الفنانون الإماراتيون: الإعلانات ترف لا نتمتع به

دعايات النجوم.. فاتـورة يدفعها الجمهور

الشركات تتنافس لاجتذاب النجوم. أرشيفية

ربما لم تشهد دبي خلال الفترة الماضية مؤتمرات صحافية يعلن خلالها الفنانون عن جديدهم الفني بقدر ما تشهد احتفالات بالإعلان عن هوية فنانين يصبحون بموجب عقود دعاية سفراء لعلامة تجارية بعينها، أو في عقود أقل مردوداً مروجين لها في مناسبات بعينها، حيث حلت الفنانة اللبنانية إليسا أخيراً «ضيفة شرف» لحفل ترويجي لعلامة تجارية متخصصة في إنتاج المصنوعات الجلدية في فندق «زعبيل سراي»، وبعد أن وقعت الفنانة اللبنانية سيرين عبدالنور عقد دعاية تصبح بموجبه سفيرة لإحدى العلامات السعودية المتخصصة في الملابس النسائية «نعومي»، جاءت مواطنتها يارا لتوقع عقداً آخر مع ساعات «بياجيه»، لتحضر نانسي في عالم آخر بخلاف ارتباطها السابق مع مجوهرات داماس وشركة كوكاكولا للمياه الغازية، وكذلك سيارات نيسان، إلى مجال آخر هذه المرة هو «الحليب»، عبر تعيينها سفيرة لعلامة «أنلين» التجارية.

ورغم أن نجوماً مصريين، مثل عمرو دياب وتامر حسني، يعدون من الوجوه الفنية الأكثر حضوراً في هذا المجال، إلا أن الفنانات اللبنانيات هنّ الأكثر ظهوراً في هذا المجال، بمن فيهن الفنانة إليسا التي ترتبط أيضاً بعقد مع مجوهرات «لازوردي»، والفنانة نوال الزغبي التي لا يمر عام إلا وتكاد تعلن عن تعيينها سفيرة لإحدى الماركات التجارية، سواء كانت تلك العلامة ماركة نظارات عالمية، أو مستحضراً للعناية بالشعر، لكن جميع تلك العقود في النهاية تربطها حقيقة أن الكلفة الحقيقية يتحملها المستهلك، الذي يقبل على شراء المنتج بدوافع نفسية تجعله يربطه بفنانه المفضل الذي يظهر بصحبته، حسب آراء متخصصين في سيكولوجية الإعلان.

مردود مادي

وأضافت العبيدي «أبسط قواعد سيكولوجية الإعلان لا يتم الالتفات إليها هنا، باستثناء الرابط الشرطي الذي يطرأ في أذهان المشاهدين، على نحو تتحول معه محبتهم للشخصية المشهورة إلى ضريبة يقومون هم بسدادها، من خلال شرائهم منتجاً قد لا يتوافق بالضرورة مع تطلعاتهم».

في المقابل، يحرص معظم الفنانين المشاركين في حملات دعائية وفق عقود ذات مردود مادي جيد، على التأكيد دائماً أن شراكتهم محركها الأساس اقتناعهم بالمنتج، من دون أن يفسروا بالضرورة تحول تلك القناعة من منتج إلى آخر منافس بمجرد انتهاء مدة العقد الترويجي.

 

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2012/11/02-555.jpg


وفي حين يمثل المقابل المادي هدفاً في حد ذاته بطبيعة الحال بالنسبة للفنان، نظراً لأن معظم الفنانين المختارين تعدوا مرحلة السعي لمزيد من الانتشار، إلا أن العادة جرت لتظل القيمة المادية بعيدة عن الكشف بشفافية، لكن الأكثر سلبية يتعلق بعدم اعتراف معظم الفنانين أنفسهم بالدوافع الحقيقية لتوقيع العقد، مكتفين بتصريح يصب دائماً في إطار تمجيد الشركة صاحبة العلامة التجارية.

من هنا فإن قناعة الفنانة نوال الزغبي بماركة نظارتها تتحول بتحول توقيعها مع شركة منافسة، فيما تظل الفنانة نانسي عجرم مدفوعة بمحاربة مرض هشاشة العظام طالما كانت تحتفظ بعقدها مع شركة «انلين» للحليب، متناسية أن المياه الغازية في مجملها، التي كانت سفيرة لإحدى شركاتها، قد تتسبب، وفق نصائح طبية، في المرض نفسه.

النجمات يرفضن التطرق إلى الفن في معرض مناسبات صحافية تنظمها الشركات صاحبة العلامة التجارية، ويواصلن الحديث عن مثالية المنتج، بل ويصررن على الاعتذار عن الإجابة عن أي سؤال يرد إليهن بهذا الخصوص.

