في معرضه الفردي الأول في «صالة أيام»
عمـار عبدربـه: الكاميـرا أداة بيد التاريخ
صور لزعماء عرب وأجانب، ملأت جدران «صالة أيام»، التي افتتحت المعرض الفردي الأول للمصور الصحافي عمار عبدربه المقيم في فرنسا، وكانت حالة من الاستفزاز تارة والتساؤل تارة أخرى غلبت على ردات فعل من زار المعرض، خصوصاً في وجود صور للرئيس السابق لتونس زين العابدين بن علي، وصورة للرئيس السابق لليبيا معمر القذافي، وصورتين لبشار الأسد وزوجته أسماء الأسد، لكن ما يخفف وطأة الصدمة والغضب هو الالتفات قليلاً الى جانب آخر من المعرض لتظهر صورة سمو الأميرة هيا بنت الحسين وهي تهتم بعقال زوجها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، ومع أن عبدربه نفى قصده تشكيل حالة استفزازية للمشاهد، إلا أنه قال في حوار لـ«الإمارات اليوم»: «هذه الصور حصيلة تجربة عمرها أكثر من 20 عاماً»، وأضاف «على الأقل وجود صور لطغاة مثل القذافي وبن علي اللذين كانا يعتقدان أنهما خالدان هو دليل زوال الظلم، حيث تثبت الثورات كما الكاميرا أن لا وجود للخلود الا في الصور».
اقتناص اللحظة
سيرة المصور ولد عمار عبدربه في دمشق عام ،1966 وعاش في ليبيا ولبنان ثم في فرنسا منذ عام ،1978 ونشرت صوره ولاتزال تنشر على أغلفة عدد من كبرى المجلات العالمية، مثل «باري ماتش»، «تايم ماغازين»، «بيزنس ويك»، «لوبوان»، «الإكسبرس»، «دير شبيغل»، بالإضافة إلى كثير من المجلات العربية، مثل «لها»، و«المجلة». وجمع عمار في مهنته أرشيفاً ضخماً لزعماء العالم ولحروب العراق ولبنان وليبيا، ومشاهير من أمثال «ملك البوب» مايكل جاكسون، بالإضافة إلى مناسبات المجتمع الراقي كمهرجان «كان» وأسبوع الموضة في باريس.
وقع تلك الصور اختلف بين متلق وآخر، لكن ما ميز تلك الصور هو اقتناص اللحظة، دون التخطيط لها، وتعديل العدسة وإعادة المشهد، فجاءت طبيعية تحكي قصص ما وراء الزعماء سواء كانوا من المحبوبين عند شعبهم او مكروهين عندهم، وعن هذا قال عبدربه «الجميع يحب تتبع الزعماء، ومعرفة ما يحدث من حولهم، والكاميرا هي من الأدوات الراصدة لتلك اللحظات الطبيعية التي تحدث دون أن يلتفت اليها أحد».
فصورة الملكة اليزابيث جاءت كأنها امرأة عادية تتلصص من وراء الباب، وصورة سمو الأميرة هيا حرم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، أثارت اعجاب الجميع لذروة التلقائية فيها، والتي تعكس التواضع المترجم الى سلوك بينهما، وبين كل من يلتقي معهما، فهي هنا، في عدسة عبدربه، زوجة تهتم بمنظر زوجها أمام الناس، وصورة الأمير الوليد بن طلال وهو يتوسط شخصيات من ديزني لاند، حيث يملك جزءاً منها تعطي دلالة الى حس طفولة ربما تعيش في داخله.
وعن الحكاية وراء صورة سمو الأميرة هيا وهي تهتم بعقال زوجها، صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، قال عبدربه «هذه اللقطة كانت عندما شاهدت سرباً من المصورين يقف أمام الباحة التي من المفترض أن يخرج منها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد وحرمه سمو الأميرة هيا بنت الحسين، فقررت أن أذهب من الخلف كي أرى ما يمكن لعدستي ان تقتنصه، فكانت هذه اللقطة التي جاءت في أقل من ثانية، هذه الصورة التي تعبر بصدق عن تواضعهما وعلاقتهما المميزة».
