استبعدت العام الماضي ونالت الإعجاب في عرضها الجديد
«جزيرة المشاعر» تفتتح مهرجـــان مسرح الطفل في الشارقة
بمسرحية استبعدتها لجنة مشاهدة عروض مهرجان الإمارات لمسرح الطفل العام الماضي، انطلقت باكورة عروض المهرجان في دورته الثامنة بمسرحية «جزيرة المشاعر» عن مسرح زايد للطفولة، حيث نال العرض اعجاب كثير من المسرحيين والمتفرجين من الصغار والكبار، ما أسهم في رفع مستوى الأعمال المشاركة في هذه الدورة.
ويشارك في مهرجان الإمارات لمسرح الطفل في دورته الثامنة، الذي افتتح أولى عروضه سمو الشيخ سلطان بن محمد بن سلطان القاسمي ولي عهد ونائب حاكم الشارقة، أول من أمس، ست فرق مسرحية تتنافس على جوائز المهرجان البالغ مجموعها 14 جائزة، ويستمر المهرجان الذي تقدم عروضه في قصر الثقافة في الشارقة حتى 26 من الشهر الجاري وبتنظيم من جمعية المسرحيين في الدولة.
عمل مستبعد
تكريم مميز كَرَّم سمو الشيخ سلطان بن محمد بن سلطان القاسمي ولي عهد ونائب حاكم الشارقة، يرافقه رئيس دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة عبدالله العويس، ورئيس المهرجان اسماعيل عبدالله، الفنان المسرحي البحريني محمد ياسين الشهير باسم «بابا ياسين» لما قدمه من عطاء وإبداع لمسرح الطفل في البحرين وفي الخليج العربي، كما كرم سموه الفنان الإماراتي مرعي الحليان تقديراً للمنجز الذي قدمه للمسرح الإماراتي على وجه العموم ومسرح الطفل على وجه الخصوص. كما أعلن خلال افتتاح مهرجان الإمارات لمسرح الطفل في دورته الثامنة، عن أعضاء لجنة التحكيم التي تضم شخصيات مسرحية بارزة في الإمارات والوطن العربي من بينها أحمد الجسمي رئيسا للجنة وكل من الفنان البحريني محمد ياسين والإماراتية سميرة أحمد والممثلة السورية أمل عرفة والفنان الإماراتي محمد سعيد السلطي، كما تضم لجنة التحكيم حكاماً أطفالاً سيقدمون جائزة لأفضل عرض مسرحي مشارك هم الأطفال عائشة صالح داهي وعبدالله محمد صالح ومهرة عبدالله ابراهيم. |
وكانت مسرحية «جزيرة المشاعر» من تأليف فضل التميمي وإخراج مبارك ماشي، قد استبعدت العام الماضي من قبل لجنة المشاهدة واختيار العروض التي يفترض ان تشارك في المهرجان، وذلك لوجود مجموعة من النواقص الفنية التي حالت دون مشاركة العمل، في الوقت الذي لاقت استحسان وإعجاب الكثير من المسرحيين والمشاركين في الندوة التطبيقية التي تلت عرضها في هذه الدورة بما فيهم عضو لجنة مشاهدة واختيار الأعمال المشاركة الفنان محمد العامري، الذي أكد أن «العمل الذي استبعدناه العام الماضي، ظهر هذا العام بشكل مناسب ومتكامل إذ تم الاشتغال عليه من النواحي الإخراجية والفنية واستكمال النواقص التي كان لها تأثير كبير في عدم مشاركته العام الماضي، وأعتقد ان هذا العرض يعد بداية ممتازة لمهرجان الإمارات لمسرح الطفل، خصوصاً أن الكادر الفني استفاد من خطر الاستبعاد العام الماضي في تطوير العمل».
وتناقش المسرحية فكرة بسيطة تتمحور حول صراع الإنسان مع نفسه وتحديداً ضميره، وما يحمله من مشاعر تمركزت حول أحاسيس الغرور والغضب والحسد التي تواجه مشاعر الحب والحزن والملل، وهي في الواقع مشاعر موجوده في كل انسان إلا ان الاختلاف يكمن في زيادة نسبتها، فمن الصعب أن يجتمع الحب والغرور في قلب انسان سوي، تلك حزمة المشاعر المختلطة مزروعة في قلب فتاة صغيرة تدعى حنين «الممثلة هنا»، تحمل الأطفال في رحلة نحو جزيرة المشاعر المجهولة.
شخصيات متنوعة
يبدأ مشهد المسرحية الأول من اقتباس غير مكتمل لفيلم «بياض الثلج» وتحديداً عندما تتحدث الفتاة للمرآة طالبةً منها معرفة من هي أجمل وأذكى فتاة في العالم، إلا ان المرآة تقوم بدور مختلف عما كانت تقوم به في الفيلم، لتكشف للفتاة عن سلبياتها من الغرور والتكبر وكأن المرآة ضمير واعٍ ينور طريق الفتاة، إلا أن الأخيرة ترفض تلك الحقيقة وتواجهها بشدة، فما كان من المرآة إلا ان نقلت «حنين» في رحلة إلى جزيرة المشاعر علها تجد ذاتها وسط حزمة المشاعر.
