تشارك في مهرجان الشارقة للمسرحيات القصيرة سبتمبر المقبل

«الجلاد».. عندما نفكر يسقط قـــــناع الظلم

المسرحية تقترب من قضايا متعـــــــــــــــــــــــــــــــــلقة بـ «الربيع العربي». تصوير: تشاندرا بالان

«عندما نفكر، يسقط قناع الظلم والاستبداد، فتصبح عقوبة التفكير (الانتحار) الذي قد يكون أرحم بكثير من مواجهة الواقع الحالي»، هذه العبارة التي تلخص فكرة مسرحية «الجلاد»، التي هي من تأليف الكاتب المصري فتحي رضوان، وإخراج الشابة فاطمة الطرابلسي، التي تعتزم المشاركة بها في مهرجان الشارقة الاول للمسرحيات القصيرة في كلباء، المزمع انعقاده في أواخر سبتمبر المقبل.

بروفات مسرحية الجلاد، التي تقام حالياً في مسرح النادي الثقافي العربي في الشارقة، تحمل بين طياتها وفي سياق حواراتها اسقاطات سياسية مبطنة، عكست الواقع الحالي الذي تعيشه بعض الدول العربية جراء ما يعرف بثورات الربيع العربي، وتلك العلاقة اللصيقة بين الحاكم والمحكومة وما تحمله من تناقضات سواء الفقر والغنى أو الحرية والقمع أو حتى الإدراك والجهل والرضوخ والمطالبة بالحقوق الشعبية.

وقالت المخرجة الواعدة التونسية فاطمة الطرابلسي لـ«الإمارات اليوم» إن «مشا

لغة فصيحة

أكد المخرج المسرحي والمنسق العام للورشة المسرحية التخصصية ضمن برامج إدارة المسرح في دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة الرشيد عيسى أحمد، أن «ما يميز مهرجان المسرحيات القصيرة أنه يقدم مسرحيات باللغة العربية الفصحى، خصوصاً أن المسرح الإماراتي يغوص في العامية المطلقة، وابتعد كثيراً على اللغة الفصيحة، لذلك ستكون جميع المسرحيات المقدمة بالفصحى لتعزيز اللغة والهوية العربية».

وتابع أن «المسرحيات التي ستقدم ستكون قصيرة، ولا تتجاوز مدة العرض نصف ساعة، كما سيتم تناول نصوص مسرحية عالمية، بهدف انفتاح الشباب على المسرح العالمي، والاستفادة والتعلم من التجارب المسرحية العالمية التي تتلمذ عليها مسرحيون عرب متميزون، فيما لن يتم التطرق للكتابات المحلية في الوقت الراهن».

وأعلن الرشيد أن «إدارة المسرح ستعمل على توفير عناصر النجاح لمهرجان الشارقة الأول للمسرحيات القصيرة، وتم اختيار سبع مسرحيات، منها أربع مسرحيات عالمية، ومسرحيتان عربيتان، وتمهيداً للمهرجان تنفذ الإدارة سلسلة من الدورات التدريبية المتخصصة، بهدف عودة المسرح المقدمة وإرجاع نشاطه وتحقيق ديمومته».

ركتي في مهرجان المسرحيات القصيرة تعد الأولى في مجالي الفني، وأتكلم هنا من الناحية الإخراجية، أما التمثيل والكتابة المسرحية فهي ليست جديدة، وقد خضت تجارب سابقة في هذا المجال، إلا أن التحدي في هذا المهرجان يكمن في اخراج عمل مسرحي متكامل وإدارة المسرح، وفق رؤية إخراجية واضحة، إضافة إلى التعامل مع نص رائع وبلورته إلى الواقع بأسلوب اخراجي بسيط ويؤدي الغرض من المسرحية».

وتابعت الطرابلسي أن «نص مسرحية الجلاد للمؤلف فتحي رضوان، يتناسب مع كل زمان ومكان، وغير مرتبط بدول بعينها أو شخصيات محددة، وهنا يكمن التلاعب في المسرحية، التي اخترت اخراجها والمغامرة بها في المهرجان، كونها تلامس الواقع الحالي وقريبة من الشارع العربي، لاسيما في الوضع الراهن وما يحصل في كثير من الدول العربية من ثورات ومطالبات بالحريات المشروعة، وسقوط عدد من الحكومات الدكتاتورية على يد شعوبها».

