العــــيد للكــبار أيضــــاً
يسود عند الكثيرين اعتقاد أن العيد هو فرحة الأطفال فقط، فينسون أن كبار السن يشبهون الصغار في حاجتهم إلى الرعاية الخاصة التي تبعد عن المسن الشعور بأنه أصبح حملاً ثقيلاً على عائلته وأفراد الأسرة المحيطة. وعلى الرغم من صراع الكثير من المسنين مع أمراض التقدم في العمر الكثيرة، إلا أن العيد يدخل على قلوبهم البهجة من خلال تجمع العائلات والأصدقاء حولهم، فيما يبقى للمسن الذي يعيش في دار المسنين حكاية خاصة مع هذا اليوم، حيث يصنع القائمون على الدار فرحته الخاصة من خلال توفير الأجواء الخاصة بالعيد بدءاً من ملابس العيد الجديدة ووصولاً الى الحلويات.
شاركنا الحدث: هل قمت بزيارة أحد أقاربك أو معارفك أو جيرانك من كبار السن؟ وهل قدمت تهنئة العيد لرجل كبير بالسن أو امرأة عجوز في الطريق؟ |
عناية
قالت مديرة مركز دار رعاية المسنين في عجمان، ليلى الزرعوني، ان «إدخال فرحة العيد على قلوب المسنين تبدأ معنا من الاعتناء بتفصيل ملابسهم الجديدة نساء ورجالاً، ثم نقوم في صباح العيد بتحضير الصالة في المركز لهم، فنحضر لهم الأكلات الشعبية الإماراتية والحلويات التراثية التي تقدم في هذا اليوم، ونفتح لهم المجال ليستقبلوا الأصدقاء والأقارب في الدار». ولفتت الزرعوني الى انه من غير المسموح ايواء المسن في دار في حال كان لديه اولاد، ولهذا لدينا في الدار قسمان للاعتناء بالمسنين، القسم الخاص بالرعاية المنزلي، الذي يقوم على توفير موظف من الدار ليعتني بالمسن وهو في منزله، والقسم الآخر هو قسم الإيواء. وشددت على ان الاعتناء بالمسنين في اليوم الأول من العيد يكون مع الذين يقيمون في الدار، فيما نحرص في الأيام التالية من العيد على جمع المسنين من قسم الإيواء مع المسنين الذين يتلقون الرعاية المنزلية في الدار ضمن برنامج ترفيهي خاص بالعيد يشمل العديد من الأنشطة والزيارات خارج الدار. وأكدت على أن المسنين في قسم الإيواء يستقبلون زواراً من الأقارب في هذا اليوم يسألون عنهم، ونلاحظ مدى سعادتهم وفرحهم البالغ بكل ما نحضره لهم.
أنشطة
تؤثر النشاطات الترفيهية إيجاباً في نفس المسن، هذا ما رأته الزرعوني التي أكدت أنه من خلال عملهم يلاحظون التأثيرات الايجابية بالجملة في المسن، ولهذا لا تقتصر نشاطاتهم على المناسبات بل يحرصون على ان تكون موجودة طوال السنة، وغالباً ما تكون شبه أسبوعية. أما في ما يتعلق بعدد الحالات الموجودة في المركز، فأشارت الى وجود 150 حالة في قسم الرعاية المنزلية، وست حالات في الإيواء. ولفتت الى انها تفتخر بعدم وجود حالات أكثر في قسم الايواء، لأن هذا وإن دل على شيء فهو يدل على صحة المجتمع وسلامته والتزام الناس بالعادات ووجوب احترام كبير السن. واعتبرت ان الرعاية المنزلية التي تطلب من قبل الأهالي في قسم الرعاية الاجتماعية، تدل على صحة المجتمع وعلى ان الناس لا يريدون التخلي عن المسن لا بل يوفرون له كل ما يحتاج اليه.
تتنوع الانشطة الترفيهية التي تقدم في الدار بين الحفلات والزيارات الاجتماعية، وكذلك الزيارات من قبل المؤسسات المحلية في المجتمع، إلى جانب الأمسيات الشعرية التي تقام صباحاً، والجلسات والمحاضرات الدينية بالتعاون مع هيئة الأوقاف، وشددت الزرعوني الحرص على سلامة نفس المسن، ولهذا يضعون له كل الأنشطة التي تسهم في تعزيز هذا التوازن النفسي. وأضافت «أطلقنا أخيراً خدمة اسمها (المضيف)، وهي عبارة عن مجلس نستقبل فيه كبار السن، ويجلسون جميعهم سوياً ويفتح صباحاً ومساء، وان هذه الخطوة أتت نتيجة ملاحظتنا أن كبار السن يغيبون عن المجالس الإماراتية المعروفة في الإمارات، ولهذا أوجدنا لهم هذه المجالس ولاقت اقبالاً كبيراً من قبل كبار السن الذين يتجمعون في المجالس». وأشارت الى أن كبار السن غالباً ما يملون في المنزل ويحتاجون الى من يكون بالقرب منهم، وهناك فئة منهم يراودها الشعور بأنهم أصبحوا حملاً على عائلاتهم، ولهذا نحاول التخفيف من هذا الشعور من خلال مساندة العائلة، فنعلمهم طريقة غسل المسن وإطعامه، وذلك لتسهيل حياته وحياة من يعيشون معه، مشددة على وجود «خدمة مركز» التي تؤمن لذوي الدخل المحدود السرير الطبي للمسن، والسماعات والعكازات وكل ما يعينه على العيش في حياة كريمة وسط أسرته.
تقبل
يعد العيد يوماً عائلياً عند الكبار، وقد لا يشعر المسن بأهمية هذا اليوم في حال لم يوفر المحيطون له هذه الأجواء، وأشارت الأخصائية النفسية في مركز دار رعاية المسنين في عجمان، ميسون الظاهري، الى ان المسن لا يتقبل وجوده حين يدخل المركز في البداية، فينتابه الشعور بأنه منبوذ من الأسرة، وأغلب الموجودين يكونون بحاجة ماسة الى أسرهم، لكننا نحرص على ان نقدم لهم ما يحتاجون اليه من دعم معنوي كي يتقبلون الدار ويصبح لديهم ولاء للعيش في المكان. وشددت على أن النشاطات التي تقيمها الدار في يوم العيد تسهم في تعزيز قبول المسن لواقعه وتعايشه بشكل ايجابي مع محيطه، كما تسهم في ادخال الفرحة الى قلوب المسنين، فاللبس الجديد لا يؤثر في الصغار فقط، فله تأثيره في الكبار ايضا. واعتبرت الظاهري ان العلاقات الاجتماعية هي الأساس، ولهذا لا بد من ان يتمتع المسن بصديق وان اختلفت المراحل العمرية، لأن الاحتواء بالنسبة للمسن امر ضروري. ونصحت الظاهري العائلات باحتواء المسنين وتقبلهم وعدم التخلي عنهم، لأن المسن لا يصل الى مرحلة يفقد فيها شعور واستيعاب المحيط، فالبعض يعتقد انه يصاب بالخرف، ولكن فعلياً عزل المسن وعدم دمجه في المجتمع هو الذي يؤثر في قدراته العقلية.