نادية بوهناد: لست واحدة من بطلات «كارما» أو «راغبات». تصوير: إريك أرازاس

بوهناد: لا أصنّف نفسي روائية

كشفت الدكتورة نادية بوهناد، أن روايتها «كارما» رُفضت من قبل المجلس الوطني للإعلام، عندما عرضت عليه في بداية الأمر، من دون توضيح أسباب ذلك، ثم تمت الموافقة عليها بعد ذلك، بعد ان أكد لها مسؤولون «انه لا توجد رقابة على الإبداع في الإمارات».

وقالت بوهناد، إن مصطلح «كارما»، الذي ينتمي إلى الفلسفة الهندوسية والبوذية، يطلق على عواقب السلوك الذي يقوم به الإنسان، سواء كان خيراً أو شراً، بشرط أن يكون السلوك ناتجاً عن وعي وإدراك مسبق، وما يترتب على هذا السلوك من عواقب أخلاقية تنمو وتنضج وتسقط على صاحبها فيكون جزاؤه من جنس عمله، مشيرة إلى انها لا تصنف نفسها روائية، ولا تعتبر «كارما» رواية بالمعنى المتعارف عليه.

ولفتت خلال الأمسية التي نظمها اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات فرع أبوظبي، مساء اول من أمس، لمناقشة وتوقيع الرواية، إلى حرصها على تضمين ما تكتبه رسائل نفسية، إذ تجد في الأسلوب القصصي وسيلة أسرع لتوصيل الأفكار والرسائل إلى القارئ.

وحول علاقتها بشخصياتها، قالت «عندما صدر كتابي الأول (راغبات)، ذهب كثيرون إلى انني اتناول شخصيتي الحقيقية فيه، لكن الواقع ان الكاتب عندما يكتب لابد ان يستعير لمحات من حياته أو من شخصيات حقيقية يعيش بينها او مرت به خلال مراحل حياته المختلفة، ليقدم تركيبة جديدة مختلفة عن كل هؤلاء»، مشيرة إلى ان «كارما» الذي استغرق منها ما يقرب من سبعة أشهر يركز على قيمة «حب الذات»، التي ستتناولها بشكل أكثر تفصيلاً في كتاب تعمل على إنجازه حالياً، موضحة ان العالم العربي يفهم «حب الذات» بمعناه السلبي، كمرادف للغرور أو الانانية، ويتجاهل القيمة الإيجابية له، فالإنسان اذا لم يحب نفسه فلن يستطيع ان يحب الآخرين او ان يمنح نفسه او غيره السعادة.

قراءة

من جانبه قدم الناقد الدكتور معن الطائي، قراءة نقدية في الرواية خلال الأمسية التي قدمتها هيفاء الأمين، وأوضح الطائي ان «القارئ يجد نفسه في رواية (كارما)، في مواجهة شبكة من العلاقات الإنسانية المعقدة والمتشابكة تقوم في معظمها على ثنائية الخيانة والانتقام، تسقط تلك الشخصيات في دائرة مغلقة من الفعل ورد الفعل، ما يؤدي في النهاية إلى تحطمها وانهيارها المادي والمعنوي، لأنها غير قادرة على التجاوز والتصالح مع ذواتها وواقعها من خلال فعل التسامح والغفران».

وأضاف الناقد ان «الرواية تمثل دعوة للانتباه لقوة (الكارما) وتأثيرها في حياتنا، وهي دعوة للتحرر من المشاعر السالبة من أجل الوصول إلى مرحلة السلام الداخلي الذي يقوم على الحب المطلق للذات وللآخرين على حد سواء. وغالباً ما يأتي الخلاص من الداخل وليس من الخارج»، مشيرا إلى ان الكاتبة قامت بمحاولة لاستباق الاعتراض والممانعة التي من الممكن أن تواجه تلقي الرواية في ثقافة عربية مسلمة، بسبب اعتمادها على مصطلحات فلسفية هندوسية وبوذية، فلجأت إلى شرح تلك المصطلحات الفلسفية من خلال النص القرآني والخطاب الشعبي الشفاهي في الثقافة المحلية، ففي النص الشارح الذي يسبق المتن الحكائي للرواية، توضح بوهناد أن (الكارما) ما هي إلا التمثيل الرمزي لدلالة آية قرآنية معينة.

دلالات

أضاف الطائي «غالباً ما تحمل مشاعر حب الذات دلالات سلبية في الخطاب الاجتماعي، تحيل إلى نزعات نرجسية وأنانية ذات طبيعة مرضية، ويسعى السرد في هذه الرواية إلى تعديل الصورة المغلوطة عن مفهوم حب الذات في الوعي الجمعي، من خلال الارتقاء الروحي الذي تحققه شخصية البطلة (مريم)، ولعل تلك هي حالة النيرفانا، التي تحضر في الفلسفة البوذية بوصفها حالة من السلام التام للروح بعد التطهر من جميع المشاعر السلبية.

إن الخلاص الروحي على المستوى الفردي لابد أن يؤدي إلى الخلاص الجمعي بالنتيجة، فالتراكم الكمي على صعيد الأجزاء سيعمل على إحداث تغير كيفي على صعيد البنية الكلية مع مرور الوقت». وعلى صعيد جماليات البناء الروائي، أشار الطائي إلى تعدد مستويات السرد من خلال عملية التأطير المزدوج للمتن الحكائي، إذ تقدم الكاتبة مستويين مختلفين للسرد يكتشفهما القارئ في نهاية الرواية، مرجعا القصد من وراء التلاعب بمستويات السرد، وتعدد الرواة والمروي لهم في المتن الحكائي إلى محاولة لفت انتباه القارئ نحو القوة التطهيرية للحكاية، أو الأدب بصورة عامة، وتحفيز المتلقي على التورط الوجداني والعاطفي، فمن خلال التماهي مع شخصيات الحكاية، ومن خلال الاستغراق في مشاعر الشفقة والخوف يصل القارئ إلى تفريغ شعوري وعاطفي ويتحرر من المشاعر السالبة، وهو ما أطلق عليه ارسطو في كتابه «فن الشعر»، «التطهير».

الأكثر مشاركة