نص مخفف

وحول المسرحية أكدت الطرابلسي أنها خففت من حدة النص وجرأته في تناول قصة الجلاد الذي يمثل الحكومات الظالمة والمحكوم عليه بالإعدام وهو هنا يمثل الشعب، إذ أظهرت المسرحية ذلك التناقض في الشخصية الواحد، فالجلاد على سبيل المثال ما هو إلا مصدر قوة وتجبر وبطش إلا أنه طوال المسرحية يظهر بتلك الشخصية المغلوب على امرها، والتي تنفذ ما يطلب منها دون تفكير، وكما ذكر في النص «كأنه حيوان بلا عقل» في نهاية المسرحية وجراء استخدامه لعقله توصل إلى نتيجة محسومة وهي الانتحار.

في حين ظهر المحكوم عليه بالإعدام بشخصية مزنة واضحة تركت أثراً كبيراً على الجلاد الذي حاول أن ينفذ حكم الإعدام مراراً على المحكوم عليه طوال رحلة تنفيذ الحكم، إلا ان الأخير لم يتمكن من ذلك، بل آثر أن يحرر المحكوم وينتحر بواسطة حبل الاعدام نفسه الملفوف حول رقبة المحكوم، الذي بين الحقيقة للجلاد فلم يتحمل مرارتها.

ولفتت الطرابلسي إلى أن «النص تمت اجازته واعتماده بعد إجراء عمليات تنقيح له وتخفيف واختصارات كثيرة، ليتناسب مع مهرجان المسرحيات القصيرة، إذ ان اختيار النص وتنقيته استغرق اكثر من شهرين، فيما التدريبات والبروفات بدأت منذ أكثر من شهر استعداداً للعرض في أيام المهرجان».

تبدأ المسرحية بمشهد رجلين يدخلان على خشبة المسرح مرهقي،ن الاول هو الجلاد يجر حبل طويلاً ثقيلاً، وبعد ثوانٍ من دخوله يظهر في نهاية الحبل المحكوم عليه بالإعدام، وهما يستطلعان المكان يجلسان على مقعد في انتظار القطار الذي يقلهم إلى مكان تنفيذ الحكم.

أسلوب اخراجي

يشارك في تمثيل المسرحية خمسة عناصر شبابية واعدة، بينهم إماراتيان وطفل تونسي وممثل يمني، وتدور في واقع مكاني وزماني مبهم يمكن أن يصلح لكل زمان ومكان في العالم، واختارت الطرابلسي وقت المسرحية منتصف الليل ليتماشى مع الحالة النفسية لشخصيات العمل، إضافة إلى رؤية المسرحية وحالة التوهان والصحوة المتأخرة التي جسدتها الشخصيات.

أما إخراج المسرحية، فقد اعتمدت الطرابلسي الأسلوب الواقعي في العمل، لاسيما أن نص المسرحية يفرض استخدام هذا الأسلوب، وإن لجأت بشكل مبسط إلى بعض المدارس التقليدية، تجنبت الاسراف في الحركة، واعتمدت على الاضاءة الخافتة وبقعة الضوء لتحصر انتباه المتفرج على جزء من العمل، فيما اعتمدت على التعتيم والبرودة والضبابية على خشبة المسرح لتتناسب مع طبيعة الحالة الواقعية للمسرحية.

وحول سينوغرافيا العمل، ابتعدت الطرابلسي عن الاسراف الإكسسوار والديكورات، إذ إن مشاهد المسرحية اعتمدت على كرسي ومقعد خشبي وعمود كهربائي وحبل ثقيل دارت حوله جزئيات المسرحية، فتحول من حبل لتنفيذ حكم الاعدام إلى مشنقة للانتحار ووسيلة مساعدة إنقاذ ضحايا عربة قطار المستقبل.

مسرحيات قصيرة

تعتزم الشارقة وتحديداً مدينة كلباء تنظيم مهرجان الشارقة الاول للمسرحيات القصيرة، الذي يعد مشروعاً متميزاً تم التخطيط له منذ فترة طويلة، من قبل إدارة المسرح التابعة لدائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، وذلك في إطار تجديد وتنشيط الحراك المسرحي في الشارقة، لاسيما أن الإمارة تقدم كل ما هو جاد ومناسب للإسهام في تطوير المسرح العربي.

ويعتبر المهرجان فعلاً تنشيطياً مخصصاً للمنطقة الشرقية ومكملاً لسلسلة النشاطات المسرحية التي تقام على مدار العام، إذ إن الشارقة تنظم مهرجان مسرح الطفل، وأيام الشارقة المسرحية، ومسرح الجامعي والمدرسي، ولأن المنطقة الشرقية تزخر بالمواهب والطاقات التي من خلال هذه المهرجانات سيتم اكتشافها والاهتمام بها عبر الورش والندوات التطبيقية الخاصة بالمسرح.

تويتر