حكايات أخرى
يؤكد عبدربه الذي تجاوز عدد زوار صفحته في معرضه الافتراضي على موقع «فليكر» العالمي مليونين و500 ألف زائر، أن «صور المعرض صور خالصة، لا شوائب فيها ولا أي نوع من التعديل»، موضحاً أنه «لم يتم معالجتها تكنولوجيا، ويظهر بعضها وهي غير مهنية بمقاييس التصوير الصحافي، حتى إن البعض منها لا يقبل نشرها في الصحف والمجلات»، وقال «انها حية وحرة من اي تعقيدات وأي قوانين قد يلتزم بها الصحافي المصور الذي يعمل في مؤسسة، لذلك تجدها تشبه صور العائلة حتى لو كان بينها صور لطغاة ودمويين».
لينتقل للحديث عن صورة الأمير الوليد بن طلال، والتي التقطت في أواسط التسعينات «كنت في مهمة خاصة لدى الوليد بن طلال كي أقوم بتصويره، وحينها كنا في مدينة ديزني لاند الأميركية، وكما يعلم الجميع فإن الوليد يمتلك جزءا من هذه المدينة الترفيهية، ووقتها اقترحت على سموه أن اقوم بتصويره الى جانب شخصيات ديزني لاند، وكنت في داخلي أتوقع الرفض، لكنه فاجأني بإعجابه بالفكرة، وقام وتوسط شخصيات من ديزني لاند، وقمت بالتقاط الصورة»، مؤكدا «الصورة من الناحية المهنية ليست جيدة، حيث إنني لم آخذها بطريقة احترافية، ومن الصعب أن تقول لأمير أريد إعادة المشهد «لكن الصورة تظهر جانبا طفوليا يعيش في داخل الوليد وهو الى جانب الشخصيات الكرتونية».
وعن صورة الملكة اليزابيث التي تظهر كأنها تتلصص من وراء الباب، وتعود إلى العام 2004 وفي انتظار لقاء الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك، قال عبدربه «هذه اللقطة كانت أيضا في مهمة خاصة لالتقاط صور للملكة اليزابيث ملكة بريطانيا»، وأضاف «بالفعل هي تظهر كامرأة عادية تتلصص من وراء الباب لمعرفة ما يحدث في الداخل، وقد كنت سعيدا وأنا التقط هذه الصورة التي جاءت بسرعة البرق».
وتجلس رئيسة وزراء باكستان الراحلة بنازير بوتو في صورة أخرى، التقطها خلال جلسة تصوير خاصة به، في منزل أحد أصدقائها في باريس. كما يقف داخل إطار آخر الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي مع زوجته كارلا بروني.
كشف الطغاة
عبدربه الذي يعيش مع كاميرته منذ أكثر من 20 عاماً، أكد أنه بعرض صور لرؤساء انقلبت شعوبهم عليهم بسبب طغيانهم لا يقصد الاساءة لثوراتهم وتمجيد هؤلاء الطغاة، وكل ما في الأمر، في هذه الجزئية تحديداً، تكمن رسالة واضحة الى هؤلاء الذين يعتقدون أنفسهم من الخالدين في الأرض، أنه لن يبق شيء منكم إلا مجرد صور يقف أمامها المارة لحظات،وقد يبكون أيضا»، مؤكداً «في صورة القذافي التي اخترتها غلافاً لدعوة المعرض يظهر فيها معتدا بنفسه وببزته العسكرية، ومن يعرف القذافي يعرف إحساسه بالجبروت»، كذلك تلفتك بين الصور صورة للرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي مع زوجته ليلى طرابلسي، وقد التقطت الصورة قبل 13 عاماً، وتبدو خلف بن علي صورة لسلفه الحبيب بورقيبة. يذكر عبدربه «أردت أن أظهر أنه رغم ديكتاتورية بن علي، تجد أنه لم يرد أن يخفي تاريخ تونس من خلال صورة بورقيبة»، وأضاف «استغربت الصورة وسألت بن علي مباشرة فرد عليّ أن بورقيبة تاريخ مهم لتونس، وأنا لا أستطيع تجاهله».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news