شهده محمد بن راشد في ندوة الثقافة والعلوم

«حلم المجد».. أوبريت يحتضن الوطن

صورة

شهد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أمس، في ندوة الثقافة والعلوم، أوبريت «حلم المجد»، الذي قدمته مجموعة من طلبة وطالبات مدارس وزارة التربية والتعليم في الدولة، وشارك في أداء الأغاني عدد من الفنانين الإماراتيين، وشارك في الأوبريت نحو 450 طالباً وطالبة، منسجمين مع الكلمة والأداء والموسيقى، عبر أربع لوحات متتالية، تضمن بعضها قصائد لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.

طلاب وطالبات معظمهم لا يتجاوزون الصف السادس، تدربوا على مدار شهر كامل، من أجل صياغة «حلم المجد».. أوبريت يحتضن الوطن قبل أن يتغنى له، في مشهد بالغ التميز، تحولت معه قاعة مسرح الندوة إلى محل كامل العدد، بجمهور لم يتوانَ عن التعبير بإعجابه بإبداع الصغار، من خلال التصفيق المتواصل، في ختام كل لوحة من لوحات العمل الأربع.

نشيد الوطن، وعلم يرفرف، ومشهد يختلط فيه الواقعي بالمتخيل، هو مستهل «الأوبريت»، الذي اعتمد على تقنيات متطورة، استثمرت فيها السينوغرافيا مع الأداء الغنائي والدرامي، فضلاً عن أدوات العرض السينمائي أيضأً، والفلكلوري في ظل حضور مميز لفني الشعر والقص أيضاً اللذين استدعيا صيغة الراوي الذي يحكي للصغار مسيرة وطن.

إبداع وانتماء

اختلطت مشاعر الولاء والانتماء، بتقاليد صياغة الأعمال الفنية الكبرى في أوبريت «حلم المجد»، الذي صاغ خلاله أطفال، من مختلف المناطق التعليمية بالدولة، مشهداً إبداعياً يمثل رؤية وزارة التربية والتعليم، في التوازي بين إكساب الطلاب مهارات تعليمية من جهة، وتزكية روح الولاء والانتماء للوطن من جهة أخرى.

الفنان أحمد الجسمي، الذي أدى دور الراوي الأمين، الذي يفسر قيم الوطن للنشء، كان شديد التأثر بعد انتهاء العرض، وصرح لـ«الإمارات اليوم»، «لا أبالغ إذا أكدت أن هذا (الأوبريت)، والعمل بهذه الصيغة مع الأطفال يجددانني فنياً، ويكسبانني مهارات كانت ستظل بعيدة عني، حال حُرمت هذه التجربة». الفنانة أريام بدى عليها إحساس مستحق بالارتياح، عقب تصفيق الحضور في ختام «الأوبريت»، وكذلك الفنانان فايز السعيد وجاسم محمد، فيما كان اختفاء مخرج العمل محمد العامري، وعدم إجابته على الاتصالات الهاتفية للمهنئين موضع دهشة، لمن لا يعرف تقاليد العامري الإخراجية، التي تحرمه النوم ثلاث ليال متتالية، قبل العرض الفني الذي يتولى إخراجه، الأطفال كانوا لوحة إبداعية منضبطة حازت إشادة الحضور، وهو ما فسرته مدير إدارة الأنشطة الطلابية شريفة موسى، التي أشرفت على «الأوبريت»، بأن هناك إعداداً لهذا العمل قارب الأشهر الثلاثة، أحدها كان مخصصاً لتمارين الأداء، لافتة أن «موهوبي المدارس لايزال في جعبتهم الكثير».


حضور

شـهد الحفل، الذي أقيم على مسرح «ندوة الثقافة والعلوم»، سمو الشيخ محمد بن سعود بن صقر القاسمي، ولي عهد رأس الخيمة، ورئيـس المجلس الوطني الاتحادي محمد أحمد المر، والشـيخ الدكـتور ماجـد بن سعيد النعيمي رئيس ديوان حاكم عجمان، ووزيرة الـشؤون الاجتماعية مريم محمد خلفان الرومي، ووزير التربية والتعليم حميد محمد عبيد القطامي، ووزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع عبدالرحمن محمد العويس، ووزير العدل الدكتور هادف جوعان الظاهري، ومستشار صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم للشؤون الثقافية والإنسانية إبراهيم محمد بوملحة، ومدير عام دائرة التشريفات والضيافة في دبي خليفة سعيد سليمان، ورئيس وأعضاء مجلس إدارة ندوة الثقافة والعلوم في دبي، إلى جانب نخبة من المثقفين والقيادات التربوية في الدولة، وأولياء أمور المشاركين في «الأوبريت»، من مختلف إمارات الدولة.

