بيلوبونيز.. ماضٍ إغريقي وشواطـئ ساحرة
انتهت، أخيراً، دورة الألعاب الأولمبية ،2012 التي شهدتها العاصمة البريطانية لندن، ويرجع أصل هـذه التسميـة إلى مدينة أولمبيا اليونانية التي كانت تحتضن سلسلة من المنافسات الرياضية بين المدن الأغريقيـة القديمة.
وتبعد مدينة أولمبيا نحو أربع ساعات عن العاصمة اليونانية أثينا، لكن زمن السير يتوقف عما إذا كان السياح يرغبون في تناول طبق «سوفلاكي» اللذيذ أم لا أثناء الرحلة. وهناك العديد من أكشاك بيع «السوفلاكي» على ضفاف قناة كورينث، التي تبدأ من عندها شبه جزيرة بيلوبونيز.
لا توجد إلا استراحة واحدة تقريباً على طول هذا المضيق، لكن بإمكان السياح الاستمتاع بتناول وجبة من أسياخ اللحم المشوي الغض، بينما تبحر السفن الواحدة تلو الأخرى في قناة كورينث.
بقايا الماضي
طعام على البحر من الشائع جداً في شبه جزيرة بيلوبونيز تناول الطعام على البحر مباشرة، فغالباً لا توجد طرق مزعجة تحول دون استمتاع السياح بمشاهدة البحر من المقاهي التي تطل على المياه مباشرة. وتشتهر مدينة تولو الصغيرة القريبة من منطقة نافبليو بوجود بعض الفنادق والمطاعم التي تقع على الشاطئ مباشرة، إذ يتم وضع الطاولات والمقاعد بالقرب من مياه البحر، بينما تغوص أقدام السياح في الرمال الناعمة وتغرب الشمس حيث تحتفي في مياه البحر. |
تعد مدينة أولمبيا القديمة هي أول وجهة يقصدها السياح في شبه جزيرة بيلوبونيز، التي تبدو مثل يد بها أربعة أصابع، وتقع المدينة العتيقة في الجزء الشمالي الغربي من شبه الجزيرة في منطقة جبلية يكثر بها غابات كثيفة تكتسي باللون الأخضر على منحدرات وعرة. وفي وسط مدينة أولمبيا كانت هناك المنشآت الرياضية العتيقة التي شهدت منافسات بين الرياضيين منذ مئات السنين. أما اليوم فلا يشاهد السياح إلا بقايا مبان وأطلال معابد، ولكن يتم إعادة إحياء تاريخ هذا المدينة العتيقة بطريقة رائعة، إذ يوجد هناك متحف يعطي فكرة عن طبيعة الحياة التي كانت سائدة في مدينة أولمبيا، ويوضح كذلك مدى الفخامة والرقي الذي امتازت به هذه المدينة.
غير أن الترويج السياحي لشبة جزيرة بيلوبونيز لا يدور فقط حول الماضي العريق لمدينة أولمبيا، لكن يتمكن السياح في المدن الكبيرة، مثل كالاماتا في الجنوب، أن ينعموا بأمسيات جميلة على الكورنيش الطويل أو في البلدة القديمة.
ويمكن للسياح أيضاً الاستمتاع بتناول أكواب الآيس كريم اللذيذ في الميناء، فضلاً عن وجود العديد من المقاهي ومحال الحلوى في انتظارهم. وتشتهر كالاماتا بأنها مدينة الحلويات لما تزخر به من أصناف الحلوى اللذيدة، مثل قضبان السمسم المعروفة باسم «باستيلي»، وكذلك البقلاوة والقطايف الغارقة في العسل، التي تشتهر أيضاً في المنطقة العربية. وبينما يقوم سبيروس بتعبئة العسل غليظ القوام في العبوات الصلبة، فإنه يقص بعض الحكايات والأخبار عن الزلزال المدمر الذي ضرب المدينة خلال عام 1986 ودمرها إلى حد كبير، الأمر الذي أجبر سبيروس وزوجته وبناته الثلاث على العيش في خيمة في الشارع لشهور عدة، قبل أن يتمكنوا من إعادة بناء منزلهم.
ويعبر سبيروس، الذي يهوى التصوير الفوتوغرافي، عن أسفه لانهيار العديد من المباني القديمة من جراء الزلزال، وحلت محلها مباني حديثة مجهولة الهوية، أما اليوم فقد تم إحالة سبيروس إلى التقاعد ويساعد ابنته الكبرى في تسويق العسل.
وانطلاقاً من مدينة كالاماتا تسير الرحلة في بادئ الأمر إلى داخل البلاد، إذ تسير الطرق بشكل متعرج بين الجبال، وفي بعض الأحيان توضح أجهزة الملاحة طريق يحبس الأنفاس، لشدة ضيقه وكثرة تعرجاته. ويمر طريق الرحلة بقرى تقليدية تعبر فيها الماعز والأغنام الطريق لكي تصل إلى الحقل الموجود على الجانب الآخر.
كما يجتمع السكان في الميدان الرئيس بالقرية، لكي يتعرفوا إلى أخبار بعضهم بعضاً ويتجاذبون أطراف الحديث، وفي المسافات الفاصلة بين المدن تظهر بساتين الزيتون الشاسعة التي يصدر منها وهج يأسر الألباب عند غروب الشمس.
وينشئ المزارعون بين الحين والآخر متاجر صغيرة على حافة الطريق، لعرض منتجاتهم من العسل والزيت والخضراوات والفاكهة. ويؤكد البائعون على أن الفراولة قد تم قطفها هذا الصباح، لذلك فإنها تمتاز بلون قرمزي وطعم لذيذ عند عصرها.
إقبال ضعيف
تراجع الإقبال السياحي على شبه جزيرة بيلوبونيز خلال هذا الصيف بدرجة كبيرة، إذ يؤكد أصحاب الفنادق والمطاعم انخفاض أعداد السياح بنسبة تصل إلى 50٪ منذ بداية العام الجاري، ويمكن ملاحظة ضعف الإقبال السياحي، من خلال وجود عدد قليل من السياح في المطعم أثناء تناول وجبة الإفطار، أو عندما يتاح للسياح إمكانات غير محدودة لاختيار مكان الجلوس في المطعم لتناول وجبة العشاء.
وتتمثل المزايا في انخفاض أسعار المبيت في الفنادق بشكل ملحوظ عن الفترة السابقة، وحتى الشواطئ الرملية الطويلة قد تصبح بمثابة شواطئ خاصة للسياح.
وبشكل عام لا تبعد المسافة إلى ساحل البحر أو الشاطئ التالي في شبه جزيرة بيلوبونيز، إذ دائماً ما يظهر خليج استحمام منعزل ومختف خلف منعطفات الطريق، وفي بعض الأحيان يسير على الطريق على منحدرات جبلية، وفي أحيان أخرى يمر الطريق وسط بساتين الزيتون. وفي المدن الساحلية، مثل ميثوني أو كوروني، في أقصى الجانب الغربي لشبه جزيرة بيلوبونيز يخرج الصيادون كل صباح إلى البحر.
وفي مدينة غيثيو بمنطقة لاكونيا ترسو قوارب الصيد في الميناء في فترة ما بعد الظهيرة أمام المنازل المشيدة على المنحدرات الجبلية على النمط الكلاسيكي الجديد، بينما يقوم أصحاب المطاعم بتعليق الأخطبوط الطازج على حبل لكي يجف.