دبي.. عاصمة جديــدة للسينما العربية
تمر هنا أو هناك فتجد مجاميع متحلقة حول كاميرات تصوير فتسأل عما يجري، لتكون الإجابة بأن الأمر متعلق بتصوير مشاهد لمسلسل أو فيلم، حالة أصبحت مألوفة في عدد من إمارات الدولة، خصوصاً دبي، التي أصبحت الكثير من مواقعها، مواقع تصوير محتملة، بفضل البنية التحتية المتميزة، فضلاً عن التسهيلات الكبيرة التي تقدم في هذا الإطار.
وتوازياً مع اهتمام عالمي بلغ ذروته في تصوير أهم مشاهد الجزء الرابع من «المهمة المستحيلة ـ بروتوكول الشبح» في دبي، نشطت شركات الإنتاج العربية في الأمر نفسه، الذي تعدى الدراما السينمائية إلى نظيرتها التلفزيونية، إذ قام الكثير من شركات الإنتاج، خلال السنوات الأخيرة، باختيار دبي وجهة لأعمالها.
وبالنسبة لعدد كبير من المشتغلين بالدراما المحلية، سواء إنتاجياً أو فنياً، فإن دعم القيادة السياسية لهذا الحضور هو أبرز عوامل الجذب في هذا الإطار، وهو الأمر الذي تجلى في زيارات قام بها صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، إلى عدد من مواقع التصوير، وتفقّدها بنفسه، ما شكل رسالة مهمة في هذا الصدد مفادها أن إمارة دبي تولي أهمية كبيرة لقطاع الإنتاج الدرامي بشقّيه التلفزيوني والسينمائي، مثلما كان إطلاق جائزة لأفضل الأعمال الدرامية المعروضة على شاشات قنوات دبي للإعلام تحمل اسم صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في مرحلة سابقة دلالة مهمة في هذا السياق، وحفز شركات الإنتاج العربية والخليجية ليس فقط باتجاه مزيد من التجويد، بل أيضاً للاقتراب من دائرة الضوء والاهتمام التي توفرها الإمارة للدراما.
«صبايا» في جميرا
فنانون إماراتيون: نرحّب بزملائنا العرب ونتمنى ألا تكون «زيارات طارئة» - لمشاهدة الموضوع اضغط هنا - |
تتعدد المواقع المرشحة لاستضافة التصوير، حسب المحتوى الدرامي للعمل، وفي كل الأحوال فإن المسلسلات والأفلام التي تستضيف تصويرها الإمارة على مدار العام تتنوع ما بين التاريخية والتراثية والاجتماعية والكوميديا، وغيرها، كما أن صحراء الإمارة صارت مسرحاً لتصوير المسلسلات البدوية، بينما معالمها الحديثة هي المواقع الأكثر ترشيحاً للدراما الاجتماعية، وفي كل الأحوال تبدو صورة دبي الحقيقية مدينة قادرة على إحداث حالة من التمازج الاستثنائي بين عبق التراث واصالته، وجماليات الحاضر وديناميكيته، في رؤية لا يغيب عنها استشراف المستقبل.
منطقة جميرا التي تعد واحدة من المناطق القديمة التي حافظت على طابعها الخاص، رغم تجددها، من خلال تلك العلاقة الفريدة التي تربطها جمالياً مع مياه الخليج، عبر شواطئها، هي واحد من المواقع المتخمة حالياً بمشروعات التصوير المتعددة، ومنها مسلسل «ابوجانتي - ملك التكسي»، الذي يقوم بإنتاجه الفنان السوري سامر المصري، محاولاً بمسلسله الكوميدي اللحاق بركب الدراما الرمضانية. التحرك قليلاً في منطقة جميرا في الغالب سيسفر عن اكتشاف تصوير أعمال أخرى، ربما يفضل أصحابها ان يبقوا بعيدين عن أعين وسائل الإعلام، حتى الوصول إلى انجاز عدد معين من المشاهد، وهو الأمر الذي ينطبق على المسلسل السوري متعدد الأجزاء «صبايا» الذي يجري تصويره حالياً بسرية تامة لأغراض تسويقية، في منطقة نخلة جميرا تحديداً.
