عرضا سادس أيام «الشارقة للمسرحيات القصيرة»

«الأقوى» و«أريد حلاً».. المـرأة تتحرر

صورة

حررت مسرحيتا «الأقوى» و«أريد حلا»، المرأة التي كانت محور العملين اللذين عرضا في مهرجان الشارقة للمسرحيات القصيرة، الذي اختتمت عروضه أمس، من قيود الرجل، ومن ذاتها، ومن المرأة مثيلتها كذلك، إذ أوجدتا حلاً لزوجة مغدورة، ونصرتا تلك التي تتلوى بنيران وجود عشيقة في حياة زوجها، فتارة كانت الأقوى، وتارة أخرى تنسحب بصمت، مخلّفة وراءها عالماً لا ترغب في العودة إليه.

117 صوتاً

في سابقة من نوعها فازت الممثلة الشابة سلوى الأميري بالجائزة اليومية كأفضل ممثلة، عن دورها في مسرحية الأقوى، بعدد كبير من الأصوات، إذ تجاوز عدد الأصوات 117 صوتاً، لتكون بذلك أكثر ممثلة تحصل على نسبة أصوات خلال أيام المهرجان.

وتنافس مع الأميري، الممثلة عائشة القايدي عن دور لوجين في مسرحية «أريد حلاً»، بعدد أصوات بلغ 70 صوتاً، لتكون بذلك ثاني أعلى نسبة تصويت على مدار أيام المهرجان، فيما جاء محمد حسن آل رحمة ثالثاً بمجموع 36 صوتا، إلا أن آل رحمة فاز قبل أيام بجائزة أفضل ممثل عن دور دوران في مسرحية «مشاجرة جماعية».


معالجة ضعيفة

عانت مسرحية «أريد حلاً» المعالجة الضعيفة، بحسب مشاركين في الندوة التطبيقية التي تلت العرض، مشيرين إلى أن «الإعداد غير مكتمل، وهناك مشاهد مبتورة في حبكة العمل، لاسيما أن التحول في الأحداث غير منطقي، فضلاً عن ذلك لم يجد المتفرجون ذلك الاحساس والانفعال بالحالة، خصوصاً أن صوت الزوجة لوجين كان على درجة واحدة طوال العرض، فعلى الرغم من أنها تلقت الكثير من الصدمات إلا أن انفعالها كان يتسم بالبرود».

ولفت آخرون إلى أن العمل بسيط في التكوين وفي الحضور والأداء، كما لوحظ ارتباك في الحركة، ورتابة في العمل، على الرغم من انه لا يتجاوز 15 دقيقة.

في المقابل، أشاد آخرون بخروج الزوجة (عائشة القايدي)، وكسرها حاجز الخشبة، بأن سارت بين الجمهور، وخرجت من الباب المخصص لهم، إلا أنها أثناء خروجها فقد المشاهدون في الصفوف الأولى صوت الممثلة، إذ انها اعتمدت على صوتها الحقيقي من دون الاستعانة بمكبرات صوت.

عكست مسرحية «الأقوى» للمؤلف المسرحي السويدي أوغست سترينبيرج، رؤية المخرجة الإماراتية سميرة النهال القائمة على فكرة وجود زوجة محبة ومخلصة، تحارب بكل ما لديها للحفاظ على زوجها وأطفالها ومنزلها، إذ تغالب مرارة الصبر، وتحترق بنيران الغيرة، لكنها توظف كل تلك المشاعر لتقويها على المواجهة، بل وتجعلها الأقوى.

تعالج المسرحية فكرة الزوجة المغدورة التي تعاني وجود عشيقة لزوجها، فتظهر تلك المشاعر المختلطة التي لا تخلو من الغيرة والقهر والحقد ضمن مشاهد المسرحية، التي جسدت دور الزوجة فيها الممثلة سلوى الأميري، أما العشيقة فقامت بدورها الممثلة حنان البلوشي، وتدور مشاجرات طاحنة بين الاثنتين على زوج لم يكن له وجود على خشبة المسرح، إلا أن الزوجة كانت الأقوى في المواجهة، على الرغم من تخبطها، وقلة حليتها، إذ تمكنت من توظيف إحساس الغدر إلى قوة مكنتها من الانتصار، لاسيما أن العشيقة اكتفت بالتمثيل الصامت طوال المسرحية، الأمر الذي عزز من قوة الزوجة.

