«المهرجان الخليجي» يكرّمه اليوم وفي جعبته 30 مســـــــــرحية

سعيد سالم: دائماً هنــاك من يتذكرنا

سعيد سالم.. 3 عقود من العطاء المسرحي توجت بتكريم ودين ثقيل. الإمارات اليوم

«51 صفحة.. مصادفة غريبة لم يرتبها إلا من يعرف تماماً عدد سنوات عمري التي قضيت معظمها على خشبة المسرح وفي ربوعه»، أول انطباع للفنان الإماراتي سعيد سالم الذي يتم تكريمه خلال الدورة الحالية لمهرجان المسرح الخليجي الذي افتتح، أول من أمس، في مدينة صلالة العمانية، بعدما اطلع على كتيب يتطرق إلى نبذات عن مشواره في المسرح، وبعض شهادات زملائه في شخصه وفنه، حيث لاحظ سالم أن عدد صفحات الكتاب مناظرة تماماً لعدد سنوات عمره.

سالم الذي كان يقصد أن من رتب ذلك صديقه الفنان إسماعيل عبدالله، رئيس جمعية المسرحيين، لا يختلف حتى منافسوه على أنه ظاهرة أو مدرسة فنية لم يتم استثمار طاقتها كاملة، لكنه رغم ذلك يحتفظ بطابع كوميدي في محيطه الاجتماعي يحيل من خلاله المساحة التي يتحرك فيها إلى خشبة مسرحية مقتطعة من واقعه.

رحلة ممتعة

فطنة «الشاطر»

رفض الفنان سعيد سالم الذي أسس فرقة أم القيوين، والموجود حالياً بمدينة صلالة العمانية من أجل استلام درع تكريمه من مهرجان المسرح الخليجي، دخوله انتخابات عضوية المجلس الوطني الاتحادي عن إمارة أبوظبي في الدورة الماضية بـ«غلطة الشاطر»، رغم عدم نجاحه في الانتخابات، مضيفاً: «لم أنجح في الانتخابات لكني نجحت في تكريس الالتفات لأهمية دور الفنان في مجتمعه، وإن خشبة المسرح تحديداً لا يمكن أن يكون المنتمون إليها بمعزل عن قضايا المجتمع وتطلعاته».

واعتبر صاحب دور فيروز في «مجاريح» الإماراتية أن التوصيف الأفضل لهذا الترشح هو «فطنة الشاطر»، مؤكداً أن عدم توفيقه في مجال الإنتاج حتى الآن أيضاً لا يخرج عن هذا التوصيف. عدم الرضا الذي يصل إلى حد الغضب من واقع الدراما التلفزيونية الإماراتية هو ما يسود سالم أيضاً الذي غاب هذا العام تماماً من أي ظهور في الموسم الدرامي الرمضاني، مضيفاً: «عوامل غير فنية بالمرة هي التي أصبحت تتحكم بالفن، وهناك الكثير من التجاوزات التي تتم ويدفع ثمنها المشاهد المحلي، وإذا لم تراجع الجهات المعنية والمسؤولة عن إنتاج الدراما حساباتها سريعاً بشكل يتخلص فيه الجميع من مصالحه الشخصية فسوف تتعاظم خسائر الدراما الإماراتية».

يضيف سالم لـ«الإمارات اليوم»: «خانتني دموعي وهي تتقاطر كلما قلبت في صفحات الكتاب، شهادات من زملاء، ورصد لأهم مفاصل رحلة ممتعة ألصقتنا بهموم وتطلعات المجتمع عبر الخشبة، يبدو دائماً أنه في أحلك الظروف التي نظن فيها أنه تم نسياننا، يبقى دائماً ثمة من يتذكرنا، لتترسخ قناعتي بأن العقود التي حرصت فيها على العطاء للفن، أثمرت ما هو أثمن من الرصيد البنكي، وهو رصيد محبة الآخرين، سواء من الجمهور أو الزملاء».

