أمينة ذيبان: القصيدة تكتب نفسها. تصوير: إريك أرازاس

أمينة ذيبان تكسر عزلتها بـ «زهرة الدم»

ما يقرب من ثلاثة عقود من العزلة؛ أنهتها الشاعرة والناقدة الإماراتية د. أمينة ذيبان، عبر الأمسية التي نظمها لها اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، فرع ابوظبي، مساء أول من أمس في مقره، في ختام أمسياته في الموسم الجاري، على أن يعود الاتحاد لاستئناف نشاطه الثقافي في موسمه الجديد بعد عيد الفطر.

خلال الأمسية التي قدمها الشاعر إبراهيم الهاشمي؛ وهي الأولى لأمينة ذيبان، باستثناء أمسية مشتركة قدمتها في بداية حياتها الأدبية، ألقت الشاعرة الإماراتية بعض قصائدها التي مالت من حيث البنية إلى الطول، بخلاف الشائع في قصيدة النثر، كما حفلت بالكلمات والمعاني الصوفية والدينية.

ومن القصائد التي تغنت بها ذيبان «نمو متزن ـ عربدات في الداخل»، التي كتبتها أخيرا، و«في تداعيات النشيد الآخر»، وقصيدة «إلى العاشقة في المهد»، التي أهدتها إلى الشاعرة الإماراتية ظبية خميس، وكذلك قصيدة «فاطمة تطرق النواقيس»، التي أهدتها إلى واحدة من شاعرات جيلها، كما ألقت قصيدة «احجية تعني التمرد»، و«في انقطاع العلائق والتماسها»، و«زهرة الدم»، قبل ان تختم بقصيدة «موت».

وعن بنية قصائدها؛ أشارت د. أمينة ذيبان، التي نشرت في بداية مشوارها تحت اسم مستعار هو سارة حارب، إلى تصورها بأن بنية القصيدة لا تحدد مسار الكتابة، وهناك عوامل أخرى قد يكون لها تأثيرها في شكل القصيدة وبنيتها مثل الحالة الإنسانية للشاعر، وثقافته، وما اختزنه من أساليب وتراكيب بنيوية قديمة عبر قراءاته لشعراء سابقين.

وأضافت: «لا أدعي أنني أكتب قصيدة بكامل معانيها أو أصمت أو أتكلم، فالقصيدة تكتب نفسها، والصمت أو الكلام ليس لهما علاقة بالبنية، فالأمر مرتبط بتلك اللحظة المقدسة التي تحدث فيها الكتابة، ويبقى الأهم الصدق في التركيبة السردية للنص».

وأشارت ذيبان إلى تقديرها أي قراءات جديدة في نصوصها. موضحة أن «القصيدة عندها قد تخضع لموازين الشعر، ولكنها في المقام الأول لحظة بقدر ما فيها من وعي، فيها من اختلاف، كما قد يكون فيها تدنيس لبياض الصفحة باقتناص أو اقتباس من قراءات سابقة وأفكار مختزنة، فالكتابة اقتناص وتناص مع اللحظة والموسيقى، وعندما تبني جملة قد تكتبها أو تكسرها».

وفي إشارة إلى الدلالات الصوفية والدينية في قصائدها؛ لفتت ذيبان إلى أن جيلها من مثقفي الثمانينات، عرف باتجاهه للقراءة في مجال التصوف والصوفية مثل الحلاج وغيره، رغم أنهم لم يتعمقوا في الصوفية وما تطرحه من أسئلة عميقة.

لافتة إلى أن جيلها ضم مجموعة من الكاتبات بعضهن استمر، وأخريات توقفن.

وذكرت أمينة ذيبان أنها في الفترة المقبلة بانتظار خروج مجموعتها الجديدة «زهرة الدم» إلى النور.

معربة عن أملها بأن يلتقط اتحاد كتاب وأدباء الإمارات المجموعة، ويتولى طباعتها ونشرها ضمن إصداراته.

من جانبه، أشار الشاعر إبراهيم الهاشمي في تقديمه للشاعرة إلى غيابها الطويل عن الظهور الجماهيري، وحضورها الشعري الذي لم يخفت، مضيفا «عندما عدت للخلف أكثر من ثلاثة عقود، عدت لأجد حضورها الأخاذ مع الكوكبة الأولى من شعراء قصيدة النثر المبكرة الوهاجة في مجلة (الأزمنة العربية)، و(قصائد من الإمارات)، و(مجلة شعر)، و(شؤون أدبية)، وغيرها من الصحف والمجلات عندها اكتشفت كم كانت ظالمة هذه الأمينة لموهبتها، وكم كنا أكثر ظلما منها، كيف كان لها أن استمرأت هذا الغياب، وكيف قبلناه، كيف قبضت على جمر كلماتها وخبأته كل هذا الزمن، كيف لها أن تحبس عصفورها فلا يغرد، وكيف لانت ذاكرتنا حد التبلد فتركناها وحيدة هناك».

وتابع الهاشمي «لقد فضلت أمينة ذيبان الجلوس على الشاطئ وتأملنا، كانت تبوح على ردح من الزمن شيئا مما تراه، مرة هنا ومرة هناك، ثم قررت أن تتنامى وتجعل جرة معرفتها باسقة، فيممت وجهها لعاصمة الضباب للدراسة، وتمحيص المفردة وسبر أغوارها، غابت لكننا كنا نعرف أنها تسكن الشعر، ونعرف أنه يسكن روحها، تعشق مفرداته وأجواءه، لذا كنا نعرف أنها ستعود، فهي حرف متصوف غائص في الذات والذوات، هائم بالمحبة الجذلى والوطن الأشهى، هائمة في لجته حد المحبة القصوى».

الأكثر مشاركة