اعتبر أزمات «أبوالفنون» بحاجة ماسة إلى التكاتف
إسماعيل عبدالله: المــسرح الخليجي يحتضر
«حزين لوجود أربعة كتاب فقط يشاركون بأعمالهم ضمن ستة أعمال في مهرجان المسرح الخليجي المزمع انطلاقه الأحد المقبل في مدينة صلالة العمانية، ورغم أنني مزهو إبداعياً بتمثيلي لثلاث دول من مجموع الدول المشاركة، إلا أنني في غاية الأسى لتفاقم إشكالية ندرة النص المسرحي الجيد في الدراما الخليجية».. تصريح واءم فيه الفنان إسماعيل عبدالله بين شخصية الكاتب المسرحي، ومسؤولية رئيس جمعية المسرحيين الإماراتيين، والأمين العام للهيئة العربية للمسرح. عبدالله الذي تشارك الإمارات في المهرجان عبر مسرحية «صهيل الطين» التي كتب نصها، وتشارك كل من قطر والكويت بمسرحيتين بنص واحد كتبه عبدالله وهو «البوشية» ولكن برؤيتين إخراجيتين مختلفتين، بدا أكثر تشاؤماً بمستقبل المسرح الخليجي، وأصر على إطلاق «صرخة استغاثة» عبر «الإمارات اليوم»، مضيفاً «المسرح الخليجي يحتضر، وأزماته العديدة بحاجة ماسة إلى تكاتف وإعادة النظر في كثير من الأولويات»، مضيفاً «ليس هذا وقت البحث عن مجد شخصي، لأن المسرح الخليجي إذا فقد جمهوره، فلن ينجو أحد من الخسارة».
وتابع أن «مهرجان المسرح الخليجي لا يقوم بدوره كمنصة فاعلة لتحفيز الإبداع المسرحي في الخليج، ومشاركتي بشكل متواتر بنصوص مسرحيات تتنافس على جوائزه لا تمنعني من انتقاد آليات ترشيح الأعمال المشاركة التي لا يمكن أن ننفض عنها شبهة المجاملات والمزاجية».
الوصاية ولّت
توأمة إبداعية رغم مشاركته في سبعة نصوص مختلفة على مدار دورات مهرجان المسرح الخليجي، فإن الفنان إسماعيل عبدالله أضحى لا يكتفي بمشاركة وحيدة باسم الإمارات في هذه المنصة الخليجية، وبعد أن أسهم في منح قطر حصة المناصفة في الجوائز مع الإمارات العام الماضي عبر «مجاريح» الإماراتية التي تحولت إلى قطرية برؤية إخراجية جديدة، إلا أن اللافت أن المشاركتين الأخيرتين له باسم الإمارات هما مع مخرج واحد هو محمد العامري. مخرج «صهيل الطين» أضحى أكثر المخرجين انسجاماً مع نصوص إسماعيل عبدالله، على نحو أحالهما معاً إلى ما يشبه «توأمة إبداعية»، وهو ما يفسره الكاتب بقوله: «نعمل معاً في ورشة عمل من أجل انجاز مشروع بعينه، ويستلهم العامري خطوط الشخصيات، وروح المكان والزمان بعبقرية إخراجية متفردة، ليبث رؤية إخراجية خصبة متوائمة مع روح المكتوب، لكنها في ذات الوقت مفعمة بخصوصيته، وهو ما يفاقم من الانسجام بين النص وسائر مفاصل العمل الفني». وأضاف عبدالله «رغم أنني قدمت العديد من الأعمال مع مخرجين مشهود لهم بالكفاءة، وقدمنا أعمالاً حازت إعجاب النقاد والجمهور، إلا أنني وجدت ضالتي الإخراجية مع العامري، فضلاً عن أنه يتمتع بصفات شديدة الأهمية بالنسبة للمخرج وهي تحليه بالصبر، وهذا مطلوب لمن يبدع على ساحة خشبة الدراما الإماراتية». |
أضاف مبدع «عرق الطين» أن «زمن الوصاية على الإبداع المسرحي قد ولى في مختلف الدول المتقدمة مسرحياً، ولا يمكن أن يبقى ترشيح العمل المشارك في مهرجان ذي قيمة فنية عالية منوط بقرار رسمي أو سيادي، بعيداً عن الاعتبارات الفنية. وذكر أن «مهرجان المسرح الخليجي على خلاف المهرجانات المهمة إقليمياً وعالمياً لايزال لا يمتلك قراره في اختيار الأعمال المشاركة في دوراته، وينتظر قيام كل دولة بترشيح العمل المشارك، وهو غالباً ما يكون قراراً رسمياً تقوم به وزارة الثقافة في كل بلد، وأقل ما يمكن أن يسمح به هو وجود لجنة من صلاحيتها قبول أو رفض العمل لاعتبارات فنية، إن لم يكن بالإمكان تمكينها من متابعة العروض على مدار العام لانتخاب أفضلها من أجل العرض المهرجاني».