نجومية فنانين شاركوا في «الأوبريت»، بدءاً من مخرجه الفنان محمد العامري، والفنان القدير أحمد الجسمي، الذي جسد شخصية الراوي، والمطربين الثلاثة الذين اشتركوا معاً في اللوحات الغنائية، فايز السعيد، وأريام، وجاسم محمد، فضلاً عن حضور أشعار علي الخوار وإبداع محتوى المشهد التمثيلي للفنان إسماعيل عبدالله، لم تنتقص من حضور النشء في المشهد الجماعي بأداء، كانوا خلاله، كباراً باستيعابهم أدواراً فنية، لم تنتقص من مهاراتهم فيها هيبة الوقوف على الخشبة لأول مرة بالنسبة للكثيرين منهم، الربط الذكي بين قسم الولاء والانتماء للوطن، وما سماه مبدع الحوارات التمثيلية الفنان إسماعيل عبدالله «أنشودة العلم»، كان مقاربة أولى بأن الطلب اليومي للعلم جزء أصيل من تجديد الولاء للوطن، فيما تنفتح الستارة الأولى على مشهد وردي لأطفال يستمتعون بتحصيل العلم، من أجل رفعة بلادهم:

اقتباسات

أنفخ بأجسام الحروف المسجاة

روح القصايد واخترع له المعاني

مطلع لمقطع يفتتح به «الأوبريت» نهله من الاقتباسات الموحية من أشعار صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، ليتحول هذا المقطع لأنشودة جيل تؤكد عزيمة أبنائه، ما يؤكده القائد في شطر موجز «نفس ضعيفة ما لها من مكاني» التداخل بين الواقع والمتخيل، المعيش والحلم، يظهر بشكل أكبر في اللوحة الثانية التي تتبدل معها خلفية المسرح، لتحاكي زرقة مياه الخليج على شواطئ الإمارات، وهو ما يستدعي ظهور الراوي الأمين الذي يفسر للنشء تفاصيل التطور وعبقرية الحضارة التي ينمو مبناها بشكل آني على أرض الإمارات، ليتساءل: «من يقول ان المعجزات ما عادت تتولد؟»، ليستشهد بتوالي مولدها كل يوم على تراب الوطن، مسترسلاً: «أنا اشهد، وكل الكون يشهد على أن أرض وطني خصبة ببذور وثمار المعجزات»، ليغدو الربط في حكاية الراوي منطقياً، بين «بذرة زرعها الوالد القائد زايد الذي دعا عندما حان موعد بزوغ ثمرتها الأولى: حي على الاتحاد».

تداخل الحروف والأرقام العربية والإنجليزية مع صوت ملامسة الطبشور لسبورة افتراضية، كان بمثابة مشهد درامي يتطلع متابعوه إلى مؤدى صياغته، لتكون المحصلة هي صياغة لعبارة «دولة الإمارات العربية المتحدة» باللغتين، متناغمين في الوقت ذاته مع خلفية فلكلورية من التراث الموسيقي الأصيل.

الثلاثي الغنائي فايز السعيد وأريام وجاسم محمد، يظهر في عالم «الأوبريت»، في ما يشبه الفواصل الطربية، بين حضور جيل المستقبل، ليتغنوا هذه المرة عن «زايد الحلم»، في ظلال خلفية خضراء، تستوعب حلما، تبدو شواهد تحققه ماثلة في مقتطفات من واقع الوطن، لتتماهى المسافات هنا بين الحلم بمفهومه التقليدي، الذي يباعد بين الصورة الذهنية والأخرى الواقعية، وحلم زايد الذي تحول إلى حقيقة، لدى وطن ثروته الحقيقية في أبنائه، الذين يولدون وبصحبتهم «أحلام يستوعبها الواقع».

أمة تقرأ

«نحن سلالة أمة اقرأ».. مقولة يحملها الراوي للنشء، ليؤكد من خلالها أن «العلم هو بوابة العبور الدائمة، لتحقيق أماني الوطن»، ليحيل إلى إحدى القيمة التي حملها كتاب «رؤيتي»، لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، التي يؤكد من خلالها قيمة التميز وتحقيق ريادة «المركز الأول»، بكل ما يعنيه ذلك من أهمية زرع الطموح، وتنمية دوافع الإنجازات الكبرى، استيعاب رسالة وزارة التربية والتعليم، ضمن منظومة العمل الوطني، كان مطلاً في مختلف لوحات «الأوبريت»، فأول لَبِنَات العلم «المدرسة»، و«المدرسة هي: علم ورياضة وثقافة وفن»، وتلك القناعة هي ما جعلت «الإمارات درب الفلاح للعالم». «بنينا نفسنا بالعلم».. تبدو في هذا السياق بمثابة لازمة منطقية، وليست فقط غنائية يرددها المطربون الثلاثة، بصحبة النشء، ليصل الراوي إلى المؤدى النهائي، ويوجه حديثه للنشء «الله وهبكم أغلى دانة في الوجود، احموها وظللوا رموشكم بترابها، واهتفوا كل يوم: (عاشت بلادي.. بلادي ما تموت)»، في ظل توظيف دقيق لانسجام الأداء الدرامي مع الموسيقي والغنائي، فيما تبدو الخلفية المنطقية هي مشهد البناء، الذي يقوده صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد رئيس الدولة، وأخوه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، فيما يستوعب أفق المسرح صوراً لأصحـاب السمو حكام الإمـارات.

تويتر