خدم في القوات المسلحة في بداية حياته العملية، ثم في قسم الانتاج بتلفزيون ابوظبي، وعطاء لا يتوقف لفن الخشبة وصل بأعماله إلى نحو 30 مسرحية وعشرات الأعمال التلفزيونية والإذاعية، وارتباط دائم بالجيل الجديد، حتى قبل أن يتولى مسؤوليته الحالية رئيساً لمجلس إدارة مسرح أم القيوين، ملامح من حياة الرجل المهموم أيضاً بشؤون إنتاجية لم تكن موفقة، وأسهمت إلى جانب معطيات وظروف أخرى في وصول حجم ديونه إلى 1.8 مليون درهم، لتخفي البسمة الحاضرة دوماً والضحكة التي لا يخطؤها عشاق الكوميديا الإماراتية تركة من الدين الذي لا يوقف وجود سالم في مختلف المشاركات المسرحية للدولة، سواء كان الأمر بتكليف رسمي، أو تطوع لمساندة يراها واجبة.

دماء شابة

هكذا رصدت «الإمارات اليوم» سالم في مناسبات عدة خارج الدولة، في عروض لا ترتبط بمسرحه «أم القيوين»، أو بشخصه، وفي القاهرة، عندما قررت وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع الدفع بدماء شابة في مهرجان المسرح العربي في دورته الأولى عبر مسرحية «عنبر»، كان سالم هناك يقدم خبرته لشباب مسرح دبي الأهلي الذين ترشحوا لهذا التمثيل بعد منافستهم للمسارح الأهلية بما فيها مسرح أم القيوين ذاته، ما يعني أن القضية حينما تصبح وطنية تتقدم لديه على أي اعتبارات أخرى.

وحتى عندما كانت المنافسة تتعلق بشخصه في عرض مماثل لمسرحية أسند له فيها دور البطولة هي «مجاريح» التي سبق عرضها في الشارقة، لم يكن لديه أدنى مشكلة أن يسند ذات الدور لممثل بحريني هو علي ميرزا، بسبب أن كاتب النص هو مواطنه الفنان إسماعيل عبدالله، فأصر سالم على السفر إلى الدوحة وحضور عروض مهرجان المسرح الخليجي في نسخته السابقة كاملة، وقام بنفسه بتهنئة الفنان الشاب، بل إن الأوساط الفنية في تلك الأوقات تناقلت بخفة ظل تعليقاته حول شخصية «فيروز» التي سبق له أن جسدها، في حين أن اهتمام سالم الأساسي كان منصباً بدعم المسرحية الإماراتية المشاركة في المهرجان وهي «السلوقي» .

نفس الرصد المؤشر إلى أن صالح مسرح بلده هو المقدم لديه دائماً هو ما رصدته «الإمارات اليوم» في محفل خارجي آخر هو مهرجان المسرح العربي بالأردن، حيث كان سالم بمثابة عين ناقدة وموجهة للعمل في تمارين مسرحية «حرب النعل» لمخرجها محمد العامري، رغم مشاركة قامات فنية بها مثل الفنانين أحمد الجسمي وعبدالله صالح.

مشوار سالم الغني بالمشاركات المتنوعة بدأ بمسرحية الطماعين، ثم القضية الكبرى في أواخر السبعينات، ثم كلمة الحق، الفيارين، دوائر الخرس، الكنز، الخوف، المحاكمة ،1 مأساة أبي الفضل، غلط.. غلط، بدون عنوان، للأرض سؤال، حكاية لم تروها شهرزاد، أوه يا مال، وأيضاً عطس وفطس، ميد إن جلف، بوعكلوه في مهمة، سرقوا الكأس يا ماجد، ابن ماجد يحاكم متهميه، شمبريش، يا ويلي من تاليها، فراش الوزير، في التسعينات، قبل أن يقدم في العقد الأخير: ما كان لأحمد بنت سليمان، الياثوم، غصيت بك يا ماي، مولاي يا مولاي، المجاريح، فيما تتعدد أعماله الإذاعية والتلفزيونية ومنها «حاير طاير» بأجزائها المتعددة، وأيضاً «طماشة» التي غاب عن جزئها الأخير.

تويتر