تدور المسرحية في مكان واحد، وزمان واحد كذلك، لا يتغيران بتبدل المشاهد، إذ تدخل الزوجة لمقهى اعتادت ارتياده، لتجد إيميلي عشيقة زوجها على احدى الطاولات القريبة، تقرأ كتاباً، وتحتسي مشروباً، وبمجرد أن تتراءى ايميلي للزوجة تفقد السيطرة على أعصابها ومشاعرها، التي كشفت في أحيان كثيرة عن عدم ثقتها بنفسها، وأحيان أخرى عن غيرتها الشديدة منها، لدرجة يمكن من خلالها ان تتحول إلى قاتلة، أو حتى مفترسة.

تتصاعد الحوارات التي تعمدت فيها الزوجة جرح مشاعر العشيقة، والتقليل من شأنها، كونها تعيش في الظلام، على أمل قائم على الانتظار، كما لامتها كثيراً كونها لم تتزوج.

ومن أغرب المشاعر التي نقلتها الزوجة للعشيقة في المسرحية، مشاعر الشكر والامتنان، كون الأخيرة علّمتها كيف تلبس وتبدو بكامل جمالها وأنوثتها، إذ ان الزوجة كانت تقلد العشيقة في تفاصيل حياتها الصغيرة، على أمل استعادة زوجها، كما أنه لولا وجود العشيقة لما تعلم الزوج كيف يحب.

معقدة

اعتبر مشاركون في الندوة التطبيقية لمسرحية «الأقوى» أن العمل من أعقد الأعمال المسرحية، لأنه يبنى على المستوى النفسي، فالمسرحية غاية في التعقيد وتحتاج إلى زمن طويل لتجسيدها، مشيرين إلى أن المخرجة سميرة النهال تمكنت من تكثيف النص واختزاله في دقائق، كما يحسب للمخرجة قدرتها على الخروج من أسوار المسرح المدرسي الذي ابدعت فيه كمؤلفة ومخرجة فازت بجوائز عدة على مستوى الدولة.

وأشاد المشاركون في الندوة بالممثلة سلوى الأميري التي جسدت دور الزوجة، وأظهرت طاقات يمكن من خلالها أن تنافس في الساحة الفنية، لاسيما أن الأميري قدمت عرضاً بلغة عربية سليمة، رغم أنه الأول لها باللغة العربية، وتوقع كثيرون أن تكون الأميري ممثلة واعدة.

أما على مستوى شخصية العشيقة (حنان البلوشي)، فقد كان التعبير الصامت غاية في الذكاء، لاسيما أن هذا النوع من التمثيل من الصعب تجسيده من قبل هواة، إلا أن البلوشي أتقنته، كما ذكر مشاركون في الندوة.

ومن الملاحظات التي قدمت للمخرجة التي استوعبت النص جيداً، أن التكثيف في العمل لم يمنحها فرصة اللعب على الإضاءات، أو حتى إظهار الكثير من التحولات في شخصية الزوجة التي تتنقل بين القوة ومرحلة الكذب على النفس وادعاء القوة.

دمية تريد حلاً

جاءت «أريد حلا» المقتبسة من مسرحية بيت الدمية للكاتب هنريك ابسن، من إخراج يوسف الكعبي، لتعرض مشهداً في 15 دقيقة يصور زيف الحياة الاجتماعية التي تعيشها الأسر. المسرحية تضم عددا كبيرا من المعاني الإنسانية التي يراد بها الوصول إلى المبتغى، وتحقيق الذات بطرق ووسائل قد تجرح من نحبهم، إذ تطرح المسرحية قضية الزواج الثاني للرجل من دون إعلام زوجته الأولى، خصوصاً إذا كان الزواج الثاني قائماً على مصلحة مالية، بينما تعيش الزوجة الأولى كذبة الحب، فتقرر إنهاء هذه المهزلة بإغلاق الباب، والخروج من تلك الحياة.

لم يخل النص من قضية عقوق الوالدين، وظهر ذلك في علاقة الأم لوجين وابنتها، التي لا تعيرها انتباها، ولا تنفك عن تجاهلها، رغم حرص الأم على احتواء ابنتها والسيطرة عليها من خلال قائمة صارمة من القوانين التي تفرضها على المنزل، وجسّد الكعبي شخصية الأم التي تظهر بكامل هيبتها وقوتها وسيطرتها على أمور بيتها بدءاً من زوجها وابنتها وحتى خادمتها.

إلا أن الواقع شيء آخر، فالأم لوجين، مغلوبة على أمرها، وسيطرتها ما هي إلا قشرة رقيقة تحاول اخفاء حالات الاستهتار بها من قبل زوجها الذي اقترن بأخرى بسبب المال، وابنتها التي ضربت بقوانينها عرض الحائط، أما خادمتها فصارت تتعمد فعل عكس ما تطلبه سيدتها، لتصبح الأخيرة مجرد دمية في بيتها.

تويتر