«متحف المحطة».. حكايا من الســـــماء على الأرض
صناديق سوداء تعود لطائرات قديمة وسجلات بيانات خاصة بالأحوال الجوية وطائرات مخصصة للشحن، وأخرى أرضية تعد الأولى من نوعها التي تحط في مطار الشارقة في ثلاثينات القرن الماضي، ويعتبر متحف المحطة في الشارقة الذي يضم أكبر قدر من تلك المقتنيات، أول مطار في الإمارات كافة، وذلك قبل صدور توجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، بتحويل المطار إلى متحف.
ويضم متحف المحطة معروضات في مقر المطار القديم التي تسعى إلى تعريف الأجيال الناشئة بدور المتحف في تتبع تاريخ الطيران وتطور الحياة في مجتمع الإمارة، ويظهر المتحف مطار الشارقة القديم الذي تم إنشاؤه في عام ،1930 ويعد الأول في الإمارات.
والمتحف خضع لعمليات إضافات منها تزويده بحظيرة الطائرات الخاصة بالطائرة «كوميت» عبارة عن نصف الهيكل، وتزويد محرك طائرة ضمن المعروضات وتحويل قسم المهن إلى قسم طيران العربية في عام ،2008 ويحتفل متحف المحطة سنوياً باليوم العالمي للمتاحف في 17 مايو من كل عام، إضافة إلى اقامة عدد من الفعاليات والورش منها المخيم الصيفي ومجموعة من الورش الخارجية وتقديم خدمات تعليمية منها ما يهتم بالزيارات المدرسية ويوفر جولات مختلفة وورشاً تعليمية.
سجل بيانات الطقس على الرغم من أن الطائرات والرحلات الجوية مرتبطة بالأحوال الجوية التي قد تعيق السفر والملاحة، فإن متحف المحطة يعرض عدداً من سجلات بيانات الطقس القديمة، إذ تم جمع بيانات الرصد الجوي لضرورة سلامة خطوط الطرق الجوية، التي تخبر تلك المعلومات عن توقع هطول الأمطار أو هبوب الرياح المؤثرة في حركة الطيران. كما توفر معلومات للمنطقة يستفاد منها في مقارنة الأحوال الجوية اليوم بغيرها من الأيام السابقة ومعرفة أنماط الطقس والجو، ويرجع عمر هذا الكتاب المعروض إلى عام .1975
|
مقتنيات مميزة
من أبرز مقتنيات ومعروضات المتحف طائرة الشحن «كوميت»، وهي أول الطائرات التجارية النفاثة في العالم، وقد بدأت في تقديم خدمة نقل الركاب في مايو ،1952 إذ تأتي مقصورة القيادة من أول طراز صنع من طائرات الكوميت 2 التجارية التي استخدمت محركات من نوع رولز رويس افون.
وحلقت هذه الطائرة في أول رحلاتها عام 1953 وتحمل ألوان طائرات شركة الخطوط الجوية البريطانية نفسها، وسجلت الطائرة الرقم القياسي في السرعة والمسافة عند قيامها بأول رحلة طيران من لندن في المملكة المتحدة إلى العاصمة السودانية الخرطوم عام ،1954 في زمن قدره ست ساعات ونصف الساعة بسرعة متوسطة تبلغ 481 ميلاً في الساعة على 769 كم في الساعة.
في الخامس من أكتوبر لعام ،1932 اتخذت الجهات المسؤولة في مطار الشارقة الترتيبات اللازمة لاستقبال وصول أول طائرة أرضية للمطار، وفي عصر ذلك اليوم، وتحديداً الساعة الرابعة عصراً، وصلت أول طائرة تابعة للخطوط الجوية الإمبريالية قادمة من جوادر الباكستانية ومتجهة إلى البحرين، وعرفت الطائرة باسم «هانو» التي كان على متنها ركاب ومحملة بكل طاقتها بشحنات وقطع غيار.
سينما الشارقة
تعتبر سينما الشارقة أول سينما في منطقة الخليج العربي، إذ تأسست عام ،1945 بعدها تم إنشاء سينما حديثة في الفترة بين 1949 و،1959 من قبل السلاح الجوي الموجود في تلك الفترة في الشارقة، الذي كان يدعى (آر. ايه. اف)، ويصف المؤرخون تلك السينما بأنها كانت عبارة عن سور مربع الشكل وشاشة متوسطة الحجم، وأمامها «دكة» تشبه منصة المسرح، ويقابلها من الطرف الآخر غرفة علوية توضع فيها آلة العرض السينمائية، كما توجد أماكن لجلوس المشاهدين تم تنظيمها على شكل مدرجات من الأعلى للأسفل، وهي مصنوعة من الإسمنت. واستمراراً لقصة السينما في الإمارات، فإنها بدأت فعلياً في «المحطة»، موازية لتأسيس محطة الطيران التابعة للخطوط البريطانية، حيث أقيمت للجنود في المعسكر البريطاني عام ،1945 وكانت أول دار عرض سينمائي خاصة بالأفلام السينمائية الصامتة. وكان العرض من عروض الأفلام السينمائية، التسلية والترفيه عن العاملين في المحطة، إذ تعرض أفلام وثائقية قصيرة وترفيهية، وبعض الأفلام الضاحكة، وكانت السينما عبارة عن جهاز متنقل للعرض، يعرض مادة الفيلم على الجدار، ولم يتم تجهيزها بكراسي مخصصة لجلوس الجماهير، بل كانت عبارة عن علب معدنية للكيروسين تملأ نصفها بالرمل وتوضع على الأرض لكي يجلس عليها المتفرجون.
الصندوق الأسود
كما يعرض في المتحف عدد من الصناديق السوداء، التي تعود لعام ،1954 إذ اقترح عالم الطيران الأسترالي ديفيد وارن صنع جهاز تسجيل يقوم بتسجيل تفاصيل رحلات الطيران، ويعتقد كثيرين أن الصندوق الأسود هو أسود اللون، إلا أنه في الواقع برتقالي أو أصفر فسفوري، وذلك لتمييزه بسهولة بين حطام الطائرة في حالات الكوارث وحوادث الطائرات. ولايزال سبب التسمية غامضاً تاريخياً فقد ذهب البعض إلى أنه سمي باللون الأسود بسبب الكوارث وحوادث تحطم الطائرات المأساوية، ويسمى الصندوق الأسود «بمسجل معلومات الطائرة»، ويقال إن تسمية الصندوق الأسود جاءت من مسجلات المعلومات الأولى نفسها التي كانت ذات عتمة وسوداء من الداخل لمنع التسربات الضوئية من تدمير شريط التسجيل، كما في غرف التصوير الفوتوغرافي، ويوجد في كل طائرة صندوقان يقعان في مؤخرة الطائرة يسجلان ما يحدث للطائرة طول فترة سفرها.