استعرض مسيرته مع «الفوتوغراف» الجنـائي في «كتّاب الإمارات»

العوضي: التصـوير فن وعلم

جاسم العوضي: أعمل مع الشرطة لرفع الظلم عن المظلومين. تصوير: مجدي إسكندر

قال الفنان الإماراتي جاسم ربيع العوضي، إن التصوير الفوتوغرافي ليس مجرد فن فقط، ولكنه يجمع بين الفن والفلسفة والعلم. مشيراً إلى أن تطور التصوير مر بمراحل متعددة، ومازال يشهد المزيد من التطور السريع في هذا المجال.

وعلى خلاف المعتاد، ابتعد العوضي خلال الأمسية التي نظمها اتحاد كتاب وأدباء الإمارات ــ فرع ابوظبي مساء الاثنين الماضي، عن الحديث عن التصوير الفوتوغرافي الفني، لينصب حديثه في الامسية التي قدمتها الفنانة خلود الجابري، حول التصوير الجنائي الذي يمارسه، العوضي ويعد من خبرائه في الدولة. وأشار الفنان الإماراتي إلى ان التصوير خرج إلى العالم على يد العالم العربي المسلم الحسن بن الهيثم، الذي اسس الكاميرا أو «القمرة»، ثم قام دافنشي في القرن الـ14 بتطوير القمرة لتستخدم في تكبير الصورة ونسخها، واستمر التطور بحيث اضيفت عدسات إلى الكاميرا، وأصبحت الصورة تتسم بالوضوح وتعديل زوايا الانكسار وغيرها من معايير جودة الصورة. وأوضح العوضي الحاصل على جائزة الإمارات التقديرية لعام ،2010 في مجال الفنون التشكيلية فرع التصوير الفوتوغرافي، أن بداية التصوير كانت في ،1827 وكانت الصورة الواحدة تحتاج إلى ثماني ساعات، واقتصر الأمر على المناظر العامة، إذ كان من المستحيل تصوير الوجوه (البورتريه)، أو مشاهد ثابتة من الحياة المحيطة. كما كان التصوير مقتصراً على الطبقة الارستقراطية في ذاك الوقت، ولذا كانت أول جمعية للتصوير في العالم ملكية.

سيرة

ولد جاسم العوضي في دبي عام ،1961 وأنهى دراسته الثانوية بمدارسها، ثم سافر إلى أميركا، إذ حصل عام 1985 على بكالوريوس الفنون تخصص تصوير فوتوغرافي من جامعة دايتون أوهايو، وفي عام 1995 حصل على ماجستير التصوير الفوتوغرافي من كلية الفنون بجامعة «نوتينغهام ترنت» في المملكة المتحدة.

عمل العوضي في التصوير بالمختبر الجنائي للقيادة العامة لشرطة دبي، وفي عام 1987 عُين رئيساً لقسم التصوير، ثم مديراً لإدارة مسرح الجريمة، وانتقل خلال الفترة من 2002 ـ 2004 إلى العمل مديراً لإدارة الأمن بسلطة المنطقة الحرة للإعلام والتكنولوجيا، ليتولى خلال الفترة من عام 2004 حتى 2007 مهمة التدريس أستاذاً للتصوير بكلية الفنون جامعة الشارقة، ليعود بعدها في عام 2009 خبيراً جنائياً كُلف بالتصوير الجنائي، والإشراف على إدارة الأدلة الجنائية بقيادة شرطة دبي.

منحنى جديد

أشار جاسم العوضي إلى المنافسة الحامية التي كانت بين فرنسا وبريطانيا في مجال تطوير التصوير، إدراكاً منهما لأهمية هذا المجال وتأثيره في مجالات اخرى عدة، أما في النصف الثاني من الـ،19 فبدأ التصوير يأخذ منحنى جديداً بالتخصص في تصوير الحروب والمعارك، خصوصاً خلال معارك الشمال والجنوب في أميركا التي شهدت في اواخر القرن الـ19 احد التطورات المهمة في مجال التصوير بظهور طباعة الصور «ماس برودكشن»، واختراع كاميرات صغيرة الحجم مقارنة بالكاميرا الأولى، وبالتالي انخفض سعر الكاميرا الجديدة.

وحول التصوير الجنائي، ذكر العوضي انه كان يعتمد في الماضي على الرسم، إذ كان يقوم الفنان برسم مسرح الجريمة والضحية، ولكن كانت الصورة تفتقد إلى الواقعية، بينما كانت الشرطة الفرنسية هي أول من صور المتهمين باحترافية، كما تمتلك كل من النمسا وبلجيكا معلومات موثقة في المجال الجنائي ترجع إلى عام ،1850 وفي ذاك الوقت لم يكن الاعتماد على نظام البصمة الشخصية للمتهم، لكن على مقاييس الوجه والجمجمة والأنف وغيرها لتحديد هوية الشخص، لافتاً إلى ان دخول الصور في هذا المجال اعطى للضباط أصحاب الخيال الواسع خطوة للأمام لتقديم افكار تسهم في تجديد وتطوير عمل الشرطة في بلدانهم.

«ويجي»

شكل دخول الصورة إلى عالم الصحافة مرحلة جديدة ومهمة في مسيرة تطور التصوير الفوتوغرافي، وكان يتم نشر صور المتهمين في الصحف خلال القبض عليهم بصحبة الضباط، وهو ما اضاف صدقية للأخبار، بحسب ما اوضح جاسم العوضي، متوقفاً امام شخصية المصور الذي عرف باسم «ويجي» أو الساحر، الذي كان يلازم دوريات الشرطة في نيويورك، ويقوم بتصوير الجرائم التي تذهب لاكتشافها ليكون اول من استخدم كاميرا مزودة بفلاش لتصوير الجرائم، حتى اعترفت الشرطة بأهمية ما يقوم به من عمل، وكان اول شخص مدني يزود بجهاز نداء تابع للشرطة ليتم استدعاؤه وقت وقوع الجريمة، واستطاع «ويجي»، للمرة الأولى، بفضل الفلاش، ان يوثق الكثير من المشاهد والأحداث التي كانت تحدث في ليل المدينة الأميركية. ومن العالم العربي توقف العوضي امام اللواء عبدالفتاح رياض الذي كان سباقا في مجال التصوير الشرطي، وترجمة وتسجيل الكثير من المعلومات والأفكار والخبرات الشرطية والجنائية التي مازالت تستخدم حتى الآن في مجال تحليل واستخراج الآثار في مسرح الجريمة. وتوقع العوضي أن تشهد السنوات المقبلة اختفاء امور في مجال التصوير الجنائي مثل الرسم البياني الذي سيندمج مع التصوير في جهاز تصوير ليزريّ يصور احداثيات المكان بدقة كبيرة ومزود ببرنامج يدمج بين الصورة والمعلومة. وعن تأثير التصوير الجنائي في حياته، أشار الفنان الإماراتي إلى «أن عمله في هذا المجال لا يؤثر في حياته الطبيعية في المنزل، لكنه عقب كل مهمة يقوم بها يشعر بالرضا، لأنه ليس طرفاً من طرفي القضية، لكنه يعمل، مع رجال الشرطة، من اجل رفع الظلم عن المظلوم وهذا قمة العطاء».

تويتر