التانغو.. ثقافة تجمع أغنياء وفقراء الأرجنتين
في قاعة رقص مضاءة بمصابيح ملونة، ترقص مجموعة أفراد رقصة التانغو، يرتدي بعضهم فساتين متلألئة وينتعلون أحذية عالية الكعب، بينما آخرون يرتدون ملابس غير رسمية مثل الجينز وينتعلون أحذية رياضية. ومعظم الراقصين الذين يتحركون على الأرضية الخشبية بشكل مسرحي ويدفعون بعضهم بطريقة مملوءة بالإحساس شباب يافعون. وهم جزء من موجة ازدهار للتانغو منتشرة منذ سنوات قليلة في بوينس آيرس. ويقول بعضهم إنهم يودون التحرر من القواعد التقليدية للرقص وجعله أكثر مرحاً.
وتقام الفعاليات المسائية للتانغو المعروفة بـ«ميلونغاس» بانتظام في العاصمة الأرجنتينية ولتلك الحفلات التي تقدم موسيقى التانغو جمهور لا بأس به.
وقال ماتياس دياز «لقد بدأنا نرى المزيد من الشباب يرقصون في السنوات الأخيرة» وبدأ وشريكته كاميلا فونتان تنظيم حفلات تانغو قبل عامين. وقالت فونتان «أردنا أن ننشئ مكاناً مختلفاً عن ميلونغاس التقليدي. يتعين على الراقصين ان يتعارفوا ويرقصون من دون نقد». وأعربت عن رثائها للطريقة النخبوية التي يرقص بها بعض التقليديين أحياناً، مضيفة: «نريد للناس ان يمرحوا ويتمكنوا من الاستمتاع بالتانغو» ودرس دياز وفونتان التانغو في جامعة الفن الوطنية وهما قادران على جذب زملائهما من الطلاب إلى الفعاليات، ويحضر راقصون بارعون جداً.
التحقت كانديلاريا سيزار بدراسة التانغو وهي متحمسة له «ما يعجبني بالتحديد في هذه الدورة الدراسية أنها متعددة التخصصات. وإضافة إلى وجود قدر أساسي من التدريب فإنها تشمل موضوعات نظرية مثل التاريخ والأنثروبولوجيا الاجتماعية لأن التانغو ليس رقصة فحسب، بل إنها مفهوم اجتماعي». ووجود منهج دراسي رسمي في رقصة التانغو الشعبية التقليدية يجعلها ترقى إلى مستوى اكاديمي.
وأشار دياز إلى أن «الشباب يركزون على تفاصيل التانغو عبر الدورات الدراسية وممارسة الرقصة، ما يجعله أكثر تعقيداً. أما في جيل الكبار فإن التعلم من خلال الممارسة هو الأكثر انتشاراً». والطموح على المستوى الجامعي أسفر بالفعل عن اكتشاف بعض المواهب الكبيرة. فعلى سبيل المثال، فازت ميليسا بارا بمسابقة تانغو مدينة بوينس آيريس عام 2006 في فئة ميلونغا وهي النوع الأسرع للتانغو.
وقالت «التانغو يتيح لي فرصة السفر. أحيانا أعطي دروساً في المكسيك». وكانت ميليسا «29 عاماً» قد رافقت والدها إلى درس رقص عام 2004 واقتنعت به من وقتها حتى الآن. «عندما تبدأ فالأمر يشبه الادمان. لا يمكنك أبدا التوقف عن رقص التانغو». ويتفق الكثير من الراقصين في هذا الشعور. وقال كريستيان «24 عاماً» إن «هناك الكثير في التانغو يجعلك لا تستطيع الابتعاد عنه». حتى إن لديه وشما لآلة الباندونيون على إحدى كتفيه. والباندونيون هي الآلة النمطية التي تستخدم لعزف موسيقى رقصة التانغو. «طاقة الاحتضان فريدة وأنا أحب الجو الاجتماعي المصاحب للميلونغا حيث يمكنك التحاور مع شريكك. وهو ما لا يمكنك فعله في الديسكو».
ويشكل التانغو جزءاً كبيراً من السياحة الارجنتينية، ولكن يعتقد بعض الافراد انه يتعين على البلاد ان تراعي ألا يغير هذا من الرقصة. فتقول سيزار «يتعين ألا يظهر التانغو في صورة موضة أو بضاعة للتصدير. التانغو ثقافة». ومن أسباب دراستها للتانغو هي أن تستخدمه في ما بعد وسيلة للاندماج الاجتماعي.
وقالت إنها سترغب في العمل في مراكز مجتمعية حيث يمكنها مساعدة الشباب من المناطق الفقيرة للاندماج في المجتمع عبر الثقافة.
ويتفق الكثير من راقصي التانغو مع هذا المنهج. وسوف يرحب الكثير من المنظمات بإقامة فعاليات مسائية للتانغو (ميلونغاس) في الشوارع أو تنظيم مسابقات رقص حرة لاعادة التانغو إلى مناطق المدينة كافة. وقالت سيزار «نود نحن الشباب إجراء مزيد من التطوير للتانغو لاعطائه روحاً جديدة. ولكن يجب ان يظل على ما هو عليه: رقصتنا التي تجمع الأفراد من أطياف الحياة كافة ومن مستويات المجتمع كافة».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news