مروان الرحباني: دبي محطة مثالية للعروض المسرحية العربية الكبرى. تصوير: باتريك كاستيلو

مروان الرحباني: «عَ أرض الغجـــر» متعددة الجنسيات

«نحن نكتب ونصنع مسرحاً.. وغير مسؤولين عن التأويل، والتفسيرات أو الإسقاطات السياسية».. تصريح استهل به مروان الرحباني بناء علاقة قطعية بين الإشارات والمحتوى السياسي في مسرحية «ع أرض الغجر»، المرتبط بالتغيرات في بعض بلدان الوطن العربي، بما فيها بلده لبنان، وبين المسرحية التي تستضيفها حديقة برج خليفة على مدار ثلاثة أيام، بدءاً من أمس وتستمر حتى الغد.

وقال الرحباني، في حوار مع «الإمارات اليوم» عن المسرحية، وهي من تأليف وتلحين غدي الرحباني «تصنيف المسرحية على الصعيد الفني أنها غنائية، وفي ما يتعلق بالمحتوى، فهي إنسانية اجتماعية، ولم تبدع المسرحية لنصرة أو معاداة سياسية، بل هي نتاج جدلية إبداعية بحتة، عبر لغة مرهفة قوامها الموسيقى والغناء، والقوالب النثرية المحكمة في سياق خدمة العمل، وليس شيئا آخر».

ووصف الرحباني «ع أرض الغجر»، بالمسرحية التي تحمل هماً إنسانياً خالصاً، وليس مبلوراً على الواقع اللبناني أو العربي، مستعيراً المصطلح المعروف أيضاً في الأوساط السياسية والأمنية الأممية «متعددة الجنسيات»، مضيفاً: «الصراع بين الإنسان والأرض، وفكرة مدى إمكانية الانتصار لأحدهما على الآخر، وطرح أسئلة من قبيل أيهما أهمّ: الأرض أم الإنسان، كلها قضايا لا يمكن أن تكون مرتبطة ببلد دون الآخر».

الاتجاه إلى عالمية المحتوى، برره الرحباني بعالمية قضية الغجر أنفسهم، مضيفاً: «هؤلاء القوم الملقبون بالغجر، والمعانون قضية الترحال والصراع على الأرض مع الغير بشكل دائم، هم موجودون في الكثير من البلدان، ويتمسكون بشكل دائم بهويتهم، رغم انسجامهم مع المجتمعات المحيطة بهم، هم موجودون في لبنان ومصر وغيرهما من البلدان في إفريقيا وآسيا والوطن العربي، كما يوجدون في اميركا اللاتينية وأوروبا، ويحافظون على لغتهم ونسقهم الاجتماعي، إلى جانب معرفتهم باللغات السائدة، ولديهم انتخابات دورية يأتون لها من كل أنحاء العالم، لينصبوا بديمقراطية ملكاً للغجر».

وأضاف الرحباني: «ربما يرى البعض أن السياق يوحي بمقارنة بين ديمقراطية الغجر وسواهم، وربما يتساءل المشاهد عن وهم فكرة النقاء العرقي، ويرى أننا كلنا في الحقيقة غجر، لكن في المحصلة لا يمكن فصل أي عمل إبداعي عن محيطه، وكل أسئلة أو افكار في هذا السياق ستكون ايضاً وليدة هذا الواقع، وليس النص أو العمل نفسه».

ورأى الرحباني ان المسرحية الغنائية تتجاوز جماليات الأوبرا وكذلك الأوبريت إلى آفاق أكثر رحابة، مضيفاً: «في سياقي الأوبرا والأوبريت حدوتة مصغرة، لكن في المسرح الغنائي فأنا أمام محتوى درامي وتراجيدي، كما أن (ع أرض الغجر)، تستعين أيضاً بالحوار النثري ليثري الحوار الغنائي السائد، ويمنح العمل مزيداً من التنويع».

وأكد الرحباني أن جميع الأغاني هي بمثابة لبنات وأعمدة أصيلة في جسم العمل، إذ لا يمكن فصل إحداها عنه أو استبدالها من دون أن يصيبه تشوه، أو سقوط، لتلتحم مع فنيات الإضاءة والديكور والاكسسوارات وتوظيف المجاميع وغيرها لخدمة مدلول النص، دون أن يكون ثمة توظيف مجاني لأي مفردة من مفردات العمل».

وحول تضاؤل عدد المجاميع في العمل، مقارنة بأعمال أخرى للرحابنة بعضها استضافته دبي مثل «المتنبي» و«زنوبيا»، قال الرحباني: «هذا الأمر أيضاً يحدده النص، فلا يمكن تعمد أن يكون ثمة حشود كهدف في ذاته، لكن المشهدية رغم ذلك تتحقق حتى حال غياب هذه الحالة من الإبهار المشهدي»، مشيراً إلى أن العمل يضم بين ممثلين وفنيين ما يقارب الـ‬70 شخصاً. ومقارنة بالعرض السابق أيضاً للرحابنة ضمن فعاليات العيد في دبي عبر مسرحية «عودة الفينيق»، رأى مروان أن تلك الحالة الكرنفالية التي تعيشها دبي عبر مهرجان التسوق تبقى محفزة أكثر باتجاه المسرح الغنائي الذي يتناسب مع التطلع إلى مزيد من المتعة التي تناسبالشرائح والأعمار كافة، مؤكداً أن المسرح العربي عموماً يبقى بحاجة ماسة إلى مشروعات كبرى بشكل دوري.

وقال الرحباني «من الممتع أن يشاهد الجمهور عبر مدرج يستوعب نحو ‬3500 شخص، ومسرح أعد لهم خصيصاً غجراً ينصبون خيامهم لثلاث ليال بجوار هذا المعلم الحضاري، وفي إمارة تعد من أكثر مناطق الجذب في العالم لنسيج اجتماعي ثقافي شديد التنوع».

وحول مدى ملاءمة العروض التي تتميز بكلفة إنتاجية عالية لأن تكون جماهيرية، قال الرحباني: «أنا ضد فكرة العروض المجانية بالمطلق، لأن الجمهور يجب أن يصل إلى مستوى ما من الحرص على متابعة العروض، فما دام المسرح هو أبو الفنون، فإن هـذا الأب حري به أن يقدر».

ونفى الرحباني أن يكون هو أو غدي يقف وراء غياب كارول سماحة عن العمل الذي يتم عرضه لأول مرة خارج لبنان، موضحا: «المـسرح هـو من يـفرض نجومه، لذلك فإن (ع أرض الغجر) نفسها هي من استبـعدت كـارول سـماحة وانحازت لإيلين لحود»، مضيفاً: «سينبهر الجمهور بأداء إيلين ابنة المطربة سلوى العطري».

الأكثر مشاركة