«بيت العنكبوت».. ‬3 مشاهــــد مسرحية «تربوية»

بثلاثة مشاهد فقط، تمكنت المخرجة خالدة مجيد أن تختزل تفاصيل تربوية متنوعة ضمن مسرحية «بيت العنكبوت» للمؤلفة الأديبة صالحة غابش، والتي جاءت برسائل توعية للشباب، من طلاب المدارس والجامعات، بمخاطر مجتمعية كثيرة قد يقع ضحيتها أبرياء دون قصد، منها المخدرات والسلاح الأبيض.

وتمكنت مخرجة العمل من خلال اعتمادها على أبسط الوسائل الاخراجية من ايصال كم هائل من الملاحظات ورسائل التوعية المباشرة وغير المباشرة منها لشريحة الجمهور المستهدف، كما ادخلت نوعاً خاصاً من الموسيقى التي توصف بأنها قريبة من الطابع التراثي والمحلي، وذلك لسهولة الوصول إلى قلب وعقل الشباب، كما يمكن من خلالها استمالة عواطفهم وتعزيز مفهوم الترابط المجتمعي.

وتدور أحداث المسرحية في اطار توعوي بمخاطر مجتمعية بدأت تظهر في الفترة الحالية وتنتشر بين فئات الشباب، وتحديداً المراهقين، منها استعمال السلاح الأبيض وتداول عقاقير طبية ممنوعة، منها الترامادول والأقراص المخدرة التي باتت تروج بين طلاب المدارس، وظاهرة هجر العادات والاتجاه لعادات دخيلة لا تمت للتقاليد والأعراف بصلة، ولا تليق بالمجتمع الإماراتي أو الدين الإسلامي.

‬3 مشاهد

بدر الرئيسي متعاون وعرّاب

من اللافت في مسرحية بيت العنكبوت تعاون الفنان بدر الرئيسي ومشاركته في معظم مشاهد المسرحية، كما كان الرئيسي أشبه بعراب العمل من خلال دوره المساعد للمجموعة، بل وتم الاعتماد عليه في تحفيز الشباب، كونه من المتطوعين الممتازين الذين يمكن الاعتماد عليهم في قيادة المجموعة.

كما وصف الكثيرون الرئيسي بأنه مشروع مخرج إماراتي جديد، إذا ما تم احتواؤه واعطاؤه الفرصة التي تساعده على النضوج، لاسيما أنه أجاد التعامل مع نص معقد يدور في حلقة مغلقة من خلال مشاركة في مهرجان المسرحيات القصيرة بمسرحية «مشاجرة جماعية» التي فازت في معظم جوائز المهرجان، منها أفضل عمل مسرحي وأفضل ممثل وأفضل سينوغرافيا.

ويحسب للرئيسي تناول مسرح العبث لأول مرة بطريقة كوميدية، على اعتبار ان هذا النوع من المسارح الذي هو صعب التناول، يتسم بالأسى والحزن الذي ينقل للمتفرج، إلا ان المخرج تمكن من تناوله بصورة راقية لم تخلُ من الابتسامة رغم بؤس الموقف.

يقدم المشهد الأول ظاهرة يعانيها الجيل اليوم، وهي التفريط في العادات والتقاليد الاسلامية والمجتمعية، إذ يظهر الممثل في دور شاب مستهتر لا يهتم بأحد سوى نفسه ومظهره الخارجي، من خلال ارتدائه ملابس دخيلة على المجتمع المحلي والكثير من الحلي والإكسسوارات من خواتم وسلاسل وأساور لليد، ولا يكتمل الشكل الغريب إلا بالوشم الذي شوّه مناطق من جسده، بذريعة أنها موضة الجيل ومن لا يتبعها يوصف بالتخلف.

