فنان إماراتي ساعده التشكيل على استرجاع ذاكرة أحـداث قديمة
بن ثاني.. سبعيني يعـود إلى الرسم بعد غياب 23 عاماً
لم يكن معلوماً بالنسبة لكثيرين ما الذي يحيل إليه مسمى معرض «عودة فنان» الذي يصادف من يدخل مقر ندوة الثقافة والعلوم في دبي. وقد يتوقف المرء عند أعمال تشكيلية تتقاطع عندها مدارس تشكيلية متعددة، دون أن يدري أنها تحمل تقاطعات لخمسة عقود في حياة الفنان التشكيلي الإماراتي علي سعيد بن ثاني، الذي لا يتوانى عن الحديث عن ذكرياته بانطباعاتها على اللوحات التي ضمها معرضه الشخصي الأول، وهو في عامه الـ،72 إذ يعود إلى ممارسة الرسم بعد غياب دام 23 عاماً، بسبب المرض. وأسهمت عودته الى الفن في استعادة احداث وذكريات قديمة، يعود بعضها إلى ستينات القرن الماضي.
التفاف أسرة بعدما قادها في شبابه الذي صادف طفولتها إلى أجواء التشكيل، عادت هي لتلهمه العودة من جديد إلى العوالم والأجواء ذاتها، ولكن بعد مرور عقود ترعرعت فيها موهبتها، وكادت موهبته هو يطويها الذبول. تلك هي الثنائية الإبداعية التي تربط بين علي سعيد بن ثاني، وابنته الفنانة التشكيلية ناعمة التي غابت عن معرض والدها لانشغالها بدراسة الفنون التشكيلية في أميركا. أسرة بن ثاني التي كانت شديدة الاحتفاء بعودته إلى الإبداع، وهو يشارف على عامه الرابع والسبعين، اكدت أن تلك العودة أسهمت بشكل فاعل في استشفائه، مؤكدة على لسان ابنته مريم «كانت اختي ناعمة تستعير أدواته وألوانه، وكلنا نتذكر شغفها الشديد بتلك اللحظات التي كانت تختلسها بصحبة الألوان تاثراً به. أما الآن، فإن عودة الفنان في الحقيقة تعد مرهونة بتأثره بنشاطاتها، ومعاودة إطلالته على ألوان افتقدها كثيراً، لدرجة أن حالته الصحية تبدلت كثيراً، بعدما اصطحب ناعمة في مشاركة فنية لها بمرسم مطر أخيراً». التفاف أسرة علي بن ثاني حوله، وحرصها على دعم عودته تبقى لدى أفراد أسرته بمثابة أحد موجبات الوفاء، فيما تبقى بالنسبة لواحدة من أهم مؤسسات الدولة الثقافية، حدثاً مهماً يستحق الدعم والاحتفاء، وتخصيص مساحة لاستقبال أعمال يبقى تقديرها مرهوناً بمثل تلك المؤسسات. |
بن ثاني المولود عام ،1940 لم يكن وحيداً عندما قصدته «الإمارات اليوم»، بل كان بصحبة عدد من أفراد أسرته يعينونه على استلهام الذكريات، ويحتفون معه بعودة «الإبداع» بعد غياب، إذ اوضحت ابنته مريم بن ثاني طول توقف والدها عن الرسم بسبب إصابته بجلطة دماغية جعلته شبه مفتقد لمخزون ذكرياته الذي يعينه على الإبداع، قبل أن يعيده شغفه بالألوان وعالم التشكيل إلى الكثير من تلك التفاصيل وحيويتها، من خلال اجتهاده في الوقوف عندها واسترجاعها.
وصول تلك الأعمال إلى المتلقي رغم ذلك كان رهين «مصادفة»، حسب تأكيد مريم بن ثاني، قادت إليها لقاء والدها الفنان مع بلال البدور الوكيل المساعد لشؤون الثقافة والفنون في وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، ليدعوه إلى عرض أعماله الحديثة في ندوة الثقافة والعلوم، ليتجدد إبداع الرجل الذي هجر الفرشاة قسراً تحت وطأة ظروف المرض منذ عام .1989
الميل إلى رسم الوجوه، ومحاكاة الواقع ليس فقط أسلوب بين المدرسة الواقعية والتعبيرية التي تميل إليها أعمال بن ثاني المعروضة، بل هي أيضاً إخلاص لأحد الفنانين المؤثرين في تجربة الرجل، وهو الفنان المصري صلاح عبدالكريم.
وقال بن ثاني «تعلمت منه الكثير من التقاليد الرصينة للفن التشكيلي، وكيفية الاشتغال على تفاصيل الأشياء».
وإلى جانب الوجوه ثمة اهتمام ملحوظ لدى الفنان بنقل مشاهد بعيدة عن الواقع الإماراتي، وتحديداً تلك التي لاتزال تحتفظ بها مخيلته من سنوات قضاها في مرحلة مبكرة من حياته، وتحديداً في ستينات القرن الماضي، في كل من القاهرة ودمشق، سواء استقاها من حيوية الأحياء الشعبية والمنازل القديمة في المدن، أو أبعد من ذلك في ريف مصر وصعيدها، فضلاً عن تأثره الشديد بالبيئة البحرية التي تميز إمارة رأس الخيمة ومختلف المدن الاماراتية.
الاحتفاء الشديد بالألوان، والبساطة في رصد ظواهر المكان ومعالمه، من أبرز سمات اللوحات المعروضة لبن ثاني في ندوة الثقافة، وهي بساطة تنسحب أيضاً الى آلية تعامله مع ملامح الأشخاص التي يرصدها في لوحات الوجوه، على نحو يحاكي صعوبة استدعائها من ذاكرة تحتفظ بتفاصيل تمتد لأكثر من خمسة عقود.
يذكر أن علي بن ثاني من مواليد منطقة ديرة في دبي عام ،1940 ويعد أحد مؤسسي الحركة الكشفية بالمنطقة قبل قيام الاتحاد. درس الفنون والخط العربي بمعهد الفنون بالزمالك بمصر، وكذلك في سورية خلال ستينات القرن الماضي، كما أنه شارك بالعديد من المعارض الخيرية في أوائل السبعينات والثمانينات.
ورغم التحاقه للعمل بوظيفة مدرس بوزارة التربية والتعليم، إلا أنه تقدم باستقالته في وقت مبكر، وأصبح أكثر تفرغاً لأعمال الزراعة وصيد الأسماك، ما جعله أكثر قرباً من البيئة البحرية الملهمة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news