التصوير أو «اللوكيشنات»، التي تنقل واقع القصة الدرامية وتحدد الحالة المكانية والزمانية التي تدور حولها أحداث العمل، تنفذ الشارقة حالياً مشروع قرية تصوير ضخمة متخصصة بتصوير المسلسلات التراثية، ليس فقط المحلية منها إنما العربية وتحديداً المسلسلات السورية والأردنية، الأمر الذي يساعد على ايجاد بيئة عمل شبيهة بالبيئة التي يفترض تصوير تلك المسلسلات بها.
ونظراً للأحداث السياسية في بعض الدول العربية، فقد حالت تلك الاضطرابات دون اتمام عمليات تصوير أعمال تلفزيونية أو استبدال بيئة التصوير والانتقال إلى مناطق تصوير أكثر أماناً واستقراراً، وهو ما حصل في كثير من الحالات.
من هذا المنطلق، وبهدف توفير بيئة تصوير ملائمة لجميع الأعمال الدرامية التلفزيونية، تنفذ الشارقة قرية تصوير ضخمة، يستغرق تنفيذها نحو عام، في المنطقة المطلة على الطريق العام بين مدينتي الذيد وكلباء، إذ تضم مواقع و«لوكيشنات» تصوير، واستديوهات مفتوحة خارجية ومسارح ومواقع تصوير مغلقة مزودة بمستلزمات التصوير كافة، من ديكورات وإضاءة وفنيين متخصصين وكاميرات احترافية.
طلبات تصوير
قناة «سجايا» خطت قناة «سجايا» خطواتها نحو انتاج وتصوير وإخراج المسلسلات، من خلال مسلسل تعتزم القناة عرضه خلال شهر رمضان، ويصور المسلسل الحياة القديمة في الشارقة وتحديداً فترة الخمسينات والستينات، ويعكس الوجه الجيد لتلك الفترة وطريقة الحياة والعادات التي كان يمارسها سكان المنطقة. ويصور المسلسل في قرية التراث بالشارقة، ويشارك فيه عدد من الفنانين الاماراتيين والعمانيين، إذ سيلعب دور البطولة الفنان الاماراتي سيف الغانم ويمثل شخصية مزدوجة تلعب دوري الخير والشر، وسيكون العمل الدرامي من اخراج حسن أبوشعيرة. وتعد قناة «سجايا» التي تأسست بمبادرة من رئيس مجموعة الفيصل للاستثمار والتعمير الشيخ فيصل بن خالد القاسمي، نافذة الجمهور على التراث العريق، وكل ما يدور في العالم العربي، من خلال قائمة من البرامج الاقتصادية والثقافية والرياضية والفنية إضافة إلى البرامج المتنوعة والمسلسلات العربية والأغاني والأفلام الوثائقية. |
تلقت القرية فعلياً عددا من طلبات وعقود التصوير مع شركات انتاج محلية وخليجية وعربية، وتحديداً من سورية والأردن، لاسيما أن استديوهات القرية تدرس طلبات تصوير مسلسلات تمت الموافقة عليها منها المحلي والخليجي، وفق رئيس مجموعة الفيصل للاستثمار والتعمير الشيخ فيصل بن خالد القاسمي، الذي أفاد بأن «القرية ستزود بديكورات ومجسمات تركيبية ومواقع تصوير تمثل الأجواء التقليدية والشعبية في عدد من الدول منها سورية، لاسيما في وجود الاضطرابات والأحداث السياسية الحاصلة في البلد، الأمر الذي يمكن أن يؤثر في الانتاج الدرامي السوري، لهذا تعد القرية بمثابة البديل الأفضل للتصوير، خصوصاً أنها مجهزة بمواقع تصوير شبيهة بتلك التي تصور أجواء المسلسلات السورية الشعبية مثل مسلسل (باب الحارة)».
وتابع أن «قرية التصوير تعد أول استديو تراثي في الشارقة، كما أنها موقع متكامل للتصوير إذ سيضم عددا من الغرف الفندقية يصل عددها إلى 25 غرفة، وفللا سكنية يمكن تخصيصها للطاقم الفني أثناء تصوير العمل الدرامي، إضافة إلى ديكورات مصغرة تمثل أهم المعالم التراثية والمعمارية في الإمارة وبعض الديكورات التي تحمل طابعا وملامح تراثية وشعبية، كما خُصص مسرح مفتوح وآخر مغلق ومدن قديمة للتصوير».
ديكورات متطورة
وقال القاسمي إن «القرية جهزت بمواقع التصوير والاستديوهات بديكورات من البيئة التراثية والبدوية على وجه الخصوص، تخدم فكرة الأعمال المتقدمة للتصوير والديكورات التي تنقل صورة حقيقية عن تلك الأجواء الشعبية في عدد من الدول بما فيها البيئة المحلية والبدوية وتحديداً التي تتميز بها المسلسلات الأردنية، كما ستزود القرية بمساحات كبيرة تضم اسطبلات خيول وجمال ومواشٍ، لتخدم الطبيعة البدوية وتساعد في تصوير المسلسلات تحديداً التي تعتمد على البيئة الخارجية، إضافة إلى بناء حمام سباحة يخدم تصوير المسلسلات الحديثة».
وتعتمد القرية وفق القاسمي على توثيق التراث والموروث الشعبي بطريقة عصرية ومتطورة تتماشى مع التكنولوجيا والتقنيات الحديثة المتوافرة في العصر الحالي، وتهدف إلى ربط التراث بالحياة العصرية والمجتمع، على اعتبار أن العمل التلفزيوني إذ ما تضمن مشاهد ولقطات تراثية تسجل الحياة قديماً يجب أن يكون التصوير قديما (أبيض وأسود) ولكن بتقنيات حديثة تكشف خبايا ومميزات الحياة قديماً مع استخدام الطرق الاخراجية الحديثة في تصوير اللقطات ومونتاج العمل ليخرج بصورة نهائية تدعم الحداثة مع الالتزام بالطابع القديم، لاسيما أن القرية تتفاوض مع شركات أميركية وإيطالية متخصصة في التصوير الاحترافي لإيجاد طريقة للاستفادة من قدراتها وتطورها في مجالات التصوير.
مسرح مكشوف
وتعتزم مجموعة الفيصل تزويد المنطقة بمسرح مكشوف وضخم يضم أعمدة رومانية ومنصة عرض كبير وعددا هائلا من المقاعد، إذ يمكن تشبيه المسرح بمسارح كل من قرطاج وجرش، وذلك لإحياء حفلات ومناسبات، كما تعتزم الشركة اعادة انتاج بعض الأفلام القديمة والتي تركت أثرا كبيرا وتحويلها إلى مسلسلات تلفزيونية.
وشدد القاسمي على ضرورة تغيير حال الدراما المحلية والخليجية والتي لا تمس واقع المجتمع كونها تتطرق إلى قضايا لا تعد ظواهر مجتمعية أصلاً، إذ باتت الدراما المحلية تركز على مشكلات بعيدة كل البعد عن اهتمامات المشاهد، لذلك يفترض التركيز على الواقع المحلي وما يهم المواطنين من شؤون وموضوعات، منها الموضوعات التراثية ومحاولة احياء ذلك الموروث الشعبي وايصاله إلى شرائح المجتمع كافة، بما فيها الشباب وتحديداً الجيل الحالي، البعيد كل البعد عن المجتمع القديم».