أما المشهد الثاني فظهر رجل الأعمال الناجح الذي يسعى إلى تأمين حياة أسرته والاهتمام بتوفير العيش الكريم لهم، والحفاظ على مستقبل ابنه، الذي يكتشف في أحد الأيام أن والده كان في صغره أحد الشباب الضالين الذين ينتمون لعصابات تمارس أعمالاً لا أخلاقية وغير قانونية، فقد كان يكثر استخدام السلاح الأبيض لدرجة أنه اشترك في إحدى المرات في مشاجرة بين شباب المنطقة وطعن جاره، وبالتالي قضى عقوبة السجن.

عقار ممنوع

فيما جسد المشهد الثالث ظاهرة باتت واضحة ومنتشرة بين أوساط طلاب المدارس، وشددت على مكافحتها الجهات الأمنية والحكومية، وهي تداول أقراص الحبوب والعقاقير المخدرة، منها عقار الترامادول الممنوع، الذي صار رائجاً بين فئات عمرية صغيرة وفي أيدي طلاب ومراهقين، استُخدموا من قبل تجار وعناصر تعمل في الخفاء ليتمكنوا من الحصول على الأموال وحصة من هذا العقار الذين أدمنوا عليه.

وتقدم المشاهد الثلاثة في قالب توعوي وصراع بين قوى الشر والخير الذي ينتصر في كل المشاهد، ففي المشهد الأول يقوم الأب بنصح ابنه وارشاده إلى الطريق الصحيح، وابعاده عن التشبه بالغرب في الصفات التي هي في الأصل غريبة عن المجتمع ومنافية للأعراف والتقاليد والدين، اما المشهد الثاني فيسعى رجل الأعمال إلى تبرئة نفسه من التصرفات التي كان يمارسها في صغره، وينصح ابنه بأن طريق الشر لا ينتهي إلا بالسجن وضياع المستقبل، بينما في المشهد الثالث يتمكن الطالب الواعي من التخلص من محاولات زميله المدمن ومروج الحبوب المخدرة وفضح أمره، واحباط محاولة جرّه للهاوية، بعد الحاح المروج بتناول القرص الذي أوهمه بحل مشكلات الدراسة والصداع وفقدان التركيز، إلا أن الأخير كان واعياً لذلك، ورفض تناول تلك الأقراص.

معالجة للنص

إلى ذلك، قالت مخرجة مسرحية بيت العنكبوت خالدة مجيد لـ«الإمارات اليوم»، إن «المسرحية تربوية تحمل رسائل توعية منها المبطن ومنها المباشر، وتستهدف فئة الشباب بمختلف الأعمار، وتحديداً طلاب المدارس، إذ تمكنت من معالجة النص الذي يحمل تفاصيل دقيقة وعميقة للمؤلفة الأديبة صالحة غابش، بطريقة بسيطة ووسائل خالية من التعقيد، إذ اعتمدت على اللغة والممثل، ولم أطبق أي نوع من المؤثرات، خصوصاً أن الانسان أفضل من يوصل ويؤثر في المتلقي، على اعتبار ان الانسان المستهدف».

لافتة الى أن «العمل المسرحي تطلّب تنفيذه والاشتغال عليه مدة شهرين متواصلين، إذ قمت بتنفيذ ورشة عمل متخصصة في النطق السليم والسلوك الجسدي لكل الممثلين المشاركين في العمل، رغم أنهم مجموعة جيدة إلا أن الاشتغال عليهم سيستمر في الفترة المقبلة».

وحول الأسلوب المتبع في عرض المسرحية، أكدت مجيد أن «الاعتماد على اسلوب المشاهد المنفصلة يعد أسلوباً جديداً يعتمد عليه المسرح العالمي في ايصال رسائل توعية للفئة المستهدفة بقالب تربوي خالٍ من وسائل الضغط أو الترهيب، كما تم الاعتماد على بقع الضوء التي تركز على الممثلين، وذلك لأن الاعتماد في العمل ينصب على الممثل والانسان في الأساس».

الأكثر مشاركة