الفلاسي ترك الطــب ليحترف الزراعة
جمع الدكتور أحمد سيف الفلاسي بين عمله كطبيب عام ممارس، وهوايته في زراعة نخيل التمر لمدة طويلة وبشكل دائم حتى تغلبت «السعفة» على «السماعة» فتحول الطبيب الى مزارع بل واستطاع جلب اصناف نخل ممتازة وجديدة من دول الجوار العربية، كأنه يقول لنا «الغذاء لا الدواء»، وهو عنوان كتاب من كتب الطب ألفه منتصف القرن الماضي أحد الاطباء العرب.
ولجهوده الكبيرة في هذا المجال فاز الدكتور الفلاسي، في مارس الماضي، بجائزة فئة الشخصية المتميزة للدورة الرابعة لجائزة خليفة الدولية لنخيل التمر، التي تعقد اليوم بفندق قصر الامارات مؤتمرا صحافيا للإعلان عن إطلاق أعمال الدورة الخامسة ،2012 وفتح باب الترشح لفئاتها الخمس.
وكان الدكتور الفلاسي بدأ حياته العملية طبيبا عاما في وزارة الصحة، فمديرا بالوكالة لمنطقة العين الطبية، ثم مديرا عاما للهيئة الاتحادية للبيئة، غير ان النخلة ظلت شغله الوحيد وعشقه الفريد، فترك الطب والادوية، واهتم بالزراعة والافواه.
ويملك «الدكتور المزارع» حاليا في بعض مزارعه اكثر من 6000 نخلة من صنف البرحي، منها نحو 850 نخلة في مزرعته بمنطقة العوير في دبي، كما يؤكد انه أحضر من العراق الى الدولة قبل عقود عدة بعض اصناف نخيل التمر، خصوصا «الشويتي»، وهو من أجود اصناف التمور في العالم و«البرحي» و«الأشرسي» و«السكري».
أصناف جديدة
أضاف الدكتور الفلاسي انه جلب ما مجموعه 83 صنفا من اجود اصناف فسائل نخيل التمر من سلطنة عمان والسعودية والجزائر والكويت، ومن غيرها من الدول الاخرى.
وقال ان العديد من وزراء الزراعة في دول مجلس التعاون تعجبوا من وجود هذه الاصناف الجديدة، مشيرا الى ان بين هذه الاصناف صنفا يسمى «الصبر» لا يثمر قبل مرور اربع أو خمس سنوات على زراعته.
وأكد ان زراعة هذه الاصناف نجحت نجاحا كبيرا وأصبح مطلوبا الاكثار منها نسيجيا، لافتا الى ان جزءا من هذه الاصناف مزروع حاليا في مزرعته بمنطقة الشويب في العين بجانب مزرعة كبيرة بالعوير في دبي، تضم العديد من هذه الاصناف التي نجحت هي الاخرى.
وتابع انه كان ايضا اول من احضر فسائل نخيل تمر «الخلاص» الى القصيم في السعودية التي كانت تزرعه في منطقة الاحساء فقط، كما اكد وجود نحو 200 صنف من أصناف التمور في الامارات منها 150 تقريبا «دشوش»، اي طالع من البذرة، وهو لا يرقى الى ان يكون صنفا تجاريا، وأن الاصناف الجيدة تم جلبها من خارج الدولة ونجحت نجاحا باهرا.
وعن الاصناف الجيدة والمهمة على المستوى العالمي، قال الفلاسي مثل «دقلة نور» الذي تشتهر به تونس والجزائر و«المجدول او المجهول»، وكثير من الاصناف العراقية، مشيرا الى ان زراعة كل هذه الاصناف لا تنجح في الدولة بسبب الرطوبة العالية والرمل وقلة المياه. وفي هذا الصدد طالب الفلاسي بعدم اهدار المياه او بذل الجهود الكبيرة في زراعة الاصناف غير المثمرة وغير المجدية اقتصاديا، كما اقترح تضمين مساق زراعة نخيل التمر وفوائده في المناهج التعليمية المختلفة، مشيرا الى ان الدولة بحاجة ايضا الى مهندسين زراعيين وليس الى مزارعين فقط.
أمن غذائي
شدد الفلاسي على أهمية الزراعة بالنسبة للدولة وللعالم، مشيرا بشكل خاص الى ان زراعة نخيل التمر تدخل ضمن نطاق الامن الغذائي وتخضير الصحراء وتلطيف الجو وحماية البيئة من التصحر، ناهيك عن الفوائد المادية والصناعية الاخرى التي يمكن الحصول عليها من مشتقات النخيل بعد جني الرطب.
ولفت الى ان مؤسس الدولة وباني الاتحاد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وعى مبكرا هذه الحقيقة، وقدم انواع الدعم كافة للاكثار من زراعة نخيل التمر، كبناء السدود وحفر الابار وتشجيع المزارعين وإقراضهم، وتسهيل وتشجيع عملية التسويق، مترجما بذلك رحمه الله جملته الشهيرة «اعطوني زراعة اعطيكم حضارة».
وتحدث الدكتور الفلاسي عن هذه الهواية التي حولته بشكل جذري من الطب الى الزراعة، مؤكدا انها هواية جميلة ومفيدة ليست له فقط بل ولبلده وللناس عموما، كما انها تعتبر نوعا من الوفاء لهذه الشجرة المباركة ولقادة الدولة القدماء والحاليين الذين أكرموه.
اهتمام
حول تكريمه في الدورة الرابعة للجائزة خلال شهر مارس الماضي، قال الدكتور الفلاسي ان السبب في اختياره وتكريمه ربما يرجع الى اهتمامه الكبير والدائم والمبكر بالنخلة وجلبه أصنافاً جديدة الى الدولة رغم عدم تخصصه في هذا المجال حيث انه كان طبيبا عاما في بداية الامر.
وكان الدكتور الفلاسي اشاد في بداية الحديث بدعم صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة للجائزة وكذلك بما يقدمه الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة وسمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة والشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التعليم العالي والبحث العلمي رئيس مجلس امناء الجائزة من تسهيلات مختلفة مكنتها من ان تنشر دراسات ومعلومات جديدة عبر مجلتها المتخصصة «الشجرة المباركة»، وأن تحظى بسمعة عالمية خلال فترة وجيزة.
وأكد ان الجائزة تهدف الى تطوير الاهتمام بنخيل التمر كمصدر حيوي من مصادر الامن الغذائي وتشجيع المزارعين على العناية بزراعته والباحثين والدارسين على تقديم الدراسات حول كل الجوانب المتعلقة بنخيل التمر، كما تهدف الى تعريف الاجيال الشابة بأهمية نخيل التمر وقيمته الغذائية وفوائد مشتقاته، وغير ذلك من الفوائد الاخرى.