الكاتب الأردني زياد محافظة اعتبرها عصا سحرية لإعادة الناس إلى القراءة .. وقال:

القصة القصـيرة باتت «زوجة مهجورة»

زياد محافظة تطرق في الأمسية إلى مجموعته القصصية الأولى. تصوير: إريك أرازاس

لكاتب الأردني، زياد محافظة، المبدعين الى العودة لـ«القصة القصيرة، ليأخذوا بيدها فتعودَ سيدةً وقورةً لها حضورها الباذخ»، معرباً عن أسفه لما بات يعانيه فن القصة القصيرة من خذلان من قبل المبدع والمتلقي على حد سواء «فلم يعطها أقرب الناس إليها حقها، ما جعلها اليوم كالزوجة المهجورة أو المخدوعة في أحسن الأحوال، لذا فهي أكثرُ ما تحتاج إليه الآن، شيء من الوفاء.

واعتبر محافظة ان «القصةَ القصيرة يمكنُ أن تكون عصا سحرية، لإعادة الناس إلى القراءة»، رافضاً اعتقاد البعض بأنها أيسر فنون السرد وأقصرها «في حين انها، لمن يعي قدرَها، مرهقة ومتطلبة، مزاجها لا يضبط على إيقاع، فالقصص القصيرة غير مأمونة الجانب، فهي برشاقتها وتشويقها، زئبقيةُ الطبع والملامح، تنسلُ من بين يدي الكاتب في أي لحظة توهّم أنه قد قبض عليها».

وتتطرق محافظة خلال الأمسية التي نظمها اتحاد كتاب وأدباء الإمارات ـ فرع ابوظبي، مساء أول من أمس، وقدمها الإعلامي جهاد هديب، إلى الحديث عن أولى مجموعاته القصصية «أبي لا يجيد حراسة القصور»، وقال «تكمن عذوبة القصة القصيرة في أنها تغنيك عن الثرثرة، وتصل بك للهدف من أيسر الطرق وأقصرِها، فهي حوار رشيق مع تفاصيل الحياة، ومن خاض تجربةَ الكتابة فيها يدرك هذا جيداً، فالمجموعة تتشكل من 12 قصة قصيرة، لكل واحدة مناخُها الخاص، وهويتها المستقلة، وإن كانت كل قصة تحتفي بأبطالها وأحداثها وخيباتها على طريقتها الخاصة، فإنها مع الأخريات، تشكلُ انعطافاً نحو عالم داخلي، فهي تؤشر بعبثيةٍ إلى زلاّت الحياة قبل أي شيء آخر، وبقدر ما تنبش في واقع نتفادى التحرش به، بقدر ما تشف لتكشف ضعف الإنسان حين تتطلب الحياة قوة وصلابة، وجبروته حين تقضي الحاجة رفقاً وليناً».

وأوضح الكاتب الأردني ان هاجس البطولة في مجموعته القصصية لم يكن يعنيه «إذ وضع يده عليه بسهولة، فالبطل هذه المرة لم يكن به شيء من السمات الخارقة، بل كانت ملامحه أقرب ما تكون لكل شخص بسيط، واحد من أولئك الذين يمرون قربنا من دون أن نلتفتَ إليهم، شخص من أصحاب الصوت الخافت، لكنه الأكثر صدقاً وعفوية، وأن تكتب عن البسطاء، فهذا يعني أنك لا تشيح بوجهك عن أحد». ولفت إلى ان قصة «أبي لا يجيد حراسة القصور»، التي حملت المجموعة عنوانها «أقرب ما تكون إلى مأساة جيل بأكمله، ناوشته الهزيمة في الصميم، وعصفت به من حيث لا يدري جملةٌمن التحولات السياسية والاجتماعية والإنسانية التي شوهت حاضره ومستقبله، ولذا القصة أقرب إلى اغتيال الحلم والأرض، وضياع الهوية، وفقدان ملامح المدينة وناسها».

وأشار محافظة إلى رضاه عن مساحة الحرية التي تحركت بها الشخصيات في القصة، وعن قدرة كل شخصية على التعبير عن همومها وهواجسها وتطلعاتها بالشكل الذي راقها، مبيناً ان المجموعة القصصية كتبت بطريقة لا ترتهن لهوية سردية محددة، بل أقرب ما تكون لشبكة يستعصي فيها التمركز. فبها نوع من التجريب، والانفتاح على متون حكائية وبنى سردية متنوعة، كما بها شيء من الرمز والغرائبية، وكل هذا جاء لأن لكل قصة معمارها الفني الخاص، والاشتغال عليها بصورة مستقلة، كان بهدف منح المجموعة شيئاً من الحرية، ذلك أن المعيار الذي يميزُ القصة عما دون القصة، هو خطابها الأدبي والفني، الذي يحيل الأحداث الكلاسيكية والعادية فيها، إلى صورة قابلة للتأمل، وخاضعة لشيء من التحليل النقدي والرؤية الجمالية، لافتاً إلى ما تحمله القصص من نَفَس سياسي يقتفي عن عمد أثرَ التغيرات التي تطرأ على حياتنا الغارقة في فوضى سياسية، يدفع البسطاءُ دوماً ثمن زلاتها.

تويتر