ورغم أن المطربات والمطربين هم الأكثر حظاً بعقود الدعاية، فإن للممثلين أيضاً نصيباً ملحوظاً فيها، بل إن هناك إرثاً لايزال في ذاكرة أجيال من المشاهدين مرتبطاً بممثلين بأعينهم، منهم الممثل المصري الراحل حسن عابدين، الذي عرفه المشاهد بإعلانه الترويجي لشركة «شويبس» للمياه الغازية، لدرجة أن المراقبين ربطوا زيادة مبيعات الشركة وتحقيقها أرباحاً استثنائية في وقتها بخفة ظل الممثل وشعبيته.

وفي حين كان هذا الإعلان بمثابة بداية مبكرة لجدوى استثمار شهرة الفنانين لأغراض تجارية، إلا أنه حمل تشويقاً وجودة في تنفيذ الفكرة، افتقر إليها الكثير من الإعلانات المتتالية، في المقابل شقت ممثلات متعددات طريقهن إلى التمثيل من بوابة الإعلانات التي أتاحت لهن الظهور لأول مرة كفتيات إعلانات، مثل الممثلة المصرية جيهان نصر، التي عُرفت بأدوارها الدعائية لإحدى شركات السيراميك، قبل أن تسند إليها بطولات العديد من المسلسلات المصرية، من أبرزها مسلسل «من الذي لا يحب فاطمة» التي كتب قصته الكاتب الراحل أنيس منصور.

التنافس المحموم بين شركات الاتصالات المختلفة في معظم الدول العربية جعلها واحدة من أكثر الشركات جذباً للمشاهير، خصوصاً الفنانين، بل إن حملة إعلانية واحدة لشركة مصرية ضمت نخبة من مشاهير الفن والرياضة والإعلام، منهم سمير غانم وكريمة مختار وسوسن بدر وفاروق الفيشاوي والإعلامي معتز الدمرداش ولاعب النادي الأهلي المصري محمد بركات وغيرهم، في حين حل الفنان الإماراتي حسين الجسمي سفيراً لشركة «دو» الإماراتية، في حين أطلت الممثلة المصرية دينا سمير غانم على مدار شهر رمضان بحملة إعلانية مكثفة لشركة مياه غازية.

وجود الفنان الإماراتي في هذا المجال ظل متواضعاً جداً إذا ما قورن بنظرائه من الفنانين، رغم أن القنوات المحلية عرفت استثمار شهرة الفنانين لأغراض دعائية، ومنهم الفنان الراحل سلطان العبدولي، الذي عرف في دور «شحمان» ورفيقه الفنان حمد عبدالرازق الذي شكل ثنائياً كوميدياً معه في دور «نحفان»، والفنان علي خميس وغيرهم، لكن الظهور الأبرز للفنان الإماراتي ظل منوطاً بدعايات لمؤسسات رسمية وأخرى ذات نفع عام، مثل إعلانات مرتبطة بالتوعية ضد مخاطر ادمان المخدرات وحقوق ذوي الإعاقة، وغيرها من الدعايات التي شارك فيها فنانون، مثل أحمد الأنصاري ومحمد العامري وناجي خميس وغيرهم.

ضعف التسويق للفنان الإماراتي هو سبب زهده الأساسي في الإعلانات، حسب الفنان بلال عبدالله الذي يرى أن هناك آلية إعلامية ضخمة تقوم بالتسويق للفنانين العرب والكثير من الفنانين الخليجيين، في حين يبقى الفنان الإماراتي من دون حاضن أو داعم إعلامي له، على حد وصفه، فيما يرى الفنان أحمد الجسمي أن الفنان الإماراتي الذي يواجه أزمة وشحاً في العمل بالأساس، بسبب قلة العرض المحلي على القنوات المحلية، لا يملك ترف وجود عروض إعلانية مربحة تقدم له بالأساس.

الفنانة رويدا المحروقي من جانبها رأت أن اختيار شركة عالمية لفنان ما من أجل توقيع عقود دعاية بمثابة صك اعتراف بشعبية ذلك الفنان، ورغم أنها سبق وأن وقعت عقداً من هذا النوع مع شركة «بيبسي»، إلا أنها تشارك الفنان بلال عبدالله فكرة غياب الدعم الإعلامي للفنان الإماراتي، مضيفة أن «ضجة إعلامية كبيرة قامت في الصحافة اللبنانية عندما تم إسناد ذات العقد منقبل لفنانة لبنانية، في حين أن الخبر لم تتم الإشارة إليه في الصحف الإماراتية في حالتها هي».

تويتر