واعتبر عبدالله أن هذه «مجرد إشكالية وحيدة من زمرة إشكاليات تواجه المنصة الجامعة الأساسية للمسرح الخليجي، وتعني أن تلك المنصة قد تظل عاجزة عن التأثير الإيجابي في استنهاض المسرح الخليجي من جهة، كما أنها مرشحة لتعميق انفصامها عن المسرحيين الخليجيين وجمهور أبوالفنون من جهة أخرى».
رفض
رغم فوزه بجائزة أفضل نص مسرحي في العديد من دورات المهرجان وترشحه لنيل الجائزة ذاتها بشكل قوي في الدورة المقبلة، فإن عبدالله أعرب عن رفضه لفكرة تضمينه مسابقة ذات جوائز، مضيفاً «في الدورات الأولى للمهرجان لم يكن ثمة وجود لمسابقة، وكان المهرجان مجرد منصة لعروض تجتمع لمتابعتها أسرة المسرح الخليجي وجمهوره المتنوع، لكن الدورات اللاحقة تم استحداث المسابقة فيها كمحاولة لدعمه، والتحفيز على مزيد من التجويد والمنافسة، لكن عدم وضوح معايير المشاركة تلقي بظلالها بالضرورة على عدم وضوح معايير منح الجوائز».
وفنياً قال عبدالله إنه «يقصد المهرجانين الخليجي والعربي بذهنية الكاتب الباحث عن إبداع أقرانه، سواء للاستمتاع أو لقياس أدواته الإبداعية، وضعف حدة التنافس خليجياً لا يصب في مصلحة كتاب الدراما الخليجيين، ولا يمكن أن يكون حتى في صالح الأسماء القليلة التي توصف بأنها الأكثر ثراء وخصوبة، وفق المعطيات الراهنة».
تفوق المسرح الإماراتي النسبي وفق مؤشرات جني الجوائز في الدورات الثلاث الأخيرة للمسرح الخليجي مرشح للاستمرار، وفق عبدالله الذي ذكر بجني الإمارات عبر مسرحية «اللوال» التي كتب نصها في الدروة قبل الماضية بسبع جوائز كاملة من مجموع تسع، من ضمنها جائزة أفضل عمل متكامل، قبل أن تتقاسم الجوائز مع قطر الدورة الماضية، لكن الأخيرة أيضاً للمفارقة كانت قد شاركت بنص سبق أن قدمه هو أيضاً، وهي مسرحية «مجاريح».
تخطي المكان
تؤشر المشاركة المتعددة لعبدالله ممثلاً لأكثر من دولة خليجية إلى أن الكاتب تمكن من أن يتخطى بالنص المسرحي الإماراتي حدود المكان، وجدد في خطابه بالاعتماد على تيمات جديدة مركبة. ويتضح هذا بشكل كبير في نص مسرحية «البوشية»، إذ أكد المؤلف أنه راعى في هذا النص توجيه مضمونه وخطابه بعيداً عن المحلية، منحازاً لأفق اجتماعي خليجي أكثر تنوعاً، فعمد إلى استخدام لغة مسرحية خرجت من عباءتها الإماراتية «الخاصة» إلى الخليجية «العامة»، باعتبار أن القضايا الاجتماعية هي ذاتها في معظم دول الخليج قد تتنوع أو تختلف في شكلها أو شدتها بين بلد وآخر، لكنها بصورة عامة تتشابه في المضمون.
يذكر أن اسماعيل عبدالله كتب للمسرح العديد من النصوص منها «راعي البوم عبرني، البشتختة، غصيت بك يا ماي، زمان الكاز، ليلة مقتل العنكبوت، بقايا جروح، مولاي يا مولاي، قوم عنتر (إعداد)، بين يومين، البقشة، مجاريح، خبز خبزتوه (إعداد)، اللّوال، صرخة، ميادير، حرم معالي الوزير (إعداد)، سمنهرور (إعداد)، حاميها حراميها (إعداد)، الرجل الذي نسي أن يموت، العرس الأكبر، السلوقي، حرب النعل، أصايل، التريلا، البوشية، زهرة مهرة، صهيل الطين».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news