عبدالرب إدريس: أرفـض تغريب الأغنية الخليجية
على الرغم من حضوره المقل؛ يعد الفنان عبدالرب ادريس واحداً من أعمدة الساحة الفنية في منطقة الخليج، ليس مطرباً فقط، ولكن أيضاً ملحناً قدّم عدداً كبيراً من الأغنيات الناجحة، سواء بصوته، او من خلال تعاونه مع مطربين عديدين، من بينهم محمد عبده، وراشد الماجد، وعبدالكريم عبدالقادر، وعبدالمجيد عبدالله، وأبوبكر سالم، وأصالة، وماجدة الرومي، وغيرهم.
ومع ذلك يعد إدريس من أكثر الفنانين الخليجيين ميلاً للعزلة، والابتعاد عن الأضواء، ووسائل الإعلام، عازياً ذلك في حواره مع «الإمارات اليوم» إلى حرصه على اختيار الظهور في المكان المناسب له، ورفضه الظهور في أماكن وحفلات لا تناسبه، مضيفاً «أحرص على ان يكون ظهوري فقط في المكان المناسب لي وللفن الذي اقدمه، وهذا افضل، والأهم بالنسبة لي ان اقدم عملاً او حفلاً يتميز بالجودة والرقي، أكثر بكثير من اهتمامي بالحضور على الساحة، والظهور المتكرر من دون فائدة»، مؤكداً أنه مع تطوير الأغنية الخليجية، وليس مع تغريبها، فالتطوير، يكون من وجهة نظره، من داخل القالب المميز للإيقاعات الخليجية.
أما ابتعاده عن الغناء فأرجعه إلى انشغاله بالتلحين الذي يأخذ الكثير من وقته وجهده، بالإضافة الى تعاونه مع عدد من الفنانين؛ ما احتاج منه التفرغ لهذه الأعمال، والابتعاد لفترة عن الغناء. وكشف إدريس عن تعاون قريب له مع فنان العرب محمد عبده.
هوية
جديد عن جديده؛ كشف الفنان عبدالرب إدريس في اللقاء الذي أجرته معه «الإمارات اليوم»، خلال زيارته الأخيرة للعاصمة أبوظبي للمشاركة في برنامج «جلسات (إمارات إف إم) و(دو)» الذي قدمته إذاعة إمارات إف إم، باشراف يعقوب الروسي، انه يحضر لألبوم جديد على شكل جلسة، وقد اختار معظم أغنياته، لكنه مازال يحتاج إلى المزيد من الوقت والعمل، إذ مازالت بعض الاغاني في طور الترتيب والتنسيق، من حيث الالحان او مع الشعراء، خصوصا ان الجلسات تحتاج الى إعداد يختلف عن الألبومات الغنائية المعتادة. لافتاً إلى انه إلى الآن لم يستقر على الجهة التي ستتولى انتاج الألبوم. وأشار إدريس إلى ان أغنيته «ليلة» مازالت هي الأشهر والأكثر طلباً من الجمهور، كما تغنى بها العديد من الفنانين، ورغم انه اعتاد اختيار كلمات أغانيه قبل اللحن، إلا انه في أغنية «ليلة» كانت جملة اللحن حاضرة، ثم سمعها الأمير بدر بن عبدالمحسن الذي كتب الأغنية، وتم تنفيذ اللحن والكلمات في اليوم نفسه، وكتب لها النجاح لتصبح أشهر أغنياته. معتبراً ان لقب «الفنان» هو أجمل الألقاب لديه، فهو لقب شامل. وحول الأصوات المقربة إليه اشار إلى ان هناك العديد من الأصوات المميزة على الساحة، سواء من المخضرمين او الشباب، أما الاصوات النسائية فمازالت محدودة ومحصورة في عدد من الأسماء المعروفة على الساحة، والتي تتمتع بالموهبة واعجاب الجمهور، أمثال نوال واحلام، وغيرهما.
|
اعتبر الفنان عبدالرب إدريس أن الحكم على الساحة الفنية حالياً امر صعب وغير مطلوب في ظل التغييرات الكثيرة التي تشهدها الساحة في الوقت الحالي، وما تشهده من دخول اسماء جديدة في مجالي الغناء والتلحين، وما انتجه ذلك من تقديم ألوان فنية جديدة، وهو ما يجعل تقييم الساحة وإصدار احكام قاطعة على ما تنتجه امرا مبكراً، مشيراً في الوقت نفسه إلى ان هناك أعمالاً جيدة، سواء في التلحين أو الغناء، وفي المقابل هناك أعمال لا ترقى للمستوى المطلوب.