بمجرد وصولها للجزيرة استقبلتها شخصيات متنوعة ترمز كل واحدة منها إلى صفات يمكن اعتبارها صفات مشينة، في محاولة للإيقاع بها ومنعها من التخلي عن تلك الصفات ومنها الغرور وهو صفة أساسية في شخصية «حنين» التي تكبرت على الجميع وباتت تعتقد أنها الأفضل والأجمل والأذكى في العالم، كذلك صفة الغضب الذي يهلك صاحبه ويجعله يتحدى الجميع وإن كان على غير حق، ولعلها لا تمتلك صفة الحسد إلا ان هذه الصفة تبقى لصيقه بالغرور والغضب، بل هي المحرك والمدبر لهما. ولخوفها الشديد من تلك الصفات التي وجدتها «حنين» صفات بشعة يصعب الاحتفاظ بها، قررت الفتاة السير والوصول إلى الضفة الأخرى من الجزيرة، لتفاجأ بنوع آخر من الشخصيات المناقضة تماماً لمن صادفتهم في البداية، من بينها مشاعر الحب التي غالباً ما تدعو للتضحية من أجل الآخر والتفكير بالمصلحة العامة وتجنب تغليب المصالح الشخصية على حساب الآخرين.
وخلال مقارنتها بين الشخصيات التي صادفتها، قررت «حنين» البقاء بجانب الحب وأصدقائه، بل طلبت منهم السماح لها بمساعدتهم على بناء سفينة كانوا قد بدأوا بصنعها ليتمكن الجميع من استخدامها بعد أن أعلن أن الجزيرة ستتعرض خلال الأيام المقبلة إلى اعصار قوي لن يبقي على أحد، وما ان سمع الفريق الآخر حتى جن جنون الغضب وثار الحسد فيما ازداد الغرور تكبراً حتى انه قرر مواجهة الاعصار الذي ضرب الجزيرة وكاد أن يفتك به لولا مساعدة الحب له وانقاذه لحياته، وهنا استيقظت «حنين» من حلمها الذي أخذها في رحلة شيقة إلى جزيرة المشاعر لتتمكن من تعزيز مشاعر الحب لديها والتخلي عن صفات الغرور والغضب والحسد.
عرض لافت
إلى ذلك، اعتبر مسرحيون ومشاركون في الندوة التطبيقية التي تلت عرض المسرحية، أن المؤلف فضل التميمي والمخرج مبارك ماشي، تمكنا مع فريق العمل من نسج عرض مسرحي في غاية الجمال، إذ تمكنوا من تقديم نص بسيط ومعالجته بطريقة بسيطة وإخراجه بصورة متمكنة ولافتة، بحسب مسرحيين طالبوا الإدارة المنظمة للمهرجان بوضع قيود على الحضور مع تحديد الفئة العمرية لكل عمل، لاسيما في وجود أطفال رضع وخدم مع الأطفال.
وعلى الرغم من أن مسرح الطفل يعد أحد أصعب وأعقد المسارح، إلا أن مسرحية «جزيرة المشاعر» تعد عملاً جمالياً مبنياً على حب وجهد ومثابرة واضحة، سواء من ناحية الاخراج أو الأداء أو حتى النص، فصراع الإنسان مع ضميره تمت معالجته بصورة بسيطة تتناسب مع الأطفال الذين هم الجمهور المفترض للعرض، الذي تفاعل بشكل كبير مع الموسيقى والأغنيات المصاحبة لمشاهد العمل كذلك مع الرسالة التربوية المرافقة لرؤية المسرحية.
إلا ان مجموعة من الملاحظات لفت إليها المشاركون في الندوة التطبيقية منها فقدان السيطرة على اللحن المصاحب للعمل، إذ ركزوا على أن الايقاع كان جميلاً في بداية المسرحية وفي المنتصف فقد المخرج السيطرة على الملحن لاسيما أن الايقاع المصاحب كان خليجياً صرفاً. كما أخذ على المخرج البساطة في الرقصات لدرجة ان وصفوها بالرقصات الفقيرة خصوصاً أن لديه مجموعة تمتاز بمرونتها الجسدية وطواعيتها بما فيهم الفتاة بطلة المسرحية، فيما يحسب لمصلحة المخرج إدارة الحركة والاهتمام بأداء الممثلين وفي الوقت نفسه بالسينوغرافيا وجماليات العمل التي كانت تسير بشكل متواز ومنسجم، كما أشيد بالنص من حيث مستواه الفكري المرتفع، الذي تخلى عن التقليدي أو السطحي مع الخلو من المطبات التربوية وغير الأخلاقية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news