حمّل «فضائيات» جزءاً كبيراً من المسؤولية
صادق جعفر: نعيش أزمة في الذوق الفني
قال الفنان العراقي صادق جعفر إن العالم العربي يعيش أزمة في الذوق الفني؛ بعد ان اصبح كل من يملك المال يقوم بإنتاج ألبوم غنائي، من دون ضوابط أو معايير، ما جعل الأغاني التجارية هي المسيطرة على الساحة، وهناك ألبومات كاملة تصدر وتطرح في الأسواق، رغم انها دون المستوى.
سيرة موسيقية |
وحمّل جعفر في حواره مع «الإمارات اليوم»، الإعلام العربي جزءاً كبيراً من مسؤولية تراجع الذوق العام، بعد ان تخلت وسائل اعلام، خصوصاً القنوات الفضائية عن دورها في الارتقاء بالذوق العام، واصبحت تتنافس في عرض كل ما يرد إليها من أغنيات وتكرار عرضها بصورة مكثفة؛ ما يجعلها تلتصق بذهن المشاهد، ويبدأ في ترديدها، خصوصاً الأطفال والشباب.
تجاهل الموسيقى
أضاف الفنان العراقي الملقب ب«سفير العود» أن تراجع الإعلام الحكومي، وسيطرة القنوات الخاصة كان لهما دور كبير في انتشار الأغنيات الهابطة، وتراجع المساحة المخصصة للفن الرفيع، في ظل غياب جهات ولجان لانتقاء الأصوات الجيدة والمواهب الأصيلة، او نقابات للموسيقيين تضع معايير لمن يوجد على الساحة الغنائية.
وانتقد غياب الاهتمام بالموسيقى والبرامج المتخصصة فيها، معتبراً ان «القنوات العربية تفتقد هذه البرامج، ولا تهتم بتقديمها للمشاهد، في الوقت الذي كانت توجد بقوة في القنوات التلفزيونية في الفترة من 1980 وحتى 1985 تقريباً، بعضها يسعى لنشر الموسيقى والارتقاء بالذوق الفني، والبعض الآخر يهتم بتعليم العزف على الآلات الموسيقية المختلفة، بينما اقتصر وجود هذه البرامج حالياً على واحد او اثنين، ويغلب عليها الطابع الغنائي، مثل برنامج (غواص في بحر النغم) الذي يعده ويقدمه الموسيقار المصري عمار الشريعي، والذي يعد من كبار الملحنين على الساحة».
مغامرة
اعترف جعفر بأن تقديم ألبوم موسيقي، كما في ألبومه «ليالي العود العربية»، يعد مغامرة فنية، نظراً لأن سوق الموسيقى ضعيفة في الدول العربية، موضحا ان اقدامه على هذه المغامرة يرجع إلى ان الأرباح المادية ليست هدفه الأول من الفن، فهو يسعى لتقديم عمل موسيقي يعبر عنه، ويحسب له في مشواره الفني، ولا ينسى مع مرور الزمن.
وأوضح «لقد أردت تقديم عمل مختلف عن الأعمال المطروحة على الساحة، ولهذا لم يقتصر الألبوم على مقطوعات عزف منفرد على العود فقط، ولكن استعنت بأوركسترا كاملة وسيلة للتجديد، وتقديم أعمال غير مكررة، وتختلف عما يقدمه الآخرون، حتى القوالب الموسيقية التي اخترتها جاءت متنوعة حتى تناسب مختلف الأذواق، وان يصل الألبوم إلى كل الطبقات والشرائح العمرية والثقافية بين محبي ومتذوقي الموسيقى».
وعبر جعفر عن سعادته بدخول ألبومه «ليالي العود العربية»، قائمة أفضل 10 ألبومات في بورصة مبيعات «فيرجين ميغاستورز»، بعد اصداره بأسبوع واحد فقط. مشيراً إلى انه لم يتوقع مثل هذا النجاح، وان ينافس بألبومه نجوم الغناء على الساحة، ضمن القائمة ل10 أسابيع كاملة «ما يشير إلى ان هناك جمهوراً قادراً على تذوق الموسيقى في العالم العربي، ويبحث عن العمل الجيد ويتابعه، وليس كما يحاول البعض اظهاره من ان الأعمال التجارية والهابطة هي ما يريده الجمهور ويبحث عنه».
وأشار الفنان العراقي الذي تخرج في كلية الفنون الجميلة في بغداد عام 1996، إلى ان هناك غياباً للدراسات المرتبطة باتجاهات الجمهور العربي، وما يفضله من فنون وأعمال، وبالتالي من الصعب الجزم بما يريده الجمهور وما يرفضه»، معتبراً ان النجاح الذي حققه في ألبومه الأول منحه دفعة قوية للاستمرار، ومواصلة الطريق الذي بدأ فيه، معولاً على الجمهور العربي الذي مازال يحتفي بالفن الأصيل إذا ما عرض عليه.
نضج فني
أرجع جعفر تأخره في طرح ألبومه الأول؛ والذي جاء بعد 20 عاماً من دراسة العود، إلى رغبته في تقديم عمل ناضج، يعبر عن شخصية فنية مستقلة تختلف عما هو موجود بالفعل على الساحة، بالإضافة إلى اعتماده على الإنتاج لنفسه، ما جعله يواجه صعوبات مادية كبيرة، خصوصاً ان الألبوم لم يعتمد على مقطوعات العزف على العود فقط، وتضمن مقطوعات تجمع بين العود واوركسترا تتضمن ما يقرب من 25 عازفا من مصر وتركيا، وغيرهما، ما يعني زيادة كبيرة في تكاليف الإنتاج، لافتا إلى ان تنفيذ الألبوم احتاج إلى ما يقرب من 10 شهور.
وعن خطواته المقبلة، ذكر انه يعمل حالياً على تأليف وتسجيل مقطوعات لألبومه الجديد، كما قام بتكوين فرقة موسيقية خاصة به. وقال إن الطابع العراقي الذي غلف مقطوعاته في الألبوم؛ خصوصاً تلك المهداة للعراق، مثل (بغداد) و(سوق الشورجة)، تكتسب خصوصيتها، في ظل تعدد ما قدم لبغداد والعراق من معزوفات، من احاسيسه هو حيث اعتمد في هذه المقطوعات على التعبير عن نفسه ومشاعره الخاصة وتقديمها في مزيج يجمع بين الإيقاعات العراقية التراثية، وجمل موسيقية جديدة قدر الإمكان.
وتابع «رغم الظروف التي يمر بها العراق، ومعاناته التي طالت كثيراً، إلا انه مازال هناك اقبال على تعلم الموسيقى، خصوصاً عزف العود، وهناك عازفون متميزون، وكذلك جمهور ذواق بدليل ان الحفلات الموسيقية التي تقام غالبا ما تكون كاملة العدد، في حين يواصل الاساتذة الكبار دورهم في تخريج أجيال جديدة من الموسيقيين بما يزرع الأمل في المستقبل».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news