أعمال المعرض توثق الحياة اليومية في مواجهة جدار الفصل العنصري. أرشيفية

«فن وحياة».. خطوة نحو بينالي فلسطين

أعاد معرضٌ فنيٌ الحياة الى قرية قلنديا شمال مدينة القدس التي لم تعد تستيقظ على صوت هبوط وإقلاع الطائرات من المطار المجاور لها، الذي تم إغلاقه بعد حرب عام .1967 وقال القائمون على معرض «قلنديا الدولي للفنون البصرية» إنهم يسعون الى التذكير بما كانت عليه قلنديا يوماً ما حين كانت معبراً الى العالم عبر مطارها، بعد ان اصحبت رمزا للمعاناة بسبب حاجز عسكري يفصلها عن محيطها. وافتتح المعرض الذي يتوقع أن يكون نواة لإقامة بينالي فلسطين، وتنظمه سبع مؤسسات فلسطينية تعمل في مجال الفن والثقافة، أول من أمس، في بيت مهجور يشبه القلعة يعود الى العصر العثماني على بعد مئات الأمتار من مطار «القدس الدولي» المغلق حالياً.

وقال مدير الأكاديمية الدولية للفنون المعاصرة وأحد القائمين على المعرض، خالد الحوراني «ليس مصادفة أنه تم اختيار معرض بهذا الحجم حيث يشارك معنا فيه 50 فنانا من فلسطين وانحاء العالم بأعمال فنية متميزة ليكون افتتاحه هنا في هذا المكان (قلنديا)». وأضاف «قلنديا كانت ممراً للحرية من خلال المطار الذي بقي يعمل حتى عام 1967 وأصحبت اليوم ممراً لمعاناة الفلسطينيين عبر حاجزها الذي يفصلها عن مدينة القدس التي كانت يوما جزءا منها».

وتابع قائلاً «تجسد قلنديا رحلة في التاريخ الفلسطيني، فأنت تقف على بعد مئات الأمتار من المطار وأمامك جدار الفصل العنصري، وعلى الجهة الأخرى من القرية مخيم لكل من فيه حكاية عن اللجوء، إضافة الى آثار تدل على حضارة شعب عاش في هذا المكان».

وافتتح المعرض الذي يستمر حتى 15 من الشهر الجاري، وتتعدد فعالياته وأماكن عروضه لتشمل مناطق مختلفة من الضفة الغربية، بعرض لفيلم وثائقي بعنوان «خمس دقائق عن بيتي» للمخرجة ناهد عواد، ويروي قصة مطار القدس الدولي. واشتمل اليوم الاول للمعرض كذلك عرض عمل الفنان خالد جرار «اسمنت 2012» الذي يظهر فيه بتسجيل فيديو يستمر دقيقتين يقتطع فيه جرار أجزاء من الجدار العازل الذي أقامته اسرائيل على أراض يريدها الفلسطينيون لإقامة دولتهم عليها، ويعيد استخدامها ليصنع منها أشياء مختلفة يمكن بيعها.

وقال جرار «ما اريد ان أثبته في هذا العمل الفني اننا يمكننا ان نستفيد من هذا الجدار اقتصاديا من خلال هدم اجزاء منه وصولاً الى هدمه وإعادة استخدام الاسمنت في صنع أشياء مختلفة».

وأضاف «لقد نجحت في فكرتي في معرض فني أقيم في فرنسا، حيث عملت على صنع كرة صغيرة تم بيعها كتحفة وهذا يؤكد أننا يمكننا الاستفادة من هذا الجدار». ويرفض جرار ما يقوم به بعض الفنانين من عمل رسومات على الجدار، الأمر الذي يجعله مزاراً، وقال «المطلوب ألا نحول الجدار الى منظر جميل يجعل منه امرا مقبولاً».

وأوضح جرار ان فكرة عمل اشياء من الجدار يمكن بيعها أتت من معرفته ان جدار برلين الذي تم هدمه يجرى بيع قطع صغيرة منه كهدايا تذكارية للسياح.

وعمل رئيس المجلس المحلي لقلنديا يوسف عوض الله خلال حفل الافتتاح الذي حضره عدد من الفنانين والمهتمين بالفن على التعريف بقريته وما كانت عليه لقربها من القدس ومجاورتها لمطارها الدولي، وما أصحبت عليه بعد ان قسمها الجدار واقتطع جزءاً كبيراً من اراضيها. وأعرب عوض الله عن سعادته وسكان قريته لافتتاح هذا المهرجان الذي سيسلط الضوء على واقع ومعاناة أهل القرية.

ورحبت وزيرة الثقافة سهام البرغوثي خلال مشاركتها بحفل افتتاح المعرض «بالمبادرة المميزة التي قامت بها هذه المؤسسات في إقامة هذا المعرض الكبير الأول من نوعه في فلسطين الذي يجسد العمل المشترك من اجل إعلاء صوت الفن، وما يعكسه من إبداع وتعبير عن الذات وانفتاح على الفن العالمي».

ويأمل القائمون على المعرض ان تكون هذه خطوة أولى نحو إقامة «بينالي فلسطين» على غرار ما يقام في عدد من دول العالم.

وقال مدير المعرض جاك برسكيان الذي أقيم تحت شعار «فلسطين فن وحياة»: «اقامة معرض بهذا الحجم وفي هذه الظروف السياسية والاقتصادية الصعبة كان مخاطرة كبيرة ولكنها تستحق المجازفة». وأضاف خلال مؤتمر صحافي سبق افتتاح المعرض، أن «المعرض هو الطريق الوحيد الذي سيمكننا من إيجاد مكانة لبينالي فلسطين بين بيناليات الفنون العالمية»، ومثل افتتاح المعرض فرصة لزائريه للاستماع الى مجموعة من أغاني التراث قدمتها فرقة «دار قنديل»، ومشاهدة عرض دبكة من الفلكلور الفلسطيني قدمتها فرقة «اشبال قلنديا». وقال المحامي والكاتب رجا شحادة، إن «ما يميز هذا المهرجان انه يعكس ماضي هذا المكان ويعيده الى ما كان عليه من حركة وحياة بعد ان أصبح يقتله الحاجز والجدار». ويتضمن المعرض الذي تتنوع فعالياته بين الموسيقى والرسم والنحت والفيديو مجموعة من المسابقات لاختيار أعمال فنية فائزة.

الأكثر مشاركة