وشدد صاحب الاغنية الشهيرة «ليلة»؛ على عدم رفضه للتطور والتجديد، ولكن في ظل الالتزام بشرط اساسي، وهو الحفاظ على الهوية المميزة للأغنية الخليجية، وعدم تغريبها، موضحاً ان الحفاظ على هوية الأغنية الخليجية يرتبط بمدى إلمام العاملين على صناعتها بتاريخ الاغنية في المنطقة، مضيفاً «يجب ان يدرك كل من يعمل في مجال الموسيقى والغناء ان تقديم اغنية خليجية لابد ان يستند إلى خلفية كافية عن الأغنية الخليجية والإيقاعات في المنطقة وانواعها، وغير ذلك من المعلومات الأساسية في هذا المجال، ووفقاً لما يمتلكه الانسان من معرفة ودراية بهذه الأمور يمكنه ان يقدم شيئاً جديداً ومميزاً، اما اذا لم يكن يمتلك مثل هذه الخلفية، فكيف يمكنه ان يعايش الوضع الفني، ويقدم أغنية حقيقية ذات مستوى جيد؟، فمن ليس له قديم ليس له جديد».
ابن الخليج.. الأقدر
من جهة أخرى، اعتبر إدريس اتجاه عدد كبير من الفنانين العرب للغناء باللهجة الخليجية حرية شخصية، وقراراً يعود للفنان نفسه «فليس هناك شخص يملك ان يمنع فناناً من تقديم عمل يرغب في تقديمه، او الغناء بلهجة ما، حتى اذا لم تكن لهجته الأصلية»، مؤكداً، في الوقت نفسه، انه لا يمكن ان يؤدي فنان من خارج منطقة الخليج العربي الأغنية الخليجية بالطريقة نفسها التي يؤدي بها ابن الخليج «ولو حاول لأن الهوية الخليجية غالبا ما تغيب عن أغنيات الفنان العربي، وتفقد جزءاً مهماً من سماتها الخاصة، فالصوت الجميل والالتزام باللحن غير كافٍ، خصوصا ان نطق الكلمات ومخارج الألفاظ تختلف وتحتاج الى مراعاة كبيرة في الأداء، وغالبا ما يعجز الفنان غير الخليجي على أداء الكلمات بالطريقة نفسها التي اعتاد اهل المنطقة النطق بها، وهناك مصطلحات شعبية متداولة تختلف كثيرا عندما يقدمها ابن المنطقة عن غيره من الفنانين».
وعن التطور الكبير في التقنيات المساعدة في عالم الموسيقى، ومدى استفادة الفن في منطقة الخليج من هذا التطور؛ أشار عبدالرب ادريس إلى ان «التطور التقني لا يمثل اساس النجاح في الغناء، لكنه عامل مساعد على تجويد ما يتم تقديمه من أغنيات وأعمال، بدليل ان هناك مطربين يقدمون أغنياتهم بمصاحبة آلة العود فقط دون فرقة موسيقية، ورغم ذلك يقبل الجمهور على الأغنية وتحقق نجاحا كبيرا، لان الجمهور يشعر في هذه الحالة بأن العمل اقرب إلى مشاعره ووجدانه»، مضيفاً أن «العود يبرز صوت الفنان واحساسه بالكلمة ومدى تفاعله معها، وفي أحيان أخرى يقدم الفنان أغنية بمصاحبة فرقة موسيقية كبيرة وتلقى النجاح نفسه، لأنه استخدم التقنيات الموسيقية استخداماً صحيحاً يخدم فنه ويبرزه ،لكننا في المقابل نرفض استخدام التكنولوجيا الحديثة بطريقة تؤثر في هوية الأغنية أو تطغى عليها، كما نرفض تغريب الأغنية والخروج بها عن إطارها الخليجي».