مسلسل سوري آخر من حيث الانتاج، تقوم بتنفيذه شركة صوت دبي التي يديرها أنور الياسري، هو «سلفة عمران» الذي يجمع الفنان غازي حسين بالفنانة هدى الخطيب، في الوقت الذي عادت فيه الفنانة ميساء مغربي إلى النشاط الإنتاجي من جديد عبر مسلسل خليجي تقوم بتصويره حالياً من إخراج الأردني اياد خزوز.
ابن بطوطة في «الدقي»
الدراما المصرية ليست بعيدة أيضاً عن وجود شقيقتها السورية في دبي، ومنذ العام الماضي تقريباً بدأ المصريون يفضلون دبي وجهة مثالية لانجاز العديد من المشاهد الدرامية التلفزيونية والسينمائية، وحتى قبل اندلاع ثورة 25 يناير المصرية، كانت صورة دبي حاضرة دائماً في العديد منها، بل إن فيلم «عندليب الدقي» الذي يشير اسمه إلى أحد الأحياء المصرية الراقية، تم تصوير معظم مشاهده بالأساس في دبي، ومنها مشاهد نقلت للجمهور العربي خصوصية أحد مراكز التسوق التي تقع على اطراف مدينة دبي، وهو «ابن بطوطة مول».
الفنان أحمد الجسمي الذي يدير شركة جرناس للإنتاج الفني توقع من جانبه أن يتواصل الزخم الذي تشهده الإمارات عموما، ودبي خصوصا، في هذا الاتجاه، بل إن الشركة التي بدأت بالأساس متجهة إلى انتاج دراما محلية توسعت الآن باتجاه أوسع، وعقدت شراكات مع مؤسسات خليجية، منها شركة «الصباح بكتشرز» التي أسفرت عن إنتاج مسلسل «حبر العيون» الذي من المنتظر عرضه على شاشة «سما دبي» في رمضان المقبل.
في هذا الإطار يؤكد الجسمي أن هناك الكثير من شركات الإنتاج التي بات يجتذبها اكثر من اي وقت مضى التصوير في دبي، متوقعاً أن تزداد قدرة الإمارة في السنوات القليلة المقبلة على المنافسة في هذا الاتجاه، سواء خليجياً أو عربياً أو حتى عالمياً.
توم كروز في دبي
مدير مدينة دبي للاستوديوهات جمال الشريف، من جانبه، أكد أن هناك اهتماماً كبيراً بتوفير الدعم اللوجستي لشركات الإنتاج التي تطلب تصاريح للتصوير في الإمارة، مؤكداً أن المدينة توفر جميع طاقتها للقيام بدور نموذجي في هذا الإطار، لافتاً إلى أن عدد التصاريح يبدو متزايدا بشكل سنوي، والأهم أن هناك عدداً من شركات الإنتاج العالمية اصبحت تضع دبي في مقدمة ترشيحاتها كمواقع تصوير مهمة.
المنتج الفرنسي المعروف برنار غرينيه الذي يدير شركة إنتاجه الخاص من دبي يؤكد لـ«الإمارات اليوم»، أن «دبي بالفعل وضعت على خريطة اهتمام شركات الإنتاج العالمية»، مستدركاً «قبل (المهمة المستحيلة) التفتّ إلى عبقرية دبي وثرائها بمواقع تصوير بكر، لذلك سارعت إلى تأسيس شركتي هنا من اجل التمكن من انجاز أعمال إماراتية فرنسية مشتركة، وبخلاف الإمكانات المادية المتوافرة في البنية التحتية، فإن الموارد البشرية المرتبطة بالانفتاح على السينما العالمية وإرادة ان يكون للإمارة مكان يليق بنهضتها الاقتصادية، على خريطة السينما، كان بمثابة الدافع الرئيس لهذا الاتجاه، بدليل وجود مهرجانين شديدي الأهمية عالمياً في هذا الإطار، هما (دبي وأبوظبي السينمائيين)».
وتوقع غرينيه أن تكون دبي موضع منافسة بين هوليوود وسواها، خصوصاً صناعة الأفلام الفرنسية التي أكد أنها من خلاله، هي من اكتشفت غنى دبي بمواقع تصوير بكر، وليس هوليوود التي جاءت لتحصد ثمرة مهمة لهذا الاكتشاف عبر تصوير «المهمة المستحيلة»، حسب رأيه.