صالح كرامة.. «الأول مكرر»
رؤى وتأويلات عدة أثارها النص المسرحي «الأول مكرر» للكاتب والمخرج الإماراتي صالح كرامة العامري الذي قرأه في الأمسية التي نظمها نادي الابداع باتحاد كتاب وأدباء الإمارات - فرع أبوظبي، مساء أول من أمس، حيث فتح النص أبواب التأويل لدى الحضور خلال المناقشة التي اعقبت قراءة العامري للنص، التي قدمها المخرج الإماراتي باسلوب ادائي تمثيلي، مؤكدا ان النص المسرحي يموت إذا ما قرأ قراءة عادية.
واشار صالح كرامة في بداية الأمسية إلى أن من الصعب ان يتحدث عن تجربته في الكتابة طالما مازال يعمل ويكتب المزيد من النصوص والأعمال. موضحا ان نصه «الأول مكرر» الحائز جائزة مسابقة التأليف المسرحي للعام الجاري من دائرة الثقافة والاعلام بالشارقة، وهي المرة الرابعة على التوالي التي يفوز كرامة فيها بجوائز دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة لمسابقة التأليف المسرحي، هو نص ذهني لا يعتمد على الأحداث بقدر ما يبحث في اتجاه الفلسفة، طارحاً أفكاراً فلسفية ترتبط بالإنسان والحياة والارادة والقدرة على السيطرة عندما تنقلب على صاحبها.
وذكر العامري ان كل نص يقدمه يختلف اختلافا كبيرا عن النصوص الاخرى التي يكتبها، وغالبا ما تكون هناك حادثة واقعية يستمد منها الفكرة قبل ان يبني عليها العمل الإبداعي. لافتا إلى ان «الأول مكرر» استمده من قصة حقيقية لفتاة ذات اصول افريقية التقاها في برلين منذ ما يزيد على 10 سنوات ثم اختفت، وعندما سأل عنها علم من اصدقائه انها سافرت إلى افريقيا للبحث عن ولدها، وتوفيت هناك نتيجة إصابتها بقرصات ذبابة التسي تسي، وطوال هذه السنوات ظلت الفكرة تدور في رأسه حتى قدمها في المسرحية. كما اوضح ان اسم المسرحية يشير إلى حالة التساوي بين طرفين متصارعين من دون ان يفوز أحدهما على الآخر، والعودة دائما إلى نقطة البداية من جديد.
ويطرح نص «الأول مكرر» تساؤلات عدة حول المدنية الحديثة وما افرزته من فساد منتصراً للطبيعة والحياة البدائية، لينتقل عبر سلسلة من الثنائيات المتناقضة إلى وجود الانسان ومدى سيطرته على حياته عندما يظن انه صاحب القرار، ليكتشف في لحظة فارقة ان القرار ليس بيده، وينقلب الوضع ليحول السجين إلى سجان. وذلك من خلال «ساري» الذي يعيش في مدينة مجازية، وينزوي في مقهى يمتلكه بعيداً عن المدينة التي ينتهكها الغرباء، لتطرق بابه في ليلة عاصفة الفتاة «ريما»، ويجمعهما حوار فلسفي طويل يسترجع فيه «ساري» ذكرياته في افريقيا السمراء ومغامراته النسائية هناك، ليكتشف فجأة ان «ريما» هي ابنته من الافريقية «سوما» التي عرفها في تلك الفترة ثم تركها، بعد ان انجبت له طفلة. ويصر «ساري» على إنكار ابوته ل«ريما» إلى ان ينتهي الصراع بينهما باعترافه بأبوته لها، بينما ترفض «ريما» هذه الابوة وتتركه ليعود إلى وحدته وانعزاله منكسراً.
وأفاد كرامة ان استعارته الأجواء الافريقية جاءت نتيجة عشقه إفريقيا السمراء وما تمثله من طبيعة بكر وعوالم مازالت غامضة للعالم. مشيرا إلى انه قراء الكثير من الكتب والمراجع، وشاهد العديد من البرامج والافلام الوثائقية عن إفريقيا وعاداتها وتقاليدها للاستعانة بها في كتابة النص. ورغم الاشارة إلى افريقيا في العمل كمسرح لجزء كبير من الاحداث بها، إلا النص انسانياً وليس افريقيا، حيث يطرح قضايا انسانية ووجودية لا ترتبط بحدود الجغرافيا. معتبرا ان شخصية «ساري» بكل ما تحمله من تناقضات هي شخصية درامية ثرية بصرف النظر عن مدى ما تعانيه من تشوه.
من مؤسسي مسرح الاتحاد بأبوظبي عام 1977 عاصر تجربتي صقر الرشود وابراهيم جلال مع المسرح المحلي. وهو تخرج في جامعة الامارات بكالوريوس إعلام .1987 وعرضت له مسرحيات في دول عربية مختلفة، من بينها مصر وتونس والاردن ولبنان، كما كتب مع الدكتور جواد الاسدي مسرحية «البانيو» التي اخرجها الاسدي، وتم تقديمها في ايام الشارقة المسرحية عام ،2000 كما كتب مع البرفسور عوني كرومي وبالتعاون مع اعضاء الفرقة المسرحية مسرحية «القائل نعم والقائل لا» المأخوذة عن مسرحية «بريخت» واخرجها كرومي، كما عمل مخرجا مساعدا لكرومي في المسرحية نفسها، وتم تقديم هذه المسرحية في مهرجان ايام الشارقة المسرحية عام ،1999 وفي المانيا (برلين) تم اخراج مسرحية له اسمها «المصباح» عام 2000 عن طريق